سعد الحفاشي
أتساءل ويتساءل غيري ما ذنب أولئك العشرات من طلاب وطالبات المنح الدراسية الداخلية الذين تهددهم جامعة العلوم والتكنولوجيا بالطرد والحرمان الكامل من مواصلة تعليمهم الجامعي في أي من كلياتها بسبب تلكوء وزارة التعليم العالي ومماطلتها في عدم تسديد الرسوم الدراسية المقررة على مقاعد هؤلاء الطلاب والذين يفترض أن يحظوا باهتمام خاص وعناية قصوى باعتبارهم أوائل الجمهورية في امتحانات الثانوية العامة، وممن تلتزم الدولة بتوفير منح دراسية خاصة في أفضل الجامعات بالعالم، لا في جامعاتنا الخاصة باليمن، فهؤلاء كانت منحهم الدراسية مفترضة أن تكون في الخارج على حساب الدولة شأنهم شأن أبناء الوزراء وكبار المسؤولين، لكنهم ولسوء حظهم أجبروا على قبول منح داخلية داخل هذه البلاد وتم اختيار جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء ملاذاً لهم لإكمال تعليمهم الجامعي تحت مبرر شحة الميزانية وقلة النفقات المحددة للمنح الدراسية.
ورغم أنهم رضوا بالأمر الواقع وتم التحاقهم بهذه المنح الداخلية التي لا تكلف الدولة سدس ما تكلفه أعباء المنح الخارجية فإنهم الآن قد أصبحوا عرضة للضياع كل يوم يتلقون إنذاراً بالطرد والحرمان من الدراسة بسبب مماطلة وزارة التعليم العالي ومساوفتها الطويلة في الوفاء لجامعة العلوم والتكنولوجيا بالرسوم الدراسية المقررة على هؤلاء الطلاب والطالبات والذين نجدهم الآن جماعات متكومة على قارعة الطريق أمام بوابة وزارة التعليم العالي يتظاهرون سلمياً للمطالبة بصرف الرسوم المطلوبة من التعليم العالي للجامعة حتى يتمكنوا من الاستمرار في الدراسة ويتوفر لهم الاستقرار النفسي اللازم ليتمكنوا من التفرغ لدراستهم ومذاكرة دروسهم بعد أن أصابتهم تلك الإنذارات والتهديدات الكثيرة التي يتلقونها كل يوم من إدارة جامعة العلوم والتكنولوجيا والتي تتعمد ابتكار هذه الأنواع من الإجراءات للضغط على الجهات المختصة لسرعة تسديد مستحقاتها المالية من الرسوم الدراسية الواجبة عليها لهؤلاء الطلاب الأبرياء الذين نكبوا بهذه الجامعة وتعسفاتها وبوزارة التعليم العالي وعجزها وأصبحوا عرضة للضياع.
إن ما حدث يوم أمس الاثنين أمام وزارة التعليم العالي من اعتصام مصغر لجماعات طلاب وطالبات المنح الداخلية الملتحقين بجامعة العلوم والتكنولوجيا لأمر خطير وبدعة من البدع المقلقة والمثيرة للاهتمام والتساؤل بل والمحاكمة لوزير التعليم العالي ومسؤولي وزارته، فمشهد ذلك الاعتصام الحزين لهؤلاء الطلاب والطالبات يثير الحزن والبكاء وهم وقوف على قارعة الطريق ينتظرون نظرة عطف وشفقة من وزير التعليم العالي لإخراجهم من محنة الضياع التي أصبحوا يقاسون من مخاوف حدوثها بعد أ ن قررت جامعتهم توقيف نتائجهم الدراسية وتعليق أمر استمرارهم في الدراسة لحين صرف الرسوم المقررة عليهم، فبالله عليكم أي ضياع قد كتب على هؤلاء إن أصرت وزارة التعليم العالي على تطنيشها وإهمالها في تأخير صرف رسوم المنح الدراسية الخاصة بهؤلاء الطلاب لشهور وسنوات أخرى قادمة؟ وكيف سيكون مصيرهم في ظل إصرار جامعة العلوم والتكنولوجيا على موقفها في إقصائهم نهائياً من الجامعة ما لم يتم صرف تلك الرسوم؟
وهل من المعقول أن يواجه هؤلاء الطلاب والطالبات ذلك النوع من المعاملة القاسية وسياسة الضغط والتخويف النفسي لأسباب لا دخل لهم بها؟
ولماذا وزارة التعليم العالي وقبلها وزارة الإحباط "المالية" تتجاهل أمر هؤلاء العشرات من الطلاب والطالبات والذين مضى على التحاق معظمهم في هذه الجامعة عدة سنوات وأصبحوا الآن في مستويات دراسية متقدمة؟
وإلى متى تظل رجاءات وتوسلات هؤلاء الطلاب لوزيري التعليم العالي والمالية مستمرة عاماً بعد عام للسبب نفسه وتظل مناشداتهم تتكرر حيناً بعد حين لرجاء إنقاذهم من حالة الضياع وأعباء الضغط النفسي الذي تتفنن جامعتهم بابتكار طرقه ووسائله بقصد الضغط على من لا يهمهم نجاح أو ضياع هؤلاء في وزارة التعليم العالي أو وزارة المالية؟
إنه كلام مثير وهام جداً طرحه أحد المارة من جوار جماعات هؤلاء الطلاب والطالبات المعتصمين أمام وزارة التعليم العالي حيث قال:"أن هؤلاء الطلاب بالكامل لو كان منهم واحد أو واحدة ابناً للوزير باصرة أو الصهيبي أو أي أحد من الوزراء لما حدث لهم ما حدث وما شاهدناهم وقوفاً في هذا المكان لأنهم كما يبدو أبناء ناس غلابة وليس فيهم من أبناء كبار المسؤولين.
هذا الكلام المثير جداً جعلني وجعل الكثيرين ممن تابعوا حدث اعتصام هؤلاء الطلاب يستغربون حالنا في هذه البلاد وكيف يهمل أبناؤها على أتفه الأسباب ولا يراعى لهم أي حق من الحقوق مهما كان ذلك الحق واجب لهم.<