;

أوراق من ذكرياتي ..الحلقة «46» 982

2009-04-02 04:37:38

سألني عن علاقتي بالأستاذ أحمد نعمان فقلت: هو الأب والحكيم وصانع الحركة الوطنية لا أستطيع الابتعاد عنه سألني: هل لك علاقة بالسفير السعودي والعراقي ؟ أجبته: نعم، وعلاقتي بتلك السفارات الأجنبية والعربية، ومن واجبي أن أتواصل معهم، وأحضر المناسبات وأزورهم، وأتبادل معهم المعلومات الثنائية والعربية وغيرها، هذا عملي وواجبي،وقد مارسته وكان ردي على كل الأسئلة والمهام التي يجب أن أمارسها ، لأنني تعلمت في مدرسة الأستاذ أحمد نعمان و القاضي عبدالرحمن الإرياني وحسن العمري وعبدالله السلال وحمود الجائفي ومحمد علي عثمان تربيتنا كانت مع هؤلاء سياسياً وأخلاقياً،مع رجال لهم تاريخهم في الحركة الوطنية وتأسيس الدولة ولم نكن في السلطة والمسؤولية مع شخصيات متآمرة استلمت السلطة في غفلة من الزمن ولمن ليس له دور في القضية الوطنية ووصل إلى الحكم بالتآمر ونكث العهود، تعلمت العمل الدبلوماسي والسياسي بأخلاقياته وقواعده ولياقته، ولم أكن متطفلاً عليه أو باحثاً عن وظيفة لا تعتمد على الأخلاق والقيم ، وهذه هي إجاباتي عن أسئلة الرئيس إبراهيم الحمدي في تلك المقابلة القاسية.

(مقابلة الغشمي )

إن العلاقة التي تجمع الرئيس إبراهيم بزميله رئيس الأركان المقدم أحمد الغشمي لا تسودها الثقة ؛ ولهذا استدعاني إلى مكتبه بعد المقابلة الصريحة والقاسية مع الرئيس لكي يعرف ما دار بيننا ، لأن كلاً منهما يراقب الآخر ويتابع أخباره ، وفي مقابلتي معه حاولت أن أتلمس ما لديه أولاً وكان ودوداً في تعامله معي بالاحترام والزمالة والصداقة ، وسألته : كيف وضعك ؟ كيف عملك ؟ وواصلت الحديث معه ، قلت له : الهم إذا كنت مطمئناً وواثقاَ مما تعلمه فنحن بخير وفي نهاية المقابلة قلت له : إن شاء الله لا يحدث أي تغيير في القيادة. أو حيت له بشكل أو بآخر باحتمال تغييره وفهم المغزى من كلامي ، وعلق على كلامي ، وقال : لا تقلق أنا منتبه بعقلي وحسي ، ولدي كل المعلومات ، قلت له نحن قلقون عليك وعلى أنفسنا ، أجاب : ما دمت أنا بخير والله ما يمس أحد منكم بسوء بمن فيهم الذين في خمر وصنعاء والقاهرة ،ولا يقدر إبراهيم الحمدي أن يمسكم بسوء في وجودي. قلت له : وإذا عمل شيئاَ ضدنا أو ضدك فماذا ستفعل ؟ قلت : والله عندما يتحرك ما يعرف إلا وجنازير الدبابات !! لا تقلق. سألته : ماذا أعمل الآن ؟ قال : لا تقلق ، ولدي إحساس أن ثمة شيء ما. ثم أعلمني أن إبراهيم أبلغة بالسفر إلى الإمارات في زيارة رسمية يوم الاثنين ، قلت له : سمعت أنه سيغيرك خلال سفرك. واستدار بقلق ، وقال: من أخبرك؟ قلت : أنا أنبهك ، هذا ما ألمسه، وما سمعته خلال وجودي في هذه المدة القصيرة في صنعاء. أجاب : ( لا تقلق عاد الوقت أداء ).

وكنت قلقاَ من سفره ، لأنه الوحيد القادر على منع الرئيس إبراهيم الحمدي من التصرفات الغوغائية معي ومع الكثيرين من الزملاء. . وقال لي: إذا سافرت عليك أن تغادر صنعاء ، لا تتأخر. أجبته : أنا قلق عليك أيضاًَ ، فقال : لا تقلق علي إذا سافرت ، ما زال الوقت مبكراًَ ، وعلى كل حال الأمور بيدي ، لن يعملها الآن ، وبعد أن علمت بسفره علمت بنصيحته وغادرت صنعاء بالطريقة الممكنة إلى خمر ثم السعودية ثم إلى القاهرة، وعلمت أن الاتجاه لدى الرئيس الحمدي اعتقال بعض الشخصيات السياسية والعسكرية ، وقد اتخذ القرار في الاجتماع الذي حضره عبد الله عبد العالم وعلي قناف زهرة وعبد الله الحمدي وأخرون ، واتفقوا على حملة الاعتقالات لعدد من الشخصيات السياسية والعسكرية ممن يرونهم ضد النظام ،ومنهم يحيى المتوكل وعبد الحميد الحدي ومحمد الرباعي ، أولاد العذري ، أولاد دويد ، حمود الصبري وغيرهم تسأل أحدهم ما السبب الذي يبرر اعتقال الأخ حسين المسوري وهو في القاهرة ؟ أجاب أحدهم : يقع له (( ليل أكله!)). وبناءً على ذلك قررت الخروج من صنعاء براًَ إلى خمر ورافقني في الخروج الأخ عبد الملك عقبة الذي سجن بعد عودته إلى صنعاء ، كما رافقني الأخ علي عقبة إلى القاهرة. وبعد أن وصلت خمر بعثت برسائل لكل الإخوان الذين في قائمة الاعتقال بواسطة بعض الأصدقاء والأقارب ، وتوجهت إلى منزل الشيخ عبد الله الأحمر ، وعند مقابلتي له قال : هذا هو المتوقع أن تسجن أو غير ذلك. وجرى اعتقال الآخرين بعد خروجي من صنعاء، ومكثت في خمر 3 أيام وتدارسنا الأوضاع ،وطلبت من الشيخ عبد الله أن يدعو إلى المصالحة مع الرئيس إبراهيم ، ونصحته بذلك ، وأكدت على أهمية المصالحة والعمل على عدم تصعيد الخلافات التي قد تؤثر في سلامة الوطن وأمنه واستقراره. . لأن كل الأوراق السياسية والعسكرية والاقتصادية أصبحت بيده وأن المعارضة المبكرة سوف تتعرض للخطر.

تطور الخلاف والتصعيد من يوم إلى آخر، والمؤلم أن الأعداء للثورة والجمهورية كانوا يوسعون الخلاف ، ويراسلون بعض المشايخ الذين لهم خلاف مع النظام للتصعيد ، وأبلغت الشيخ عبد الله بأني سأعود إلى القاهرة ، لأن بقائي غير مفيد ويزيد الشكوك وتعقيد الأمور ، فوافق على ذلك وتوجهت براًَ إلى صعدة مع بعض الإخوة المشايخ وهم : المرحوم علي شويط ويحيى الحسيني وحسين الدولة وعدد من المرافقين. وحينما وصلنا إلى صعدة استقبلني الشيخ فيصل الصربي رحمه الله والشيخ فايد مجلي وحسين الصربي وحسين قايد مجلي ، ونزلت ضيفاً على الشيخ فيصل في بيته ، وتمكنت من الحصول على جواز سفر عامل من إدارة الجوازات في صعدة للدخول إلى السعودية من دون تأشيرة. وكان وضع النظام والإدارة في محافظة صعدة في فوضى وعدم سيطرة من الدولة، لأن حدود الدولة ينتهي من الأزرقين بضع كيلو مترات خارج صنعاء شمالاَ ، ومعظم المناطق لا وجود للدولة فيها ماعدا بعض الموظفين المحبطين في أعمالهم من التصرفات الهوجاء التي تمارسها الدولة ، وغير قادرين على ممارسة أعمالهم ، ومما يؤكد ذلك أنني حصلت على سفر جواز عامل وواصلت رحلتي بعدد من المرافقين من آل العوجري من وائله إلى البقع ، واستقبلني في البقع الشيخ محمد بن شاجع رحمة الله وعرض على الدخول إلى السعودية من نقطة الجمارك ، أو من أي مكان أحب ؟ قلت له : أحب أن أغادر البقع أولاً ثم أدخل المملكة من الطريق الحدودية الرسمية ، لأن المتابعة من النظام والقيادة العسكرية في البقع مكلفة باعتقالي ، وقبل مغادرتي صنعاء لم أتمكن من الحصول على تأشيرة الخروج من السفارة السعودية، رغم محاولتي للحصول عليها قبل السفر ولم أوفق بسب موقف صالح الهديان الملحق العسكري السعودي. وحينما وصلت النقطة السعودية صادف يوم جمعة عطلة ، وكان الأمير خالد السديري الرجل العظيم خارج الإمارة في نجران ، ومن ثم فالدخول بالجواز الدبلوماسي من دون تأشيرة من السفارة السعودية بصنعاء أمر غير ممكن ، ولا بد من أخذ موافقة الأمير خالد ، فانتظرنا إلى المساء حتى عاد، وحينما علم أرسل إلى وكيله ( بن عليان) وكيل إمارة نجران واستقبلني واستضافني استضافة رائعة ، وفي اليوم الثاني غارت معه إلى جدة بطائرة خاصة ومكثت فيها ثلاثة أيام. شرحت للأمير خالد ما حدث لي من أوله إلى آخره لما تربطني به من صداقة ومعرفة خاصة بعد المصالحة الوطنية ، وهو من أهم رجال المملكة السعودية ، وعلاقته باليمنيين واسعة ، وهو موضع احترام من جلاله الملك فيصل لعقله ورجاحة تفكيره ، وتحدثت معه طويلاًَ حول الأوضاع في اليمن والمخاوف التي أتوقعها ،وكان له نظرة متشائمة من الرئيس إبراهيم ،ولديه كل المعلومات من أخيه مساعد السديري السفير في صنعاء ،ومن غيره من الشخصيات اليمنية وهو قلق من النظام الاشتراكي الشيوعي في الجنوب الذي قد يؤثر على الشمال وتصبح اليمن شمالاً وجنوباَ دولة شيوعية مجاورة لهم.

علاقة الحميد بالمملكة

كان موقف المملكة إيجابياً مع النظام الجديد بزعامة إبراهيم الحمدي الذي وعدهم بأنه سيكون الابن الطائع والصالح. ثم انقلب عليهم بعد تصفية زملاء حركة 13 حزيران / يونيو، وكان الإخوة في المملكة يعتقدون عن ارتباطه مع القوميين والناصريين، واستطاع في وقت قصير أن يتخلص من زملاء الحركة ويتجه نحو النظام المتطرف اليساري في الجنوب، وهنا تغير موقف الإخوة في المملكة، وأدركوا أن الرجل غير صادق في تعاونه معهم، وأصبح لديهم قلق من تحركاته والتوجه نحو اليسار.

بعد عودتي إلى القاهرة بأيام عين سفيراً خلفاً لي، من أصدقاء الرئيس الحمدي المقربين، وكان دبلوماسياً في السفارة.

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد