;

مجلس النواب ومعركة استباق الاستحقاقات ..!! 845

2009-04-04 03:37:43

طه العامري

بدت قضية الخلاف بين السلطتين القضائية والتشريعية تعبيرا صريحا عن غياب الوعي الدستوري والقانوني لدى بعض المؤسسات السيادية الوطنية خاصة داخل مجلس النواب الذي يفترض به أن يكون أكثر إدراكا لكل النصوص الدستورية والتشريعية وأكثر من يعمل ويناصر السلطة القضائية ورسالتها ودورها , إذ من غير المعقول ولا الممكن أن ينشب خلاف بين مجلس النواب والسلطة القضائية على خلفية تمسك بعض النواب برؤاهم وبفهمهم للقانون والدستور ورؤيتهم لدور السلطة القضائية وواجباتها , فالمجلس وبغض النظر عن القضية التي تعنيه حسب المعطيات الراهنة فإنه مطالب باحترام دور ومكانة السلطة القضائية وما يصدر عنها باعتبار السلطة القضائية مرجعية سيادية ودستورية وقانونية وهي صاحبة القرار الفصل في كل ما نختلف عليه ومن أجله , لأن الخلاف الذي فجره _مجلس النواب _ والتهديدات التي أطلقها ضد وزير العدل والمتضمنة سحب الثقة عن الوزير لمجرد أن الوزير تمسك بالدستور ونصوصه وقرر الانتصار للنصوص الدستورية وانحاز لصف القضاء وسلطاته ودستورية ورسالته , وهذا يفترض الموقف يحتم علي نواب (الشعب) تقدير هذا الوزير وتثمين دوره وموقفه وتمسكه بالدستور وبدور ورسالة السلطة القضائية ومؤسساتها وأجهزتها ودورها الذي يجب أن تؤديه بكل ثقة وحرية وبعيدا عن التأثير والتأثر والتوظيف أو توجيه قناعات القضاء ورسالته باتجاهات غير اتجاه تحقيق العدالة , في الوقت الذي يفترض فيه على المجلس ونوابه إدراك معطيات اللحظة وظروفها وتداعياتها , خاصة في ظل الجدل السائد الذي يطال شرعية المجلس ومدى تمتعه بالشرعية الدستورية من عدمها علي ضوء التمديد الذي للمجلس وهو الذي أثار الكثير من الجدل واللغط ولم يفصل بعد في شرعية المجلس من عدمه وهذا الأمر في الأخير مرده للقضاء , وهو ما يفسر هذا الموقف الذي وقفه المجلس وحاول من خلاله استباق حصيلة الجدل القائم وموقف القضاء منه ومن فترة التمديد وما إذا كان التمديد دستوري أم لا , نعم هكذا يفسر موقف المجلس من قضية اغتيال الشيخ الشهيد / أحمد منصور الشوافي مدير مديرية خدير , إذ يحاول المجلس من خلال صدامه مع السلطة القضائية وتهديد وزير العدل بسحب الثقة عنه كسب معركة الشرعية الدستورية واستباق قرارت ومواقف القضاء من التمديد علي ضوء الحراك السياسي والقضائي والقانوني الذي يقوم به الكثير من أبناء الوطن والذين طرقوا أبواب القضاء بحثا عن إجابات شافية حول شرعية التمديد وشرعية المجلس , وبما أن القضاء هو صاحب الكلمة الفصل فقد اتخذ المجلس من قضية مقتل الشوافي والقبض على أحد أعضاءه فرصة للهجوم على السلطة القضائية واستباق مواقفها أو الوصول إلى ما يمكن وصفه بالصفقة التي ربما يسعى لها المجلس لاكتساب الشرعية الدستورية عبر القضاء وهو ما لا يمكن التوصل إليه أو تحقيقه لكن المجلس يقود المعركة بهذا الاتجاه وهذا ما تفسره مواقف وردود أفعال بعض النواب الذين اصطفوا في مواجهة السلطة القضائية وهم بهذا الموقف تجاوزوا صلاحياتهم الدستورية والتشريعية فالسلطة القضائية لا سلطة عليها وهي مستقلة بحكم الدستور والقانون وبحكم الصلاحيات المخولة لهاء وثمة أطر محاسبية يمكن أن تتولى مهمة مساءلة المشتغلين في المؤسسات القضائية وأجهزة الضبط القضائي لكن لا يحق لمجلس النواب أن يصادر دور وصلاحيات السلطات القضائية أو التدخل في مهامها والتأثير عليها تحت أي مبرر كان أو ذريعة أو دافع ..

أننا أمام معركة دستورية وقانونية وقضائية تتصل بدستورية وشرعية المجلس وهذا هو الدافع الحقيقي للمجلس الذي يحاول فرض رؤيته وتفسيره للدستور والانتقاص من دور السلطة القضائية فإذا تمكن من تحقيق هذه الغاية فأنه بهذا الانجاز يكون قد فرض وصايته علي الدستور والقضاء والبلاد والعباد , وأصبح وفق هذا هو المرجعية الشرعية والسيادية في البلاد وهو صاحب القرار الفصل وبالتالي تسقط عنه حالة الاشتباه بعدم شرعيته أو دستوريته , ولهذا نجد أن موقف المجلس أخذ بعدا سياسيا أكثر منه دستورية أو قضائية أو قانونية وليس ثمة تفسير آخر يمكن أن نصف به موقف المجلس أو نسقطه عليه ..!!

لكن هذا الموقف يحسب على المجلس وليس له , فالموقف الذي وقفه المجلس ليس لصالحه ولا يخدم حقيقة وجوده ودوره فهو سلطة تشريعية ورقابية وبالتالي عليه أن يقدم رؤيته وتفسيراته لكنه غير مخول بتنفيذها وخاصة بهذه القضية التي جعل منها الشماعة لاستعراض بطولاته وتحديد صلاحياته ومعرفة المدى التي قد تصل إليها مع أن هناك قضايا كبيرة وخطيرة وتدخل في صلب صلاحيات واختصاصات مجلس النواب لكنه لا يعيرها اهتماما يذكر ولا يتفاعل معها رغم خطورتها ومنها علي سبيل المثال قضية (صعده ) وتمرد الحوثي وقضية ما يوصف ويسمى ب( الحراك الجنوبي) وما يحدث في محافظة ( أبين) وقضايا أمنية واجتماعية واقتصادية خطيرة منها (الفساد) و( التهريب) والذي يشمل السلع والأفراد , قضايا كثيرة يفترض أن يثيرها مجلس النواب ويفترض أن يبصر بهاء السلطة القضائية وأجهزتها ويعمل علي مناصرتها وتمكينها من القيام بدورها وبواجبها , لكن مجلس النواب ترك كل هذه القضايا رغم خطورتها ووقف أمام قضية هي الأخطر من حيث الموقف الذي وقفه المجلس منها ومن حيث طريقة إدارته لها والتعاطي معها ومن ثم توظيفها بالطريقة التي نتابعها وبصورة تفقد هذا المجلس ليس الشرعية الدستورية بل مبررات الوجود إن كان سيقف حجرة عثرة أمام تطبيق العدالة والدستور والقانون بذريعة الانتصار لحصانة (نائب) وجد في مسرح الجريمة وكان في ذات المسرح ويعرف المئات إن لم يكونوا الآلاف هذه الحقيقة وإن كانت الشريعة الإسلامية تجزم قاطعة بأن (شاهدين اثنين) يقصوا رقبة فأن لم يكونوا من ذوي الثقة المطلقة فأربعة شهود كافية , فأن في القضية التي أمامنا هناك المئات الذين يعرفوا الكثير عن الجريمة ويمكن التوقف أمام شهادتهم إحقاقا للعدالة فالأمر ليس تثبيت جريمة ولا نريد هذه الوسيلة والطريقة بل الأمر يتصل بإحقاق العدالة والتدقيق في كل دوافعها وأبعادها وتفاصيلها وهذه مهمة القضاء وأجهزة الضبط القضائي وهناء يجب أن تكون السلطة القضائية هي الجهة التي بيدها كل تفاصيل الفعل ورد الفعل ويجب أن تقوم بدورها وتمارس مهامها بعيدا عن التأثير والإيحاءات المبطنة والصريحة وبعيدا عن التدخل بشئونها وفي مجريات القضية ومسارها إحقاقا للعدالة وإعادة الاعتبار للسكينة الاجتماعية ولتحقيق قانون وإعماله حتى لا تكون فتنة ويكون مجلس النواب سببها وعنوانها ..!!

وهنا لا بد لنا من أن نحي مواقف السلطة القضائية بدءاً من موقف مجلس القضاء الأعلى مرورا بموقف النيابة العامة بكل مستوياتها وصولا لمواقف الأخ الدكتور / غازي الأغبري وزير العدل الذي برزا ليثا في محراب العدالة فكان محل ثقة وحارس أمين للدستور وللقانون ولدور ولمكانة السلطة القضائية ويكفينا ترحيبه بالعزل وسحب الثقة علي يد المجلس إن كان ثمن بقائه وزيرا هو مخالفة الدستور وهذا الموقف الشجاع والصارم والرادع يحسب للأخ وزير العدل وله من كل الوطن اليمني بكل امتداده كل التحية والشكر والتقدير وليدوم لنا حراسا وللوطن حصنا منيعا وهامة شامخة في خدمة النظام والقانون..

ameritaha@gmail.COM

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد