عبدالله سعيد بلعيدي المرقشي
بتقدير كبير للشيخ طارق واحترام لا حدود له لمواقفه الشجاعة في وقت الحرب والسلم والتي تجسدت في قوله الحر ومشاركته في حرب 94م إلى جانب الشرعية والأرض تشهد على دمه الزكي في أرض المعركة وهذا ما يسجله له التاريخ.
ولكن آرائه العمومية في صحيفة "الأيام"، أتفق مع بعضها واختلف مع أخرى والتي تختلط فيها الأوراق فالفساد والاستحواذ على الخيرات المادية دون توزيعها بشكل عادل وتجاوز المال العام إلى الشخصي أصبح ظاهرة خطيرة في اليمن وقد يفتح ملفها مستقبلاً يوماً ما وهذا ما اتفق مع الشيخ طارق في هذا الرأي ولكن من هو المسؤول؟ هل هي القيادة العليا وحدها؟ وهل هم أبناء المحافظات الشمالية فقط والجنوبيون أبريا وهذا ما ينبغي أن نتفق فيه حتى نكون منصفين وحتى لا تختلط الأوراق فالرموز المفسدة في الإدارة الوسطى والدنيا هم خليط من المحافظات الشمالية والجنوبية وهذا ما يستدعي من الشيخ طارق أن لا يصنف المجتمع اليمني مناطقياً شياطين وملائكة فالله سبحانه وتعالى يحاسب المذنبين ويجازي المؤمنين ولا يجعل الكل في دائرة واحدة وهذا ما ينبغي اعتماده عند اتخاذ المواقف كما أنه ليس من العدل أن نحمل القيادة العليا كل السلبيات فهي قد لا تعلم بتفاصيل الفساد وإذا علمت أرسلت أفضل كوادرها النزيهة والمشهود لها بالكفاءة ولكنها سرعان ما تموت أفكارها أمام بنية إدارية متماسكة وهذا ما يتوافق ومع فكرة الكاتب نجيب محفوظ والتي مفادها أن أحد الأذكياء أراد أن يحكم أرض يشرب أهلها من نهر مائي وجعلهم معتوهين وأوقد إليها ذلك الذكي اعتقاداً منه بأن حكم المعتوهين من أسهل الطرق ولكن اكتشف أن حكم المعتوهين من رابع المستحيلات وحتى لا يكون شاذاً شرب من نهرهم وأصبح معتوهاً مثلهم وهكذا أصبح الإصلاحيون في إدارات فاسدة بمثل الذكي في أرض المعتوهين.
ومن هذه المعطيات فإنني أعتقد أن السياسي المخضرم قبل أن يعلن عن موقفه ينبغي أن يعتمد على العقل وتحليلاته وعلم الاحتمالات ودورة الزمن والتي تقودها الأقدار وفق مبدأ تبادل الأيام ويستخلص منها الرجل السياسي المتغيرات الكونية من خلال مؤشراتها الأولى ويواكبها إن أراد النجاح.
ولهذا فإن الفساد وانتشاره هو ابتلاء قدري فالنظرية العلمية تقول إن الأيام تتبادل بين الأشرار والأخيار في إدارة الدولة وإذا اختلط النموذجان في إدارة المجتمع فإن الفساد يسود البلاد وتختلط الأوراق للممنوع والمشروع وتستباح القيم والأخلاق والقوانين وأحكام الدين حتى تفصل صفوة المجتمع وزعيماً بين النموذجين وإذا فشلت يستولي الشرير على نقيضه وتدخل الأقدار الجبرية بفرض البديل الجديد للنموذجين وهذا ما تنذر مؤشراته في واقع اليوم ويتحقق التغيير بالسلم وليس بالعنف وهذا ما ينبغي أن يدركه الصديق العزيز الشيخ/ طارق أن الرجل السياسي الناجح ينبغي أن يعرف أن الأقدار بإرادة الله تختار رجل القيادة بسلطان من الخالق وإذا تمت إزاحته لأدنى سبب حتى ديمقراطياً قبل جدولة الزمن المقرر قدرياً قد تتمزق القيادة لأوصال البلاد والمجتمع حتى تختار الأقدار البديل بعد صراع طويل وهكذا كانت روما بعد سقوط قيصر ودفع الثمن بروتاسي وزملاؤه "BROTACE" عندما تمزقت روما وتمزقت ألمانيا حتى وحدها بسمارك "BSMARK"، وهكذا يعلمنا التاريخ ودورة الأقدار والتي بموجبها تتغير الأمزجة بواسطة الشعاع البنفسجي السموي المنذر بالتغيير والمرجع كتاب "العلم الشاذ" هذا هو الدليل السياسي الناجح لكي يتخذ مواقفه من خلال ما يستخلص من علم العقل وعلم الأقدار في متون الحكم والشيخ طارق جدير باستيعاب هذه المفاهيم وزمنها والذي لم ينضج بعد.