شكري عبدالغني الزعيتري
بالأسبوع الماضي بالفترة ما بين بتاريخ 28 30 / مارس 2009م عقدت القمة لجامعة الدول العربية وبالاجتماع اجتمع المجتمعون من رؤوسا وملوك الدول العربية في دوحة ( قطر ) الأبية. . هذه قطر ودوحتها رغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها إلا أننا نفتخر بها وبأميرها وشعبها عربا. . . ورغم بدانة أميرها التي تعيق حركته ليقوم بنفع أكثر للأمة العربية من خلال بذله المزيد من الجهود إلا أننا رغم بطئ الحركة وقلة الثمار وعدم نضجها نحمل له الحب والاحترام والتقدير لما تحلي به من شجاعة أظهرها تجاه قضايا عربية ومحاولة الإصلاح ذات البين. تلك الجهود ومحاولات الإصلاح التي كانت كثير ما تغضب الأعداء إلا أن أمير قطر لم يأبه بهم فأضحت لنا شجاعته وإقدامه منقطع النظير أن تتوافر لدى زملائه من الملوك والرؤساء الآخرين. . والذين غالبيتهم أجهدوه بان عملوا علي استنفاد طاقته في الصلح بين هذا وذاك (فمشكلة لبنان بين الحكومة والمعارضة اللبنانية. . ومشكلة السودان بين الحكومة وحركة العدل والمساواة. . ومشكلة فلسطين المحتلة بين منظمة حماس والسلطة الفلسطينية رغم إضاعتهم للأرض إلا أنهم يتنازعون ويختلفون علي لا شي لان كل شي بيد المحتل الإسرائيلي وله ما يريد سيكون. . ومشكلة ليبيا والسعودية. . ومشكلة اليمن بين الحكومة والحوثيين. . ولهذا كله وغيره كانت قضية المصالحة بين الملوك والقادة الزعماء العرب المتخاصمين هي ما برزت على الواجهة والتي تصدرت كل الموضوعات والقضايا العربية التي ناقشتها قمة الدوحة في قطر ومع متابعتي ولسائل الإعلام ظهر لي بان موضوع المصالحة بين المتخاصمين هو ما اخذ الاهتمام في فعاليات انعقاد القمة العربية. . ربما كان ذلك لان أمير قطر قد يكون قال لنفسه (يا الله بالمرة ) نكمل مشوار المصالحة التي بدأتها بين الفرق وحكوماتها لبلدان عربية ولننهي هذا الملف بين الملوك والرؤساء في قمة الدوحة. . . وبمتابعتي انعقاد القمة من البداية إلي النهاية حتى الانتهاء من الاستماع للبيان الختامي للقمة العربية المنعقدة في الدوحة وسماع المقابلة الإعلامية التي عقدها نائب رئيس وزراء قطر وزير خارجيتها وبالاشتراك مع أمين عام الجامعة العربية ومع الإعلاميين والصحفيين والتي انتهت في منتصف الليل من يوم اجتماع الملوك والرؤساء إذ وبعد انتهائي من متابعتي الإعلامية وبتركيز ذهبت للنوم واستلقيت علي الفراش وبينما أنا في ظلام دامس أخذت أفكر في خصام الملوك والرؤساء وفجأة انتابتني حالة من الضحك الشديد المتواصل لبرهة من الوقت لدرجة أني شعرت بان قلبي يكاد أن يتوقف وقلت حينها في نفسي متسائلا : أيعقل أن يكون قد انتهت مشاكل وأزمات الأمة العربية وأنها قد حلت بين يوم وليلة. . ؟ أم أن الملوك والرؤساء فقدوا الإحساس ولا شعور لديهم بما يجري حولهم وصدق فيهم القائل بأنهم يعيشون في (برج عاجي). . ؟ أيرون انه لم يعد هناك ما يناقشوه ولم يجدوا ما يفعلوه إلا أن يتخاصموا فيما بينهم. . ثم يجتمعوا في محفل دولي ليلتفتوا لخصامهم. . . ؟ إذ وقد ذهب هذا في ازعال ذاك. . و ذاك خاصم هذا. . ثم يأتي وقت الاجتماع السنوي فيعتذر ذلك لذاك. . وهذا يعاتب ذاك ويتدلل. . وثالث يصلح ويسعي ليجبر بخاطر ذاك. . ومن ثم يقبل ذاك الصلح ويصفح عن هذا. . . وما أضحكني في منتصف الليل والناس وأطفالي نيام أن الملوك والرؤساء عادوا بي إلي الطفولة وذكروني عندما كنا وأولاد حارتي صغار السن في الثامنة ونحن في المرحلة الابتدائية من الدراسة إذ كنا أثناء الإجازات الصيفية وفي وقت الفراغ نخرج نهارا منذ الصباح الباكر إلي شارع حارتنا لنلعب ونلهو طيلة نهار اليوم وعند اقتراب آذان المغرب يتخاصم بعضا مع بعض ولأسباب تافهة وصبيانية وينقسم باقي صحبتنا من أطفال حارتنا إلي فريقين بين هذا وذاك من المتخاصمين وبعد انتهاء الصياح والشجار الكلامي و يزعل كلا من الآخر يذهب جميعنا كلا إلي منزلة. وباليوم الثاني صباحا نعاود اللعب واللهو ولكن نكون وقتها فريقين منقسمين ونظل حتى الظهيرة فريقين متخاصمين الي ان يأتي (جاذبا أو عارضا ما) تافهة فيجمعنا ونصطلح كلا الفريقين فننظم إلي بعضنا ونعاود اللعب واللهو باقي نهار اليوم حتى قرب آذان المغرب فنعود ونتخاصم وكلا يذهب إلي منزلة ونحن متخاصمين وباليوم الثاني يحدث ما حدث باليوم الأول من تخاصم وصلح وهكذا كل يوم حتى تنتهي الإجازة الصيفية ويأتي ما يشغلنا وهي (الدراسة ) وخلالها نكون مشغولين بدارستنا فلا يخاصم احدنا الآخر لوجود ما ننشغل به ونري جميعنا بان قضيتنا المدرسية والمذاكرة أهم من التخاصم والزعل. المهم قلت في نفسي بحدوث ذلك الخصام والتصالح المستمر حين طفولتنا إلا أن عذرنا مقبول إذ أننا كنا حينها صغار السن أطفال (صبيه ) وعقولنا لا تفقه وعلمنا محدود ورؤيتنا ضيقة و زعلنا لا يمتد إلي خارج حدود شارع حارتنا وبيننا ولا يكون لخصامنا نتائج سلبية ضارة علي غيرنا ولا يتحمل انعكاسات ذلك احد غيرنا. . أما الملوك والرؤساء العرب فما عذرهم بان يجعلوا خصامهم وزعلهم مع بعضهم البعض يحدث ويتكرر ويطول فهم رجال كبار السن. . ولهم عقول تفقه. . وعندهم علم سياسة الدهاء واسع. . وخبرتهم في أصول الحكم الملتوي كبير. . و حيلة الدبلوماسية في التعامل تتوافر وغير محدودة. . ولديهم قضايا أمه بأكملها تحتاج الاهتمام والأهمية بان يلتفت إليها لمعالجتها وحلها. . وشعوبهم تأن من الأوجاع والآلام. . وتخاصمهم له امتدادات ضارة وواسعة تطول أضرارها شعوب أمتهم. . ولها انعكاسات سلبية كبيره علي أوضاع وتقدم بلدانهم وتلحق بها الضعف والوهن. . فهل يعقل أن يكونوا كبار السن والمسئولية والزعامة. . ولكن صغار العقل وضيقي الأفق والفكر. . ؟ وهل أنهم لا يجدون شيئاً من قضايا أمة تستحق منهم الاهتمام. . فيصبح الخصام والتصالح هو الشغل الشاغل لهم و به يشغلون وقت فراغ يعانونه.
Shukri_alzoatree@yahoo. com