;

أوراق من ذكرياتي ..الحلقة الأخيرة 768

2009-04-06 04:05:50

وفي الجانب العسكري لم أتحدث معه بشيء، لأنه رجل حذر، وله حساباته لمن يكون معه من القيادات العسكرية.. وتركت بيني وبينه مسافة وحدوداً، وأخيراً طلبت منه السماح لي بالسفر لعلاج والدتي، ولكي أعطي نفسي مزيداً من الوقت، لكي لا أكون قريباً من أي أحداث ومفاجآت مؤلمة ووافق على ذلك ، ثم قال : ما تطلب ؟ ما تحتاج ؟ قلت له: أحتاج شيئين سألني : ما هما ؟ قلت: الموافقة على عودة الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني وتكريمه بما يستحقه من احترام وتقدير، وكذلك عودة المشير عبدالله السلال وتكريمه بما يستحقه، وعودة المبعدين من الخارج في ظل عهدك، أن يعودوا جميعاً إلى بلادهم وتكريمهم وصرف مستحقاتهم، أجاب : لم يحن الوقت بعد، ثم طلبت أن يحرر لهم رسائل يطمئنهم ويعدهم بالعودة القريبة، وكذلك يبعث لهم مساعدات مالية فوافق على مقترحي. وحينما تكلم عن القاضي الرئيس عبدالرحمن قلت له: لن يقبل أي مساعدات مالية، أرجو أن تعده بالعودة فقط، لكن الآخرين سيقبلون المساعدات المالية.

بعدها سافرت إلى القاهرة، ومكثت فيها أسبوعاً، ثم توجهت إلى لندن وبقيت فيها أسبوعاً آخر، وعدت إلى صنعاء يوم 23 تموز / يوليو 1978م بعد أن تولى الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الحكم في 17 تموز / يوليو 1978م.

وبعد أسبوع من توليه ، أحسست بالاطمئنان المطلق بالعودة إلى صنعاء من دون أي مخاوف لعدة أسباب أهمها أني قريب إلى الرئيس علي عبدالله صالح ولي معرفة كاملة بنزعته الوطنية وصدق وفائه لإخوانه وزملائه وشعبه، وذكرت حديثه معي في القاهرة وهو يودعني : "أتمنى أن أراك في صنعاء عائشاً مستقراً آمناً مطمئناً"، كلام فيه الوفاء، لهذه الأسباب عدت إلى صنعاء وأنا مطمئن في وطني وفي بلدي، مقتنعاً بالمشاركة في أي عمل كبير أو صغير من دون ضغوط ولا مساومة ولا تحديد مواقف، فهذا هو الاطمئنان المطلق الذي لا تشوبه أية مخاوف.

الاطمئنان المطلق

إن الاطمئنان المطلق له مبرره، لأن وفاة الرئيس أحمد الغشمي كانت بأيدٍ خارجية، وليست مؤامرة داخلية على مقتله، ولا التآمر عليه من قبل النظام في عدن، والقاتل هويته معروفة، ووصول الرئيس علي عبدالله صالح للحكم كان طبيعياً وبإجماع مجلس الشعب التأسيسي بعد أن رشحته جميع القيادات العسكرية والشعبية، ومن تولي رئاسة الدولة بإجماع الشعب والقوى السياسية، وبوصوله إلى رئاسة الدولة وطمأن كثيرين، هذه هي مبررات وحيثيات الاطمئنان المطلق، لعودتي يوم 23 تموز / يوليو 1978م بعد انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح من مجلس الشعب التأسيسي.

لقد كانت المرحلة الأولى للرئاسة صعبة عليه، لأنها مرحلة جاءت بعد تراكمات من المصاعب الكبيرة .. انقلاب 13 حزيران / يونيو ثم مقتل إبراهيم الحمدي، ثم مقتل أحمد الغشمي هؤلاء رؤساء دولة، وفي الجنوب سالمين تم التخلص منه بصورة محزنة ومؤسفة. والأحداث التي مرت صعبة وخطيرة على الرئيس علي عبدالله صالح، والمسؤولية التي سوف يتحملها كبيرة، لكن كان لي ثقة بأنه قادر على اجتياز الامتحان في توليه الرئاسة، وقد اجتاز كل المراحل الصعبة بنجاح مشهود له محلياً وعربياً ودولياً.

إن هذه المصاعب تحتاج إلى معالجات بحكمة وحنكة لما فيها من صعوبات ، ويؤكد ذلك كل ذي عقل وبصيرة يقول: إن الرئيس علي عبدالله صالح استطاع أن يعالج هذه المآسي وهذه الجروح السابقة بحكمة وبعقل وبقدرة فائقة نحترمها جميعاً، وبهذه الحكمة ورجاحة العقل والتسامح دخلت اليمن في مرحلة التطور المؤسسي الدستوري المبنى على إيجاد المؤسسات. وتمت المصالحة الداخلية بتشكيل لجنة الحوار الوطني وتأسيس المؤتمر الشعبي عام 1982م وكل الهياكل التي أنشئت فيما بعد كانت لها فعالياتها وتأثيرها، وكذلك النمو الاقتصادي الذي عاشته اليمن من عام 1978م إلى 1990م مرحلة انتعاش لما كان يسمى الشمال سابقاً أو الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة، والذي واكبه التطور السياسي في مؤسسات الدولة المختلفة بانتخاب مجلس الشورى عام 1988م، وتمكنت الأحزاب التي تعمل سراً أن تمارس عملها تحت مظلة المؤتمر الشعبي العام، وانتخاب وانتهاء أعمال العنف في المناطق الوسطى وفي شرعب وعتمة وريمة، لقد حقق الرئيس علي عبدلله صالح انتصاراً تاريخياً لكل أبناء الوطن حينما توج تاريخه بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة التي سوف يسجلها التاريخ في أنصع صفحاته وحقق ما قاله الشاعر:

وإني وإن كنت الأخير زمانه

                                   لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل

في نهاية هذه الذكريات أتوقف عن الكتابة ، لأن الحاضر والمستقبل فيه الخير والأمان والحرية والديمقراطية لكل أبناء اليمن. أدعوا الله الكريم أن يحفظ بلادنا ويجنبها الشر والمحن، ويكفيها ما عانته خلال السنوات التي عاشتها في عقد الإمامة البائد، وكذلك الأحداث الدامية بعد الثورة إلى أن توفقت اليمن بقائدها الزعيم الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية محقق الوحدة اليمنية.<

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد