;

الصلح خير.. ولكنه لا يكفي !! 703

2009-04-06 04:07:36

بقلم / جلال عارف

مرت قمة الدوحة العربية - والحمد لله - على خير. لا صدامات مؤسفة بين القادة ولا خلافات جوهرية على القضايا الأساسية، وحتى حديث القذافي الذي كان يمكن في ظروف أخري أن يؤدي لاشتعال الموقف، أدى هذه المرة إلى مصالحة أو بداية لمصالحة بينه وبين العاهل السعودي. ومقاطعة الرئيس المصري للمؤتمر تم التعامل معها بحرص وإحساس بالمسؤولية عن ضرورة استكمال المصالحات العربية ووقع القادة العرب على وثيقة تعزيز التضامن للتأكيد على أهمية بذل الجهود لتطوير الخلافات العربية وفق آليات محددة والتزام كامل بالمصارحة والشفافية والحوار.

كل هذا طيب وإيجابي، ولا شك أن المناخ بين مختلف الأطراف في النظام العربي أفضل ؟بما لا يقارن ؟ من المناخ الذي ساد في قمة دمشق قبل عام، أو حتى بالمناخ الذي ساد قبل شهور مع تفجر العدوان الإسرائيلي على فلسطين، وما صاحبه من انقسام عربي.

لكن السؤال يبقى : هل يكفي هذا في مواجهة التحديات الهائلة التي تداهم العالم العربي؟ أم انه يبقينا في حالة «الانتظار العقيم» التي أشرنا إليها في الأسبوع الماضي، بينما العالم يتحرك، والمشهد السياسي والاقتصادي والعسكري يتغير، ومصير المنطقة يتقرر - حتى الآن ؟ في ظل غيابنا؟.. وهو غياب سوف يكون ثمنه فادحاً بما لا يمكن تصوره؟ إن المصالحات العربية مطلوبة وضرورية بعد كل ما عانيناه بسبب الانقسامات في السنوات الأخيرة، ولكنها ليست نهاية الطريق، بل هي الأساس الذي نبني عليه العمل المشترك الذي لا بديل عنه.

والحديث عن «إدارة الخلافات» حتى لا تنفجر في وجوهنا أمر إيجابي، ولكن الخلاف ينبغي ألا يكون هو الأساس الذي نبني عليه سياستنا ونكتفي بتنظيمه. فالأساس ينبغي أن يكون التوافق والشراكة الحقيقية، وإدارة الخلافات هنا ينبغي أن يكون الهدف منها هو التوصل إلى الرؤى المشتركة التي تراعي مصالح الجميع.

إن النقطة الأساسية في العمل العربي هي أن نمتلك رؤية استراتيجية متفقا عليها للتعامل مع التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها من التحديات التي تهدد الأمن القومي العربي. وقد أشارت إلى ذلك وثيقة تعزيز التضامن العربي التي وقعها القادة العرب، رغم أن التركيز في الوثيقة كان بالطبع على استكمال جهود المصالحة. وهذا تطور هام ينبغي التمسك به وتفعيله، فالمصالحة ليست مطلوبة لأن «الصلح خير» فقط، ولكن لكي لا نبدد الجهد في انقسام لا معنى له، ولكي نوحد الإمكانيات العربية ؟ وما أكثرها - ضمن استراتيجية للأمن القومي يلتزم بها الجميع وتكون قادرة على مواجهة التحديات وبناء القوة الذاتية والحفاظ على المصالح العربية.

الإشارة إلى حاجتنا لهذه الاستراتيجية في الوثيقة التي وقعها القادة العرب والتزموا بها أمر هام، ولكن كيف يمكن نقل ذلك من حروف الوثائق إلى الواقع الحي؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي أن يشغلنا وأن نمتلك إجابته ثم نحولها لبرنامج عمل يتم تنفيذه في خطوات محسوبة ومتفق عليها، ولعل ما بدأناه في الجانب الاقتصادي بقرارات قمة الكويت الاقتصادية يتم تنفيذه وتتواصل خطواته، ولعل الأمر ينتقل بالتوازي إلى باقي المجالات السياسية والأمنية وغيرها ضمن هذه الاستراتيجية الموحدة المطلوبة. وفي هذه الاستراتيجية المطلوبة أمران أساسيان اخشي أن تطغى عليهما الأحداث فلا نضعهما في المكان اللائق ضمن الاستراتيجية المطلوبة.

الأمر الأول أشار إليه البيان الختامي الصادر عن قمة الدوحة، حين أكد على ضرورة استكمال خطوات الإصلاح السياسي في العالم العربي. فبدون ذلك لن يكون هناك تقدم حقيقي، وبدون ذلك لن نستطيع مواجهة التحديات مهما امتلكنا من قدرات بشرية ومادية، وبدون ذلك سوف نجد أنفسنا مستنزفين في مشاكل كان الإصلاح السياسي كفيلاً بالتعامل معها، ويكفي ما يحدث في السودان مثالاً على ذلك، مع عدم إسقاط عوامل التأمر الخارجي الذي لن نتمكن في كل الأحوال من مواجهته إلا إذا كانت الجبهة الداخلية محصنة بالعدل والحرية!

أمر ثان ينبغي أن يكون في صلب أي استراتيجية عربية لمواجهة التحديات، وهو أن ندرك أنه ؟ مع تعدد الأعداء وكثرة التحديات ؟ يبقى التخلف هو العدو الأساسي للعالم العربي، ويبقى التحدي الدائم أمامنا هو اللحاق بالعصر وامتلاك العلم والتحول من مستهلكين للحضارة إلى صناع لها. ولا شك أن جهوداً كبيرة على مستوى كل دولة عربية قد بذلت، كما أن مبادرات مثل مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الرائدة لرعاية الإبداع والعلم لها أهميتها الفائقة، ولكن الأمر يقتضي أن يكون هذا المحور أساسيا في أي استراتيجية عربية شاملة للتعامل مع قضايا الأمن القومي.

فمن العار أن تكون ميزانية البحث العلمي في الكيان الصهيوني أربعة أمثال الميزانية الخاصة به في العالم العربي بكل سكانه وموارده! و من العار أن يظل شبح الأمية يطارد ربع العرب، ومن العار ألا تكون هناك سوى جامعة واحدة ضمن الجامعات الخمسمائة الأولى في العالم وفي ذيل القائمة! ومن العار أن يتم خطف خيرة علمائنا إلى الدول المتقدمة التي توفر لهم الإمكانيات بينما ميزانية البحث العلمي في بعض أقطارنا أقل من ميزانية كرة القدم في نادٍ من الدرجة الثانية!

الصلح خير.. ليس فقط لندير خلافاتنا، ولكن أيضاً وأولا.. لنملك الرؤية المشتركة لمواجهة الحاضر وصنع المستقبل الذي نتمناه. <

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد