نبيل مصطفى الدفعي
قليلة جداً الأيام غير العادية في حياة الإنسان، يوم أو نصف يوم أو ساعات وربما دقائق ولكنها دقائق يخلع فيها الإنسان القناع عن وجهه بل ويخلع أيضاً ملابسه التنكرية وقيوده الاجتماعية ويمسح المكياج والأصباغ والألوان عن وجهه ولسانه، ويخرج من قفصه البشري الأصعب ليمارس حريته أو جنونه يقول ما يشاء يفعل ما يشاء وربما يقتل، إن لحظة واحدة من تلك اللحظات النادرة المتهورة غير العادية قد تكلف الإنسان الكثير، وقد تكلف بعض الناس ما هو أكثر، إن الحياة مليئة بالأحداث الذي تؤكد ما تم ذكره، ولكن هناك حكاية سأحكيها لاحقاً أدهشتني كثيراً خاصة وأني سمعتها من إنسان كبير السن قالها بمرارة لي تحسراً على تغير أهل الزمان والزمان وما وصل إليه الناس الآن في علاقاتهم الإنسانية من ضياع للحب والاحترام وانتشار العلاقات الزائفة خاصة بين أقرب الناس في الأسر.
الحكاية التي سمعتها منه وأدهشتني جداً وأعيدها وأقولها لكم دون زيادة أو نقصان هي كما قال لي: أن عروساً طلق عروسته يوم الزفاف لأنها قالت له: مالك حاسب يا أخي أنت أعمى؟ لأنه عن غير قصد داس بقدمه على ثوب زفافها فتمزق قليلاً.
يا بني بعض الذين ينظرون للأمور بنظرة سطحية قد يقولون: وهل كلمة تقولها العروسة في لحظة غضب تستحق الطلاق، رأيي يا بني إنها ليست مجرد كلمة لكنها تعبر عن شخصيتها وخباياها فالألفاظ القاسية في طبعها وطريقة كلامها وإلا ما كانت هكذا قالت لعروسها في ليلة العمر أيش أنت أعمى! لو أنها طيبة ورقيقة لكانت أقصى كلمة تخرج منها لتعبر عن ارتباكها الله انقطع الثوب أيش أصلح ساعدني، أو أنها لا تتكلم وتكتفي بمساعدة الآخرين لها في معالجة العيب، لذلك فرغم قسوة الموقف إلا أن الغريب كان له الحق في هذا التصرف لأنه لو لم يفعل ذلك لكان ذلك تهاوناً منه في كرامته والكرامة أن ضاعت فلن يعوضها أي شيء.
برأيي أنا أتفق مع ما فعله العروس لأن الأشياء الصغيرة هي التي تظهر الشخصية والطبع وإن الإنسان يعرف من تصرفاته الصغيرة أكثر من تصرفات أخرى كبيرة وتحضرني هنا حكاية أخرى سمعتها من أحد كبار السن أيضاً تقول أن فتاة شابة كانت مخطوبة لشاب غني مقتدر وكانت معه تتجول بسيارته وكان مع الشاب فلوس كثيرة ضمنها ورقة فلوس قديمة جداً وقد وقف الشاب بسيارته في إشارة مرور وتقدم إليه رجل كهل أو هو شيخ كبير ومعه عقود فل فاشترى الشاب لخطيبته عقد الفل وأعطى للبائع فئة النقود القديمة جداً بعدها انطلق بالسيارة من إشارة المرور وهو سعيد أن ضحك على الرجل وعندما وصلت الشابة خطيبته لبيتها أعلنت فسخ خطبتها وقالت لوالديها هذا رجل غير أمين لا أريده فالعملة القديمة لم تعني له شيئاً ولكنها تعني الكثير للبائع الفقير فكيف يستغل وجوده في إشارة المرور ليخدع البائع الذي لن يستطيع اللحاق به وهذا يعني أن الخداع من طبعه.
أخيراً أقول أن الكلمات أو الأفعال التي تصدر بتلقائية هي التي توضح شخصية الفرد وأخلاقه وهذا الرأي لا يعني أننا نريد أن نعقد المسائل من خلاله أرجو أن يكون لي لقاء ثاني مع عزيزي القارئ في حكايات قديمة من المقاهي والله من وراء القصد.<