فاروق مقبل
ما يحدث الآن في صعدة ليس وليد المصادفة كما لا يمكن أن نعده عملاً مبيت النية مع سابق الإصرار والترصد لكنه خليط من الاثنين، خليط رائحته عفنة و شكله مرعب وموحش، . وحقيقة كانت نهاية الحرب الخامسة بداية جديدة لحرب بدأت غيومها السوداء تتراكم مع أول إعلان عن لجنة الوساطة وإحلال السلام. . كناء نقرأ ذلك دون حاجة بنا إلى قارئة فنجان لكنا كنا نعتقد أن التشاؤم عمل العاجزين دائماً، عمل محبي الخراب لا أقل ولا أكثر.. قلنا عسى أن يكون بمقدور لجنة مناع منع حرب سادسة من أن تلقي على صعدة وأبناءها بالويلات، قلنا عسى، لأننا أردنا التعاطي مع لجنة مناع ليس باعتبارها صاحب تجارة محفورة الأسلحة وربما يجد في الحروب بورصته الأكثر إرباحا لأسهمه ولكن باعتباره من أبناء صعدة تفرض عليه مسئوليته الاجتماعية أن يستذكر من عمله الخاص كلمة تاجر ويستبعد مصطلح أسلحة فيدرك أن نماء وازدهار تجارته رهن بمدى الاستقرار الذي يستحققه وساطته لهذه المحافظة وأبنائها.. لا مواقف شخصية مسبقة بيننا والرجل فارس مناع لكنا ندرك أن من يبيعك قطعة سلاح لا يعلم أن تواجه جارك بورده ولذا كان ثمة شيء لم نفهمه في إيقاف الحرب الخامسة فجأة رغم فشل كل الوساطات المحلية والعربية الرامية لاحتوائها وتعيين لجنة وساطة وإحلال السلام برئاسة فارس مناع تحديداً وقت كان بالإمكان إيقاف تشكيل أية لجان للوساطة والمزايدة والمهاترة والتوتير والعهد إلى المجالس المحلية بإدارة شئونها مباشره دون شروط من أي طرف كان متمردين أو مترددين، حكومة أو محكومة إذ كان بالإمكان حل كل الإشكاليات بصمت وبالأفعال وليس بالأقوال، ذلك أننا ندرك أن حدوث أية تجاوزات أو أي تقصير بسيط أو مخالفة صغيرة لجزئية تافهة من بنود الاتفاقيات المسبقة ستنجم عنه كوارث ليس أقلها عودة الحرب مجدداً إلى صعدة المنهكة .. صعدة ليست دارفور ولكنها مدينة السلام صعدة ليست مدينة القنابل العنقودية ولكنها مدينة عناقد الرمان المنتفخة بلون الحب حتى والرصاص يزخ من كل اتجاه ومن الواجب علينا كيمنيين متصارعين ومتفرجين متآمرين ومتأمركين متحابين و متباغضين أن نصرخ جميعاً من أجل صعدة أوقفوا لجنة مناع من أجل صعدة كفوا بارود بنادقكم ... من أجل صعدة لا تحيلوها إلى سوق سلاح آخر في المنطقة يجده الآخرون مصدر رزق لهم لتجاوز الكساد الاقتصادي المريع، أوقفوا لجنة مناع ليس لأسباب شخصية ولكن لأنه لن يكون حمامة السلام،وليكن حل مشكلة صعدة باعتبارها كارثة طبيعية تستوجب منا تضافر الجهود في عملية إعادة الإعمار والتعويض للمتضررين بكل بساطة.