فاروق مقبل
بينما كان علي أن أواصل البحث عن سر ذلك المبنى الجديد لمجلس النواب الذي زعم رئيس المجلس الموقر أنه سوف يشكل إضافة نوعية ليس إلى المباني الحكومية في اليمن التي تنفذ بقروض خارجية ومنح ندفعها نحن الغلابى لاحقاً من كل قطرة عرق تتفصد من أجسادنا ولكن إلى الأداء البرلماني والتجربة الديمقراطية اليمنية التي قتلها مجلس النواب هذه المدة فهو حسب علمي ليس واحداً من المباني الذكية ولكنه كغيره من الأسمنت والحديد والطوب وبالتالي هو مبنى عادي جداً تعلوه قبة كبيرة جداً إلى درجة تبدو معها قباب جامع الصالح متواضعة للغاية وحين سألت عن السبب قيل إن وظيفتها صوتية حيث ستعمل عمل كاتم الصوت لامتصاص ضجيج شخير النوام.
بينما كان علي ذلك داهمني تساؤل متأخر هو لماذا يظل فخامة رئيس الجمهورية ممتنعاً عن استخدام حقه الدستوري بحل مجلس النواب ودعوة الناخبين إلى إجراء انتخابات نيابية جديدة في غضون ستين يوماً بدلاً عن الانتظار سنتين إضافيتين؟
ففخامته يدرك مدى إفلاس هذا المجلس النائم "القائم" الذين لم يكن له من إنجاز عدا تحميل ميزانية الحكومة تبعات تحمل "301" نائب صاروا كلهم وزراء دائمين وسوق يلحقهم كل ست أو أربع سنوات "301" آخرون وهكذا حتى تصير بلادنا بلاد العشرين مليون وزير أو أكثر.
ولم يكن من إنجاز له عدا إقرار ميزانية سنوية خاصة بأعضائه تتجاوز المليارات السبعة وهي بالمناسبة بعدد أبواب جهنم. سبعة.
وقت كان يكفي أن يتخرج من المجلس الموقر نصف عددهم سماسرة لندرك أنه في ظل ذلك العدد لن يكون بمقدور مصلحتي الضرائب والجمارك أن تتحصل ولو جزءً يسيراً من حجم الضرائب والجمارك القانونية بفعل سماسرة الاعفاءات.
الحقيقة إن حل مجلس النواب هو الحل الصائب ليس تضامناً مع وزير العدل ولكن تضامناً يا فخامة الرئيس معنا كشعب لأنهم لم يعودوا يمثلونا بل يمثلون أنفسهم.
تضامناً معنا كدولة اضطرتها الأزمة المالية العالمية إلى تخفيض موازنتها العامة فيما "301" نفر يقرون رفع موازنتهم وتمديد فترة بقائهم وكأن لا شيء يجري في هذا العالم.
اخترناهم لسنوات ست وبعدها اختاروا أنفسهم لبلوغ الثمان وهذا ليس عدلاً ولا قدرة بنا ولا طاقة لدفع مرتباتهم ومصاريف مرافقيهم وبدلات غيار سياراتهم. . فأزيحهم يا فخامة الرئيس رحمة بنا ونزولاً عند رغبة شعب أكدت أنه يحكم نفسه بنفسه.