;

خطة القوات المسلحة لفك الحصار ..الحلقة «4» 750

2009-04-12 04:13:08

حصار صنعاء 1967 1968

وقبل الاجتماع وبحكم الزمالة مع العقيد/ علي سيف الخولاني تحدثت معه حديثاً قصيراً وهاماً مضمونه النصح بالتعقيل وعدم الإقدام على اتخاذ إجراءات متهورة قد تؤدي إلى حرب بين زملاء السلاح وربما قد تعم الصف الجمهوري بأكمله، ولكنه كان متحمساً مثل بقية المجموعة، وكانت النتيجة هبوط الطائرة بسلام ومرور الثلاثة، السلال والعمري والخولاني على سيارة مكشوفة طافوا بها شوارع صنعاء من شرقها إلى غربها وفيما بعد عرف موقفي وفسر من قبل مجموعة الفريق العمري المؤيدين لضرب الطائرة أنه انحياز مني إلى المشير السلال والقيادة العربية، ترتب على ذلك مواقف سياسية فيما بعد إلى جانب موقف استحداث انتخاب حر مباشر لتكوين اللجنة القيادية العليا

عقب ذلك تم سفر جميع أعضاء حكومة الفريق العمري إلى القاهرة تم احتجاز البعض واعتقال البعض الآخر وقام المشير السلال بتشكيل حكومة أخرى وبذلك يكون الصف الجمهوري قد وصل إلى قمة التمزق والشتات حيث تم في النصف الأول من عام 1967م ملاحقة واعتقال بعض من كانوا يؤيدون الحكومة السابقة. . . . الخ

الأمر الذي أجج الموقف وصعدت الأزمة إلى أعلى مستوى في حين أن الجانب المعادي يستعد ويستغل هذه الفرص الثمينة للقضاء على الجميع وبدون استثناء

وفيما يخصني شخصياً ونتيجة تأثري البالغ بالأحداث وتسارعها كنت أقوم بالنقد والنصح لدى قيادة كلا الجانبين كلاً على حده في دوائر ضيقة ومغلقه سواء كانت تلك الإجراءات بقصد أو بغير قصد والإعراب عن عدم الرضا عنها واعتبارها جروحاً في جسم الثورة والوطن وعاملاً من عوامل هدمها، ونتيجة لهذا الموقف أصدر المشير السلال واللواء عبد الله جزيلان في 3 يونيو 1967م قراراً كتابياً موقع عليه من قبلهما وبموافقة ضمنية من القيادة العربية وإطلاعها على مغادرتي اليمن إلى مصر بحجة أنه تم إيجاد عمل لي في القاهرة وعلى ضوئه ذهبت إلى الرئيس السلال استوضح طبيعة العمل ونوعه في القاهرة مع علمي أن هناك سفيراً لليمن هو الأخ/ عبد الرحيم عبد الله وقلت للسلال "هل سيتم تعييني محافظاً للجيزة؟" وكان السلال في وضع محرج وحاول تلطيف الموقف وإقناعي بضرورة السفر.

مغادرة اليمن والوصول إلى القاهرة:

على إثر قرار السلال وجزيلان تم نقلي في 4 يونيو 1967م مع ثلاثة من أولادي إلى القاهرة بواسطة طائرة نقل عسكرية خالية من الكراسي ما عدا لوحين من الخشب أوصلتنا إلى مطار "الماظه" الحربي بجوار مطار القاهرة الدولي وهنا أشير إلى بعض المفارقات العجيبة فطوال حياتي لم أكن أهتم بالمظاهر والشكليات أو المراسيم والبروتوكولات ومع ذلك فإن النفس الإنسانية لا بد إن تجري مقارنة بين اليوم والأمس، ففي الأمس عندما كنا نستقبل استقبال الفاتحين وبكل مظاهر الإجلال والإكبار من قبل رئاسة الجمهورية المصرية والمراسيم فيها والنزول في قصور الضيافة وتقليدنا الأوسمة من ضمنها تم تقليدي وسام وشاح النيل من الدرجة الأولى من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، وإذا بي أجد في هذه الرحلة أن المستقبل الوحيد هو جندي مصري يدعى عبد الحميد

انحصرت كل مهمته في أن يدلنا على الطريق المؤدية للمكان الذي نستطيع منه الحصول على تاكسي، إلى أين كانت الوجهة؟ فلا الذين قاموا بعملية ترحيلي وضعوا برنامج استقبال ولا سفارتنا قامت بواجباتها ، لماذا؟ وتم التوجه بالتاكسي إلى شقة المقدم هاشم عنقاد خال الأولاد وفي اليوم التالي انتقلت إلى شقة المقدم حسين ضيف الله قائد حرس الفريق العمري وهذين الضابطين كانا من الذين تم حجزهم ضمن المرافقين العسكريين، وهنا لابد من وقفه مراجعة ومحاسبة للنفس عبر استعراض بعض أهم مراحل النضال الوطني وطرح بعض الأسئلة: أين يكمن الخطأ فيما حدث؟ علماً بأن الفريقين سواء المعتقل منهم أو الحاكم، يعرف مواقفي الواضحة والصريحة والملتزمة بمبادئ وأهداف الثورة اليمنية والعزوف عما يوحي بالطموح إلى قمة السلطة، وبالرغم من ذلك فإن كلاً من الفريقين كان يحسبني على الآخر ويبني على ذلك مواقف غير سليمة.

مفاجأة الاعتداء على مصر

في صباح يوم 5 يونيو 1967م قمت بزيارة إلى سفارتنا وقابلت السفير آنذاك الأخ/ عبد الرحيم عبد الله وإذا بي أفاجأ منه بأخبار الهجوم الإسرائيلي على مصر وما لحق بها من خسائر في قواتها الجوية خاصة طائراتها التي كانت على الأرض وأن من ضمن الأخبار ما شاع أيضاً في ذلك اليوم أن الضربة الإسرائيلية على المطارات المصرية قد جاءت بعد الوقت الذي كان فيه الطيارون يخرجون من حفلة ساهرة حتى ما قبل الفجر وهم في وضع لا يمكنهم من القيام بأي جهد والواقع أن انعكاسات الضربة الإسرائيلية قد ضاعفت من الآلام ومن حجم الكارثة وجعلت الموقف على الأرض بالغ الخطورة وبالتالي عندما استمر انهيار القوات المصرية وعرف حجم الكارثة برزت الخلافات إلى قمة القيادة المصرية وبرز سؤال من هو المسئول عن الهزيمة؟ وسرعان ما جاءت الإجابة على لسان الرئيس جمال عبد الناصر في موقف من المواقف التاريخية قل نظيره عندما أعلن عن تحمل المسئولية الكاملة وقرر التنحي عن الرئاسة والعودة إلى صفوف الشعب كمواطن عادي، ومرشحاً زكريا محي الدين بدلا عنه، ولكن الشارع المصري والعربي خرج عن بكرة أبيه ليعلن رفضه للاستقالة مطالباً جمال عبد الناصر بالعودة إلى الحكم متحملاً الهزيمة وما يترتب عليها، مصراً على إعادة البناء وتجهيز جولة جديدة من المنازلة مع إسرائيل انطلاقا من مقولة ناصر المشهورة "ما أخذ بالقوة لا يمكن استرجاعه إلا بالقوة"

وفي خضم تقييم القيادة المصرية لما حدث لها من هجوم إسرائيلي مفاجئ يتبادر إلى الذهن حاجة مصر لسحب قواتها من اليمن وبدأ التفكير في إيجاد حلول للمعضلات القائمة في اليمن من قبل القيادة المصرية وقد توصلت إلى طرح قضية اليمن في لقاء جانبي في مؤتمر قمة الخرطوم الذي عقد لمناقشة الاعتداء على مصر في عام 1967م بين كلٍ من الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل بن سعود مستبعدين المشير السلال من حضور الاجتماع معهما وكان حاضراً في قمة الخرطوم، وقد اتفق ناصر وسعود على ترك اليمن لليمنيين وترك اليمنيين يحلون مشاكلهم بأنفسهم دون أي تدخل من الطرفين، وبناءاً على ذلك تم سحب القوات المصرية من اليمن على نفقة السعودية التي تعهدت بعدم دعم الملكيين إلا أن تعهدها كان حبراً على ورق كما يقال فأغدقت الأموال والعتاد والسلاح على الملكيين ومن كان معهم وفي المقابل التزمت مصر بالاتفاق، فأوقفت دعمهما لليمن وسحبت قواتها.

الإفراج عن الحكومة اليمنية المعتقلة:

أثناء فترة إقامتي بمصر أتذكر بأن المرافق الذي تم تعيينه لمرافقتي قد اقترح ولعدة مرات بأن أقوم بزيارة للرئيس جمال عبد الناصر، ولكني كنت أعتذر بحجة أن لديه من المهام ما هو أكثر أهمية من مقابلتي وفي الحقيقة كان السبب الرئيسي هو كيف أقابل جمال عبد الناصر للتداول والبحث في شئون اليمن والحكومة بكاملها معتقلة في السجون المصرية؟ والقيام ببعض الإجراءات التي خرجت عن حدود المعقول، ونتيجة لعوامل عديدة تم إطلاق سراح الحكومة اليمنية المعتقلة في مصر في أكتوبر 1967م على إثر إطلاق سراحها عقدت الحكومة اجتماعاً موسعاً لم اُدع إليه غادر المجتمعون بعدها مصر إلى الحديدة بغيابي وغياب العميد الدفعي والفريق العمري وفي الوقت ذاته غادر الرئيس السلال وجزيلان وآخرون من صنعاء إلى الحديدة والتقى الفريقان كما سبق الحديث مصرين على مواصلة التمزق والتفرق وتعميق الخلافات والاختلافات السابقة مع أنه كان يفترض من الجميع الوقوف أمام ما يستجد من أحداث وتحمل المسؤولية أمام الأخطار الجسيمة التي تحيط بالثورة والجمهورية، ولكن ما حدث هو العكس تماماً وكان المستفيد الوحيد هو عدو الفريقين، وغادر الفريق الأول "العائد من القاهرة" الحديدة إلى صنعاء وغادر الفريق الثاني الحديدة إلى مصر بحجة زيارة الإتحاد السوفيتي وطلب أسلحة منهم وكنت ممن قاموا باستقبال الرئيس السلال عند وصوله للقاهرة، وكان الاستقبال الرسمي ضعيفاً. . رافقته عقب ذلك إلى قصر العرب، وجرى حوار قصير فيه عتاب مني له ولمرافقيه لمغادرتهم اليمن في الظروف التي نعيشها ومعاتباً لعدم التلاحم والوقوف أمام الأعداء فسمعت أنه سيذهب في زيارة إلى الاتحاد السوفيتي لطلب أسلحة ووجه حديثه لي أنه يجب على الآن العودة إلى اليمن لتحمل مسئولية الجيش فأجبته "العليا علس، وبعد ما شاب ختنوه" وفيها تأنيب للمطالبات المتكررة التي لم يؤخذ بها فيما يتعلق بتحديث وتطوير الجيش ليكون قادرا على التصدي للأعداء قبل انسحاب الجيش المصري

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد