بقلم/ رأفت حمدونة
فى الذكرى السابعة عشر لبطولة جنين ما لنا إلا أن نحنى هاماتنا إجلالا واحتراماً أمام أهل هذا المخيم وقادته ومعتقليه ونسائه وشبابه وشيوخه وأطفاله ، هذا المخيم الذي صمد ببسالة في وجه أعتى ترسانة عسكرية في المنطقة ، وتطورت أشكال مقاومته ، فأعطوا دروساً للعرب والمسلمين في النضال والمقاومة .
فى معركة جنين جُنَّ جنون قادة الجيش والدولة اليهودية ، الذين لم يتوقعوا هذا الكم عندهم من الخسائر البشرية والاقتصادية ، فقتلوا الأبرياء الرضع في مهدهم ، والأطفال في أحضان آبائهم وعلي مقاعد الدراسة ، واقتلعوا الشجر وحوّلوا الحدائق والمزارع والبساتين إلي كومة مكسرة من الحطب وهدَّموا البيوت علي رؤوس أهلها ، و أزالوا مناطق سكنية واسعة وسووها بالأرض ، ودمروا المساجد والمدارس ، فقتلوا وجرحوا العشرات من أهله العزل وأغلبهم من المدنين والآمنين .
فى جنين استخدم الجيش الصهيوني في حربه الإرهابية والبربرية أنواعاً من الأسلحة المحرمة دولياً ، كالرصاص المتفجر وقذائف الدبابات ، وكل أنواع الطائرات الأمريكية.. لم يَسلم بيت من شهيد أو جريح أو معتقل أو متضرر في بيت أو مزرعة أو مصدر رزق ، فعاني معظم أهله من كل الممارسات والانتهاكات بحقهم .
فى معركة جنين وجد الأهالي أنفسهم وحيدين في هذه المعركة المقدسة ، التي كان يجب أن يشاركه فيها كل المسلمين والعرب ، ففي اللحظة التي كان دمه يراق ويسكب علي الأرض ، ، كانت تقام الحفلات والأغاني الماجنة علي شاشات التلفاز ، وكانت أكثر العبارات كرهاً علي مسامع الفلسطينيين هي عبارات وتصريحات الرفض والشجب والاستنكار .
كان أهل مخيم جنين حينها على يقين بأن هنالك تجاهل مقصود اشترك فيه الجميع بهدف كسر إرادته وعزيمته ومع هذا وقف عنيدًا ومكافحًا ، وكان النموذج الأرقى في الجهاد والتضحية والصبر والعطاء والمقاومة ، جنين التي ارتوت بدماء الشيخ المجاهد عز الدين القسام ورفاقه في أحراش يعبد .
وكانوا فى معركتهم أمام العدو فساميين ، وكل العالم راقب صمودهم ، فكانوا جنود الوعد الآخر ، والفئة المؤمنة التي مدحها رسول الله ( ص ) ، وكانوا أحباب الله ورسوله علي هذه الأرض المباركة والمقدسة فانتصروا رغم قلة الإمكان .<