;

طاقة أقل.. احتباس حراري أقل 778

2009-04-13 03:27:28

بقلم :محمد حسين اليوسفي

أضحى الاحتباس الحراري الناتج عن
انبعاث بعض الغازات وعلى رأسها غاز ثاني
أكسيد الكربون جراء استخدام مصادر الطاقة
الأحفورية وفي مقدمتها النفط ومشتقاته
مشكلة تهم كل البشر: حكومات وشعوباً.

فزيادة حرارة الأرض أخذت تغير الكثير
من الظواهر الطبيعية مثل تغير مواعيد
المواسم، وكمية هطول الأمطار ومواعيدها،
وقوة الأعاصير وتكرار حدوثها، وكثافة
الجليد على قمم الجبال وتأثير ذلك على
مستوى مياه الأنهار، وذوبان الجليد في
القطب الجنوبي والشمالي وتأثيرات ذلك
المدمرة في ارتفاع منسوب مياه المحيطات
وإغراقها للعديد من الجزر وغيرها الكثير!!
ومن الغريب أن الكل بات يعرف الحل، بيد
أن هذا الحل على بساطته عسير على
التطبيق إلى الآن ويكمن تلخيصاً في التحول
من الطاقة التقليدية القائمة على المصادر
الأحفورية إلى الطاقة النظيفة والدائمة
والمتجددة القائمة على حرارة الشمس وقوة
الرياح وعلى مساقط المياه واندفاعة تيارات
البحار بمدها وجزرها فضلاً عن الوقود
المستخرج من المواد النباتية.
وهذه المصادر لازالت في طور التطور

وكفاءتها في إنتاج الطاقة ويسر وسهولة
استخدامه لا تضاهي مطلقاً تلك التي نأخذها
من النفط أو الغاز الطبيعي، وبالتالي
فالبشرية في سباق مع الزمن لكي تخفف من
نسبة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس
الحراري في مرحلة التحول التاريخية من
مصادر الطاقة الأحفورية إلى الطاقة الدائمة.
ولعل الوسيلة الوحيدة الانتقالية التي
تقلل من غلواء انبعاث الغازات المسببة
للحرارة وعلى رأسها غاز ثاني أكسيد
الكربون هو زيادة كفاءة الأجهزة المستخدمة
حالياً كالسيارات والمكيفات والمباني المصممة
بشكل يحافظ على الطاقة وغيرها. علاوة على
ذلك، وعي الفرد بأهمية ترشيده لاستهلاك
الطاقة في جميع أوجه حياته.
ترى، هل يستطيع الفرد بمبادرة شخصية
منه أن يساهم ولو بجزء صغير من التقليل من
انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وبالتالي
يشارك في التقليل من الاحتباس الحراري
ليعطي الوقت للتحول التاريخي إلى الطاقات
البديلة أن يأخذ مجراه بشكل سلس؟؟ تساؤل

كان عنواناً لمقالة مهمة نشرت في مجلة
«ناشونال جيوغرافيك» الأميركية في عدد مارس
الفائت. . وهذه المجلة الرصينة والمشوقة تصدر
عن الجمعية الجغرافية الأميركية التي تأسست
في العام 1888 م والتي دعمت منذئذ تسعة آلاف
مشروع علمي وحملات استكشافية. والمقال بقلم
أحد كتابها واسمه بيتر ميلر، الذي يستشعر
خطر الاحتباس الحراري ويريد أن يوضح
لمواطنيه سبل المساهمة الفردية في التخفيف من
انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وهو يخص مواطنيه (ولنا عبرة فيما
يقول) لأن متوسط ما ينبعث من ثاني أكسيد
الكربون بسبب استهلاك المواطن الأميركي في
اليوم هو 150 باوند (الباوند نصف كليو
غرام تقريباً) وهذا ضعف معدل نظرائه في
أوروبا، وخمسة أمثال المعدل العالمي!! وأيضاً
لأن بلاده (الولايات المتحدة الأميركية)
مسئولة عن خمس ما ينبعث من ذلك الغاز
والمقدرة بستة مليارات طن سنوياً!! ، وهذه
الكمية الضخمة تأتي في المقام الأول من
استهلاك الطاقة الكهربائية في المباني

المختلفة كالبيوت والأسواق المركزية والمكاتب،
ثم يليها وسائط النقل المختلفة وعلى رأسها
السيارات الخاصة، والقطاع الصناعي يتلو
ذلك، مثل المصافي ومصانع الورق وغيرها.
ويعطينا الكاتب بعض الإحصائيات
الطريفة في النسب والكميات التي يستطيع
المواطنون الأميركان تحقيقها لو جنحوا إلى
الترشيد. فهو يقول، لو أننا استبدلنا نصف
مصابيحنا الحرارية بمصابيح الفلوريسان
فإننا نقلل من انبعاث غاز ثاني أكسيد
الكربون بأكثر من 42 مليون طن سنوياً، أي
بنسبة 36%، ولو أطفأنا كمبيوتراتنا حين
الانتهاء من العمل بها، لوفرنا أكثر من 8 آلاف
مليون طن من ذلك الغاز أي بنسبة 50%.
أما إذا قدنا سياراتنا 20 ميلاً أقل من
المعتاد أسبوعياً فإننا سنمنع انبعاث 107
ملايين طن سنوياً تشكل 9%، في حين أننا لو
زدنا من كفاءة استهلاك الطاقة في سياراتنا
إلى خمسة أميال للغالون، فهذا سيؤدي إلى
خفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو
239 مليون طن سنوياً أي بنسبة 20%.

ولم يقف الكاتب عند بث المواعظ على الآخرين
ونسيان نفسه كما يفعل مثقفو العرب ومنهم
كاتب هذه السطور بل قام هو وبعض جيرانه
بتجربة شخصية ألزموا فيها أنفسهم بالتقليل
من استخدام الطاقة، بعد أن احتسبوا الكمية
التي يستهلكونها شهرياً ومقدار ما تبعث من
غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الجو. . فأخذوا
بالتقليل من استخدام سياراتهم واستبدلوها
بالمشي أو ركوب الدراجة الهوائية، وبدلوا
مصابيح بيوتهم إلى تلك التي تستهلك كمية
أقل من الكهرباء، وأغلقوا مكيفاتهم وفضلوا
تحمل رطوبة ولاية فرجينيا في شهر يوليو
(وهي بالطبع ليست كالرطوبة التي عندنا)،
ونشروا غسلهم في الهواء الطلق بدلاً من
أجهزة التنشيف.
وكان نتيجة عملهم الحميد مذهلاً، فقد
استطاعوا أن يخفضوا من استهلاكهم
للكهرباء بنسبة 70% مقارنة بشهر يوليو من
العام السابق للتجربة، 40 من استهلاك الغاز،
وبمقدار النصف لمعدل قيادة الفرد للسيارة في
الولايات المتحدة. واستطاعوا أن يقللوا
بنسبة النصف أيضاً من انبعاثات غاز ثاني
أكسيد الكربون حسب المعدلات القائمة.
حقاً إننا نستطيع كأفراد عمل الكثير
حفاظاً على بيئتنا ومساهمة في حل معضلة
الاحتباس الحراري التي نواجهها جميعاً. <

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد