شكري عبدالغني الزعيتري
بالأمس القريب حين ازدادت الأزمة السياسية حدة بين طرفي الائتلاف الحاكم المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني عموما وبين فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ونائبه الأستاذ / علي سالم البيض في أغسطس عام 1993م حين عاد النائب من جولة خارجية زار فيها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية إلي عدن واعتكف هناك رافضا العودة إلي العاصمة صنعاء وتزايد توتر العلاقة بين الطرفين حتى وصلت إلي مرحلة الانسداد حيث كان كل طرف كان له مقترحات لحل الأزمة إذ كان الحزب الاشتراكي قد طرح علي لجنة الوساطة التي ضمت (المشير عبدالله السلال والقاضي عبدالرحمن صبره والأستاذ محمد سالم باسندوة وآخرين والذين ذهبوا إلي عدن لمقابلة النائب علي سالم البيض (ثمان عشر مقترح كمطالب يشترط تنفيذها لحل الأزمة ) بينما تقدم المؤتمر الشعبي العام من جانبه لحل الأزمة السياسية (بتسعة عشر مقترح يشترط تنفيذها لحل الأزمة ) .. وظهرت المعارضة بمبادرة لحل الأزمة سميت (مشروع أسس أولية لاستقرار النظام السياسي ) ... ولكن دون جدوى إذ انفجرت الحرب العسكرية المسلحة بين الجناح العسكري من القوات المسلحة للمؤتمر الشعبي العام والجناح العسكري من القوات المسلحة للحزب الاشتراكي اليمني في 2 / ابريل 1994م بدأت في عمران بين اللواء الثالث جنوبي بقيادة سيف صالح وبين اللواء الأول مدرع شمالي بقيادة القشبي وهما في معسكر واحد لا ينفصلان سوى بضعة أمتار واتسع الصراع المسلح شيئا فشيئا حتى امتد إلي محافظة ذمار حيث حوصر معسكر باصهيب في تاريخ 4/5/ 1994 م من قبل اللواء 56 مدرع من رداع ولواء حمزة من محافظة اب ولواء المجد من مدينة باجل ووحدات من الحرس الجمهوري والأمن المركزي .. وتطورت الأحداث حتى عمت اليمن فالحزب الاشتراكي وجناحه العسكري تمركز في مدينة عدن وقام بتحصين المداخل إليها وحاول اتخاذ إستراتيجية الدفاع مع تنفيذ عمليات هجومية متقطعة من خلال الهجوم الجوى الصاروخي و المؤتمر الشعبي العام وجناحه العسكري انطلق لفتح عدة جبهات متخذا إستراتيجية الهجوم وأشدت الحرب المسلحة وأثناء هذا كان السواد الأعظم من أبناء الشعب والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني تري بان الحرب بين طرفين سياسيين يحتربان لأجل الحكم والسلطة وعليه في الأيام الأولي من الحرب وقف السواد الأعظم من الشعب في حالة من عدم الانحياز لمناصرة أي طرف ضد طرف آخر فكانت الأيام الأولي من الصراع تعادل وعدم انتصار أحدا علي الآخر وظهر كلا الطرفين أن أصبح يشعر بأنه تورط أمام أبناء الشعب اليمني وكافة القوى السياسية هكذا كان سير المعركة في الأيام الأولي إلي أن جاء يوم السبت تاريخ 21 / مايو1994م الذي تم فيه إعلان جمهورية اليمن الديمقراطية من مدينه عدن وشكلت قيادة الدولة المنفصلة وإعلان انفصالها عن الجمهورية اليمنية الموحدة علي أساس مجلس رئاسة مكون من خمسة أعضاء وبهذا الإعلان الانفصالي قلبت موازين المعركة لصالح المؤتمر الشعبي العام وجناحه العسكري بان خرج كافة أبناء الشعب اليمني والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني من حالة عدم الانحياز إلي مناصرة المؤتمر الشعبي العام وجناحه العسكري وأصبح الشعب يراهم قوة الشرعية للحفاظ علي الوحدة اليمنية إذ أن إعلان الانفصال من قبل الحزب الاشتراكي اليمني الجناح المتشدد من قيادته ورغم وجود الكثير من قاعدة الحزب الاشتراكي وقيادته لم يؤيدوا الانفصال ولم يأخذ رأيهم أصلا واصدر قرار الانفصال من الجناح السياسي المتشدد الذي كان متواجدا في عدن وتخلوا عن قاعدتهم الشعبية التي كانت تتواجد في المناطق الشمالية وقيادتهم الوسطية . ذلك الإعلان عن قرار الانفصال جعل المؤتمر الشعبي العام هو من يحمل لواء الحفاظ على الوحدة اليمنية فحصل بذلك علي المناصرة من كافة ابناء الشعب اليمني و حتى من النساء والأطفال . فأصبح طرف المؤتمر الشعبي العام القوة الضارية بتأييد أبناء الشعب اليمني له وكافة القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني والذي كان عامل ومرتكز للنصر الحاسم للوحدة والمؤتمر الشعبي اليمني والشعب لماذا حدث هذا التحول الكبير .. ؟ لان الشعب اصطف بجانب الحفاظ علي الوحدة لأنه همه كان عدم الانفصال والوقوف أمام التراجع عن الوحدة اليمنية وليس همة أن ينتصر طرف ما سياسي علي طرف آخر سواء كان المؤتمر الشعبي العام أو الحزب الاشتراكي .. وأمام هذه العظة والعبرة نقول اليوم لكل أولئك ولكل فرد ممن يأتي اليوم لينادي بالانفصال للجنوب والانسلاخ عن الوحدة اليمنية وتجزئيه اليمن الموحدة نقول لهم مهما كانت المبررات فهي ليست مقبولة من قبل السواد الأعظم من الشعب اليمني وليست مقنعه لهم ... ونقول لهم أيضا الم تستفيدوا من درس الماضي القريب بان يتم خوضكم مرة أخرى في هكذا توجه انفصالي لن يقبله منهم الشعب اليمني وتحت أي أسباب وأي مبررات مهما كانت .. ونقول لهم أولئك ممن ينادون بالانفصال الم تتعلموا من العبر والعظات الكثيرة ويدونها التاريخ .. واخلص بالقول لكم (ومسبقا ) إنكم ستخسرون إن خضتم خوض الانفصال لأجل أهداف ومطالب ربما قد تكون منها ما هو حق ومنها ما هو مبالغ فيه . المهم أنكم ستخسرون قبل دخول المعركة صغرت أم كبرت لأنكم بهذا النداء الانفصالي تحولون بان يكون الشعب اليمني عامة هو عدوكم .. وأخيرا أنصحكم بان تكون معركتكم مع خصومكم في السياسية وفي حدود هذه الدائرة .. والعمل لأجل تلبية مطالبكم تحت لواء الوحدة اليمنية والحفاظ عليها ما لم فيسكون الحق باطلاً .. وأنصحكم بان لا توسعوا دائرة خصومكم ليشمل الشعب اليمني كله واحصروه فيما بينكم وبين منافسكم السياسي المؤتمر الشعبي العام لتلقي مطالبكم سمعا وصدي ويظل من يؤيدكم من أبناء الشعب والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني علي نفس التوجه إن كانت حقه ولمصلحه عامة للوطن وشعبه .. وثانيا لاجل ان يكون ندكم في السياسة مساوي لكم كحجم وإمكانية لصراع سياسي متكافئ وفي نطاق دائرة الخصم السياسي الحاكم . فلا تعيدوا الكرة مرة أخري وابتعدوا عن المناداة بالانفصال ولا تعادوا الشعب اليمني بمجملة وليكن ما مضي عبرة وعظه لكم ولغيركم وأخيرا أقول : ليس كل الشعب اليمني مؤتمري ... و ليس كل الشعب اليمني اشتراكي ... و ليس كل الشعب اليمني إصلاحي ... و ليس كل الشعب اليمني بعثي أو ناصري ... الخ . ولكن كل الشعب اليمني وحدوي (أرضا وإنسانا ) . ومن هم اليوم حولكم وحول وباء الانفصال والتمزيق فما هم إلا حفنة فلا يغرنكم أصواتهم وان ارتفعت اليوم فإنها ستختفي و ستضيع عند أول قرعة طبل الفتنة وأي اقتتال داخلي .
Shukri_alzoatree@yahoo.com