;

خطة القوات المسلحة لفك الحصار ..الحلقة «7» 928

2009-04-15 04:18:26

حصار صنعاء 1967 1968

ورغم تأثري البالغ إلى درجة القلق والمعاناة إلا أنني كنت أتجلد وأتحمل وأستعد لمغادرة القاهرة ويبدأ خيالي في أعداد العمليات الهجومية لكسر الحصار وبالتالي دخول الإمداد إلى العاصمة، لقد كان ميل الإعلام الشقيق والصديق للأسف مع الحصار ومع الباطل ضد الحق بالنسبة لقضايا اليمن العادلة مما جعلني أجمع اكبر عدد ممكن من تلك الصحف والمقالات ملأت بها حقيبة ملابس كبيرة أردت حملها والاحتفاظ بها ولكن وللأسف فقدت وضاعت وأملي في أن يكون لتكل الصحف أرشيفاتها من مصادرها حتى يتمكن من يهمة الأمر في البحث فيها، للأسف كانت الصحافة اليمنية في ذلك الحين لا تزال وليده ومحدودة حتى في داخل اليمن ولا يمكنها الوصول إلى الخارج إلا نادرا مما ساعد الأعداء بإيصال المعلومات والشائعات التي يريدونها بالإضافة إلى ما يجري على واقع الحياة. وكانت إذاعة "لندن" و "مونتيكارلو" وإذاعات الأشقاء والأصدقاء لا تقل حماسا وإسناداً للحصار فقد كانت تؤكد وباستمرار بأن سقوط العاصمة والثورة والجمهورية ليست إلا مسألة وقت كانت إذاعة صنعاء وبرغم من محدوديته مساحتها في الداخل أو الخارج وهي المصدر الإعلامي الوحيد الذي يقوم بواجب كبير فقد كانت تصارع وتقارع الأعداء وتحاول الاستمرارية بالرغم من الضربات الموجهة إليها، لقد كانت متابعة إذاعة صنعاء تؤدي بي إلى اشتراطي على البائع عند شرائي لجهاز الراديو إمكانيته في استقبال البث من صنعاء وإلا فإني سوف أقوم بإرجاعه، كان البث وبصورة عامة ضعيفاً جداً ويتطلب التواجد في أماكن معينة وعلى ارتفاعات عالية، لقد لعبت إذاعة صنعاء دوراً رئيسيا في الصمود ورفع المعنويات ومن ضمن البرنامج التي كانت تبثها مستهزئة بالحصار والأعداء ومؤججة لحماس المحاصرين برنامج "صالح علي" وبرنامج " الأيانحيت" للأخ حمود زيد عيسى، وبرنامج "جي نتجابر" للأخ محمد الشرفي، وبرنامج " جي ما قولك" للأخ محسن الجبري. . . الخ

ولأهمية الإذاعة في صنعاء كمصدر وحيد مؤيد للثورة والجمهورية كنت أتمنى لو أن يتم التنبه إلى نقل أجهزة البث إلى أماكن أخرى غير مقر الإذاعة حتى يمكن الحفاظ على البث واستسقاء المعلومات حيث وأن العدو كان يركز وفي كثير من الأوقات على ضرب مقر الإذاعة لإدراكه بأهميتها وقد شعرت بسعادة كبيرة حين علمت بأنه قد تم تجهيز موقع تبادلي لقهر الأعداء،

الأزمات والانفراجات " الماضي والحاضر والمستقبل قبل العودة إلى الوطن"

من أبرز ما حدث في الموقع الأول حول متابعة الحديث عن الذكريات، الخوف الشديد من تفوق هجوم الحصار كان ذلك يتسبب في أزمة تتكون أسبابها من كيفية وصول الحصار إلى ما وصل إليه وعلى وجه التحديد عندما نتابع الأخبار ونجد أن الضربات قد ركزت على الإذاعة فأسكتتها وأثناء إسكات الإذاعة تنشر الصحف أن الهجمات تتواصل على العاصمة صنعاء وان صنعاء على طريق السقوط وتبدأ الأزمة في التكوين وإذا بالقلق والهموم والمعاناة تخلق الأزمة ويبدأ الفكر في رحيله بين القاهرة وصنعاء أو بين مصر واليمن ويأخذ معه الخيال لتوظيف الهموم إلى مهام، وأتخيل أنني أتقدم حملة طريق الحديدة صنعاء وإذا بالأزمة تبدأ بالتراجع وتأتي مرحلة الانفراج التي يساعدها إعادة بث إذاعة صنعاء وتتغير الأزمة إلى انفراج وعلى هذا فقس بين أزمة وانفراج وتوظيف هموم إلى مهام مرتين إلى ثلاث مرات طيلة الأسبوع الواحد وعلى مدى ما يقارب الثلاثين يوماً وهي فترة الموقع الأول خارج الوطن، مثل آخر حينما يقوم الفكر برحلة إلى المستقبل بعد رحلته إلى الماضي مع الافتراض جدلاً أن الحصار قد انتصر وبالتالي تقوم الإمامة بقطع الرؤوس ونصب المشانق وتعلق الرؤوس على أعود الشجر للتشهير والإرهاب، وتتكون أزمة جديدة وحينما يواصل التفكير مع الخيال طرح حلول وكان أول حل من الحلول هو إيجاد شباب فدائي لقطع الخطوط الخلفية للأعداء والاستيلاء على الإمداد والتموين أو نسفه وكانت تتسلسل الأفكار في ضرورة وحتمية إيجاد عمليات هجومية لتحقيق أهداف توصل إلى فك الحصار وكان الاعتقاد في التغيير الجذري للتكتيك القتالي قد بدأ يتفاعل مع التفكير وحان الوقت لمغادرة القاهرة إلى أرض الوطن،

العودة إلى الوطن:جاء اليوم الذي نغادر فيه مصر إلى اليمن عن طريق أسوان لعدم وجود رحلات مباشره من القاهرة إلى صنعاء في آخر ليلة من ليالي رمضان توجهنا من مطار القاهرة إلى مطار أسوان أنا ومعي العائلة والولد طارق والعقيد علي سيف الخولاني والأخ/ أحمد المتوكل وآخر لا أتذكر أسمة بعد الاتفاق على العودة معاً،

ولكن للأسف الشديد عندما وصلنا إلى أسوان أخبرنا الخبراء الروس بأنهم آخر دفعة وصلت من اليمن ولا يوجد طائرة عائدة إلى اليمن،وفي مطار أسوان حدث حوار بين عدد من هؤلاء الخبراء يعرفون العقيد/ علي سيف الخولاني عندما كان سفيرا لليمن في موسكو فاجئونا بأخبار سيئة بما لفظه "علي. . علي. . رايح فين ملكيه فيه. . . جمهورية ما فيش" وإذا بالعقيد / علي سيف الخلولاني يناديني " أين ابن ضيف الله يسمع" " وكنت قريباً منه وأسمع الحوار بينهم فكررت ما قال أحد الخبراء بحماس وانفعا" على. . . على. . . سوف يعود إلى بلادة ليدافع عن وطنه كما أنتم عائدون إلى وطنكم" وأكمل أحد الخبراء الروس "إحنا رايحين للدفاع عن الثورة الأم في مصر"،

وذهبنا إلى الفندق وكنا لا نملك أي مبلغ سوى مبلغ ضئيل لا أتذكر تقديره بين الخمسة عشر والثلاثين جنية كان مع أم الأولاد ودفعناها للفندق، عدنا بالقطار إلى القاهرة وكانت الرحلة بالقطار متعبة بالنسبة لأم الأولاد بسبب الحمل والحضانة، جاءت المحاولة الثانية للعودة إلى اليمن في اليوم الثاني مباشرة على الطائرة الأثيوبية المتجهة إلى أسمره ومنها إلى اليمن أنا ووزير الخارجية الزميل حسن مكي والمقدم أحمد المتوكل وآخر وزوجته لا أتذكر اسمه وغياب العقيد علي سيف الخولاني وكان وزير الخارجية عائدا من بيروت في طريقه إلى صنعاء بعد أن رفض اللقاء مع الملكيين، ومما يذكر هنا أنه قد حدثت مشادة بين الدكتور/ حسن مكي والسفير السعودي في بيروت نتيجة لموقف الدكتور مكي المتمسك بالثورة والجمهورية حيث قال السفير السعودي " دعوه يذهب فإنهم سوف يسحلونه في شوارع صنعاء" وقد أكد هذا الكلام الدكتور/ حسن مكي في مقدمته عن حصار السبعين في الكتاب الذي أعدته جريدة الرأي العام،

وكان في توديعنا مندوب من وزاره الخارجية دار بيني وبينه حوار جاد قصير ومثير وكنت أحمل أعداد من الصحف الصباحية والتي اعتادت على نشر الأخبار المزعجة والمقلقة بعناوين عريضة ذات اللون الأسود واللون الأحمر طيلة ما يقارب الشهر تظهر الحصار بمظهر المتفوق والمنتصر كل يوم تطلع شمسه حتى يوم المغادرة، وما طرحته على مندوب وزارة الخارجية هو أن تضحيات جساماً قامت بها الجمهورية العربية المتحدة بذلت بسخاء وامتزاج الدم اليمني بالدم المصري وشكلت رمزين تاريخيين هما مقبرة الشهداء المصريين في العاصمة صنعاء والنصب التذكاري للجندي المجهول، وتساءلت ماذا سيكون مصير الرمزين لو انتصرت الملكية وتبادر إلى الذهن أن الخراب والدمار قد عم وعشعش الظلام بتلك الرموز الهامة كبديل لأشعة النور الساطعة من السماء وطبقا للآية الكريمة (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)) وتبادر إلى ذهني ذكريات لعهد ما قبل الثورة والتي منها أن أشخاص فقراء " متربه" إذا ما مرض شخص واقترب أجله يحومون حوله حتى تنتقل روحه إلى بارئها كي يحصلون على مكاسب ضئيلة مقابل تلاوة أجزاء من القرآن الكريم أما ما تريده الحرب الإعلامية فمهما كانت المكاسب فإنها لا تساوي قطرات من الدماء التي سفكت قربانا للحرية وهناك أمثله عديدة قد يطول الحديث حولها، وواصلت حديثي إلى مندوب الخارجية ما أريده هو أن تحمل هذه الإمانة وطرحت أمامه أعداداً من الصحف لكي يطرح هذا الموضوع الهام على وزير الخارجية المصري ويطلب منه توجيهات الرئيس جمال إلى وزارة الإعلام للتخفيف من تلك الحملات احتراما لشهداء مصر وشهداء اليمن،

أما ما تنشره تلك الصحف بالتأكيد عن سقوط العاصمة صنعاء وبالتالي انتصار الحصار بسقوط الثورة والجمهورية فما اعتقده هو مستحيل لأن قضايانا عادلة وثورتنا أصيلة أصالة الحياة يستحيل معها تحقيق النصر للأعداء فنحن مع العدل ضد الظلم ومع الحق ضد الباطل. . . الخ

خواطر وذكريات عشتها في الطائرة قبل وصولي إلى صنعاء

وأنا في الطائرة في طريق العودة إلى الوطن بدأت أستعرض شريط الذكريات عن مراحل النضال الوطني التي لم تبدأ في 26 سبتمبر 1962م وإنما ولدت قبل سنوات عديدة ظلت اليمن تحمل معاناة الإجهاض لمولود كان يأتي غير متكامله ولكنها لم تتوقف عن الحمل حتى توجته بميلاد الحدث الأعظم وهو سبتمبر العظيم عام 1962م،

استمر شريط الذكريات للماضي البغيض وبشاعة النظام في حينه وأساليب الدجل والقهر والإذلال ومحاولة مسح الذات اليمنية والقضاء على الموروث الحضاري للإنسان اليمني ومحاولة إيجاد فجوة تفصله عن الماضي القديم بحضارته كي يتسنى لهم السيطرة على شعبنا العظيم ذلك ما كان يدور في مخيلتي وأنا أتصور ما يمكن إن يحدث لا سمح الله من مجازر لو انتصر الحصار فرضاً،

وعدت بالذاكرة عبر 26 عاماً من الزمن بل منذ بداية الدراسة، منها ثلاث سنوات قضيتها في منطقة وادي بنا بلا رؤية لمعرفة أسباب ذلك الظلام الدامس وأنا أعيش حياة الظلم في سن مبكرة أمارس أعمال الزراعة والري وتلك أعمال جائرة في تلك السن نتيجة لوفاة الوالد والأخ الأكبر وتحملت أثنائها مسئولية الأسرة ومسئوليات متطلبات الحكم الجائرة والمساهمة في حل مشاكل القرية وبدون معرفة أسباب ذلك الظلم كون الإمام يحيى مقدس والدعاء له بعد الصلوات الخمس وبعد خطبة الجمعة وفي تقاليد الأحزان والأفراح.

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد