نبيل مصطفى الدفعي
يعيش في مجتمعنا عدد كبير من الناس وتحديداً من الرجال حياة رتيبة مملة وفق نظام قد يكون دقيقاً، ينامون في ساعة معينة ويستيقظون في ساعة معينة، فيذهبون إلى أعمالهم، بعدها يقومون بمضغ القات أيضاً في نفس الساعات المعينة ويمضون اليوم كما مضوا الأمس وكما سيمضون الغد، حياتهم رتيبة كالساعة الدقيقة لا تقدم ولا تؤخر، بشر كالأصنام أو الآلات تمضي بهم الحياة رتيبة مملة وجافة.
وهكذا تنطوي الأيام والشهور والأعوام، ويمضي العمر بلا طعم أو لون أو معنى، وفجأة يرى الواحد نفسه وقد قوست السنون ظهره وجعدت الأيام وجهه، وصار على قاب قوسين من الموت أو أدنى، هناك العديد من المعارف والأصدقاء يعيشون على هذا الحال بعضهم متمسك بهذه العادات إلى درجة قصوى ويعيشون حياتهم على هذا النمط في الصيف وفي الشتاء.
اعتقد بأن ذلك خطأ كبيراً يرتكبونه هؤلاء الناس فالتبديل والتغيير من ضرورات الحياة، فالمرء ليس آلة تعمل ليل نهار، بل هو إنسان من لحم ودم، وهو بالتالي بحاجة إلى راحة واسترخاء بعد جهد العمل وعناء الرقابة!! وهذا الاسترخاء أو التبديل يجب أن يحدث بعيداً عن الجو الذي نعيشه كل يوم وإلا أصبح مثلنا مثل سائق سيارة غسل الشوارع الذي يذهب بعض الأحيان ليتنزه في سيارته ليروح عن نفسه فيذهب في جولة بنفس الشوارع، فلا بد من تغيير مكان التنزه وإذا قضيت أوقاتك بعض الأحيان فيلسوفاً أو متحدثاً لبقاً فقد يحلو لك أحياناً أن تستمع إلى أحاديث التافهين هذا مثل ليس إلا فالتغيير ضروري إذا تغير في نمط الحياة يمكن حتى في أثاث البيت أو اللباس وفي الطعام وتغير حتى في الناس الذين تعاشرهم، إن هذا التغيير والتبديل الذي ادعو إليه يجب أن يتم باعتدال دون مبالغة، فالكثير الكثير مضر كالقليل القليل، والتخمة قريبة من الجوع، والإسراف صنو البخل والتقتير والثرثرة بشعة كالصمت الرهيب!
ادعو إلى التغيير والتبديل في حياتنا شرط أن يجري هذا التغيير باعتدال وألا يتناول المبادئ والأخلاق.
* الاعتدال محبب في الحزن والفرح
أحد الأصدقاء ماتت جدته عن تسعين "ربيعاً" فأقام لها مناحة لا يقام مثلها لشاب في عمر الورود، وهناك بعض الناس "يضيعون" رؤوسهم وعقولهم إذا حدث لهم ما يفرحهم والله من وراء القصد.