شكري عبدالغني الزعيتري
كانت المحافظات الجنوبية قبل ثورة 14 أكتوبر 1963م مقسمة إلى سلطنات ولكل سلطنة حاكم كان يسمي السلطان وكانت محافظة لحج لها سلطان مسلم واتصف بأعمال الخير والإحسان والبر و لان الديانة اليهودية كان لها إتباعها من اليهود فقد كان لليهود توجد في أرجاء اليمن. وكان سلطان لحج إذا اسلم يهودي باعتناقه الإسلام دينا وترك اعتناق الديانة اليهودية يفرح به وسرعان ما يأمر جنده بالإتيان بمن اسلم إليه فيكافئه بمكافئة مالية نقدية مجزية علي دخوله الإسلام ويأمر بان يكون له من الحقوق وعلية من الواجبات ما لليمني المسلم في نطاق سلطنة لحج ويأمر بتجهيز أفضل خيوله ويأمر جنده بأخذ اليهودي الذي اسلم وإركابه علي الخيل والخروج ليطاف به بين العامة بالمدينة لثلاثة أيام وذلك ليتم إشهار إسلام الرجل اليهودي اليمني وليعرف العامة من الناس بإسلام اليهودي فيحسنون معاملته. . . وكان شخص يدعي باسم (احمد ) وهو من احد ساكني القرى اليمنية ومسلم الديانة والملة. وفي احد الأيام ضاقت به الدنيا إذ انه كان فقير الحال (معسر) وازدادت حاجته وأفراد أسرته فعزم علي السفر إلي مدينة (عدن ) للبحث عن عمل وللارتزاق فسافر وحين وصل مدينة عدن من يومه الثاني خرج باحثا عن عمل واستمر بحثه لشهر ولم يجد عمل ومع مرور الأيام كان يزداد فقره وجوعه وهمه علي أطفاله الذين تركهم في القرية ووصل حاله لحد لم يعد يطيق نفسه. . وبينما والجوع يعتصره والهم علي أطفاله يضنيه وفي احد الأيام وهو يتجول في السوق باحثا عن عمل وحين وصل إلي حالة من التعب جلس في احد مقاهي حي الشيخ عثمان بمدينة عدن لراحة دقائق من الزمن فإذا بجانبه مجموعة من الأفراد يتحدثون عن إسلام احد اليهود اليمنيين وسمعهم يتقاصصون حكايته ومن سبقه إلى الإسلام من اليهود اليمنيين ولما كان من سلطان (لحج ) من تقديمه مكافئة مجزية لهذا اليهودي الذي اسلم ولمن قبله. . فذهب بعد يسأل عن تفاصيل وجمع المعلومات وكامل المعرفة عن قصة سلطان لحج ومع من يسلم من يهود يمنيين وما أكرمهم به من جزيل عطائه ولكل من يسلم من اليهود اليمنيين. . ومن يومه الثاني فجرا ذهب إلي قصر سلطان لحج ومنذ الفجر فوقف علي باب القصر منتظرا حين يبدءا السلطان مباشره أعمال يومه. وحين حانت الساعة اخبر (احمد ) احد حراس القصر بأنه يهودي وقد اسلم ويريد مقابلة السلطان فادخلوه بعد اخذ الإذن له من السلطان وحين وقف بين يدي السلطان قال للسلطان أنا يهودي وكان اسمي (يعقوب ) ولذكاء المكر وحيلة الكذب لدى (احمد ) ادقن وتفنن في كذبه وحيلته إذ انه استعار اسم احد اليهود ممن كانوا في قرية (احمد) ساكنا وكان يحمل اسم (يعقوب ) ولكنه قد هاجر إلي خارج اليمن ولم يعد. . فقال له السلطان (نعم ) بقصد أن يواصل الحديث. فقال : احمد ولكني دخلت الإسلام بان أسلمت ولهذا غيرت اسمي إلي (احمد ) فأصبح اسمي احمد بدلا عن (يعقوب ). وكنت قد هاجرت من قريتي قبل إسلامي إلي بريطانيا للعمل و كان إسلامي علي يد شيخ قابلته اثنا هجرتي من اليمن وذهابي إلى بريطانيا قبل عشر سنوات إذ قابلت هذا الشيخ المسلم علي السفينة وحدث بيننا تعارف وتقارب وكثيرا ما كنت اجلس بجواره أثناء السفر وكثيرا ما شرح لي وعرفني بالإسلام حيث كان لديه علم واسع وعميق في الدين الإسلامي ومعرفة بالديانات الأخرى اليهودية والمسيحية فكان أقناعه لي كبيرا وتأثيره في وجداني عميق التأثير فكان سببا لهدايتي لدين الإسلام. . ولكنى لم أوفق في الغربة في بريطانيا فقلت بلدي اليمن انفع لي فجئت راكبا احد السفن متخفيا ولما اكتشف طاقم السفينة أمري وكانت قد غادرت إلي أوساط البحر لم يكن أمامهم سوى استخدامي ضمن عمال الفحم بداخل السفينة فعملت خادما مقابل اجر نقلي وإيصالي إلي عدن. . وقد سمعت عنكم خير الكلام وعدل الحكم. . وما أريد إلا أمركم يا سلطان بان يصدر لي حكم بإسلامي لإشهاره لاستطيع الحصول على عمل عند المسلمين في مدن سلطنتكم حفظكم الله وحفظها لكم (طبعا هنا كان المدخل بطلب حكم قضائي حيلة لأجل الوصول للمكافئة ) فسأله السلطان عن قريته : فأجاب باسم قريته وحين تأكد السلطان بان (يعقوب) بالفعل يهودي وقد هاجر من القرية وقرن بين المعلومات التي وصلت الية من حسسه العسكر وبين ما قاله (احمد ) أي (يعقوب) اليهودي (المستعار ) وتأكد للسلطان المخدوع حينها بان يعقوب اليهودي هاجر من قريته بالفعل وبأنه هو (احمد ) الذي جاءه مسلما وانه صادق في كلامه. ففرح السلطان كعادته باليهودي وأمر بمكافئته المجزية وأمر بتجهيز الخيل ليطاف بأحمد اليهود الذي اسلم وتم هذا وبينما والجند يطوفون بأحمد وهو متربع فوق خيل السلطان ويلبس أنظف الثياب وظهر أنيق الملبس رآه احد الأشخاص ممن يعرفونه من بعد. . وباليوم الثاني تكرر الطواف (باحمد) فمر الخيل بجوار ذاك الشخص الذي عرفه وتأكد له حينها بأنه (احمد ) وبان عيناه لم تخوناه بالأمس. فتبع هذا الشخص الخيل وعليها يركب (احمد) وظل يقتنص الفرصة ليكلم ( احمد ) حتى تحققت له فهمس بصوت خفي قائلا له يا ( احمد ) فالتفت احمد فعرف الشخص المنادي وسرعان ما نزل من الخيل فاقترب منه وسلم علية وقال له ذاك الشخص (ويحين اتيهودت يا احمد ورجعت تسلم ) فهم احمد باتجاه أكثر للاقتراب من أذنيه وأطبق شفتاه واضعا لها بأذني ذاك الشخص وكأنه يقبله أثناء السلام عليه قائلا له في إذنيه (اص : يعني اسكت عند الله وعندك ) لا تفضحني ( الجوع يا صاحبي الجوع يهودني ) فضحك ذاك الشخص وسكت متعجبا من حيلة ( احمد ). . وواصل احمد ركوب الخيل والسير مع جند السلطان بعد أن برر لهم بان ذاك الرجل الذي نزل وسلم عليه من قرية مجاورة لقرية (احمد) التي كان فيها قبل السفر لبريطانيا وانه يعرف هذا الشخص وكان يتعامل بطيبة مع اليهود ولهذا نزل إلية و سلم علية. . وهنا نتوقف قليلا لنقول لك عزيزي القاري : لا تستغرب من قصة احمد المسلم الذي ادعي التيهود بدين اليهودية ومن ثم اسلم. فالنماذج المشابهة اليوم كثيرة إذ أن هناك الكثير اليوم من هم أمثال احمد بل أكثر خبثا ودهاء فلأجل المال فهناك من يبيع ويتخلي عن مبادئه وقيمه وأخلاقياته. . ولأجل المال فهناك من يكذب. . ولأجل المال فهناك من يشهد الزور. . ولأجل المال فهناك من يقتل أبرياء وظلما. . ولأجل المال فهناك من يسعي لهدم شعبا بأسره. . ولأجل المال فهناك من يخون وطنه. . . ولأجل المال فهناك من يخرج عن الملة. فنسأل الله تعالى العافية والصلاح والإصلاح لنا جميعا.
Shukri_alzoatree@yahoo. com