كروان عبد الهادي الشرجبي
كان موظفاً بسيطاً عندما فتحها عليه ربنا وعين مديراً وهذا التعيين تبعته أشياء أخرى منها الغرور أولاً والتعالي على الناس ثانياً وكأنه ليس منهم أو لم تلده أمه كباقي البشر، طبعاً فقد جرى في يده المال وأصبح يملك بدلاً من السيارة اثنتين وانتقل من مسكنه إلى مسكن آخر يليق بالمنصب الجديد، ومحى من ذاكرته كل من كان يعرفهم سابقاً وقام بتكوين صداقة جديدة تتناسب مع مركزه الاجتماعي الجديد كما يدعي وحدث أن توفي أحد أصدقاءه الذي كان يوما ما صديقا له فلم يبال بالخبر ولم يكلف نفسه العناء في تقديم العزاء ولو بطريقته الجديدة التي تناسبه، ومرت السنين ولا زال هذا الشخص في منصبه وصفة الغرور والتعالي لم تفارقه، وتشاء الأقدار أن يموت أحد أبناءه وقام بدفنه وبدأ هذا الشخص قبل مغيب الشمس في كل يوم يذهب إلى المقبرة حيث دفن ولده وفي أحد الأيام وجد شاباً يزور قبراً هناك بجانب قبر ابنه، عرف هذا الشاب وقام بالسلام عليه معزياً إياه فيما أصابه وهنا سأله هذا الرجل من أنت فكانت الإجابة أنه ابن صديقه الذي مات ولم يقم حتى بزيارته.
إن كثيراً من الناس ينسون أو يتناسون أن كل الناس سواسية والحقيقة الوحيدة الدالة على ذلك هي أن كل بني البشر عندما يتوفاهم الأجل يذهبون إلى البيت الحقيقي الذي لا يضم أحداً سواهم البيت الذي لا نوافذ له ولا أبواب ولا حتى زخارف ذلك البيت الذي تأتي إليه زئراً محمولاً وتكون زيارتك تلك التي لا رجعة فيها إلى الدنيا.
فمهما بلغنا في مناصب وألقاب وأعطتنا الدنيا كل ما نريده علينا أن نزداد تواضعاً وأن لا ندع الغرور والتعالي يسيطران علينا وعلى تصرفاتنا وعلينا أن نتذكر دائماً أن الله خلقنا، وعلى حد سواء ولا فرق بيننا عند الله إلا بالتقوى.<
KARAWAN2001@HOTMAIL.COM