محمد أمين الداهية
في أقصى الظروف وأصعب اللحظات وعندما تضيق بك الأرض بما رحبت يجب أن لا تفقد الأمل وتأكد أن شدة الضيق بداية للفرج، لا تنتظر مساعدة من أحد، إبحث وأبذل السبب لكن يجب أن تكون موقناً بأن من ترجوا مساعدتهم لك والوقوف إلى جانبك ما ذلك إلا سبباً حتى لا تؤنب نفسك وتقول لو أني فعلت كذا لكان كذا، كن واثقاً أنك لست وحيداً وأن هناك من سينصرك على همومك ومشاكلك، فطالما بذلت الأسباب لا تكون إلا بالتوكل على الله واستخارته على كل عمل تقوم به أو تقصده، يجب أن توقن أن كل شيء بيد الله عز وجل وأنه هو الضار وهو النافع وأنه يعز من يشاء ويذل من يشاء وبيده الخير وهو على كل شيء قدير، فيا من أعيتك مشاكل الدنيا وهمومها، ويا من تكالب عليك الأعداء وتخلى عنك الأقرباء جرب بث شكواك متفرداً في بطن الليل إلى الجبار، جرب أن تطرق باب الكريم، توسل إليه، ألح عليه بالدعاء، ابكي بين يديه، قل يا رب إن فلاناً ظلمني وليس لي أحد سواك الجأ إليه ولا حول لي ولا قوة إلا بك، وقد أوكلت أمري إليك فخذ حقي وانصفني منه يا جبار السماوات والأرض، أي وساطة أقوى من الكريم؟ وأي جاه أعز من الجبار؟ أدعو الله بقلب خالص وأنت موقن بأنه سيستجيب، أحسن الظن بالله، أحسن الظن بمن قال مخاطباً دعوة المظلوم: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين" وتأكد أن أرضك التي نهبت ستعود إليك ووظيفتك التي حرموك منها سيمنحك الله خير منها، وثق أن من اعتدوا عليك وأدخلوا الفزع إلى قلوب أطفالك وزوجتك وتمادوا في ظلمك متقوين بمناصبهم وجاههم أن الله سينتقم لك منهم عاجلاً أم آجلاً وأن مناصبهم ووجاهتهم ستكون عليهم حسرة وندامة.
عزيزي القارئ أنا لست هنا لألقي عليك محاضرة دينية وأبين لك الحلال من الحرام، فكل شيء معروف ولا أظن أحداً يجهل ما يرتكبه ولكن يجب علينا جميعاً أن نتكاتف وأن نؤدي ما علينا من نصائح لمن نعرفهم، فقد يمكن أن يكون أحدنا سبباً في إقناع صديق له غرته الدنيا وسولت له نفسه الهيمنة على عباد الله وبسط نفوذه على حق لا يملك منه شيئاً، فإذا استطاع أحدنا أن ينجح في ذلك فقد نصر أخاه ظالماً، إن مجتمعنا اليوم في أمس الحاجة إلى التراحم فيما بيننا فغالباً ما يعجز القانون عن استرداد مظلمة لشخص لا يملك العناء الدنيوي الذي يواجه به من يسعون لظلمه وبقوة المنصب والجاه وكذلك الرشوة وشهود الزور يصبح المظلوم ظالماً ولا غرابة في ذلك.