د. فايز صلاح أبو شمالة
أعداء فلسطين، والأمة العربية والإسلامية ليسوا الذين اغتصبوا فلسطين كما يحسب البعض، أعداء الأمة هم هؤلاء الذين كانوا، وما زالوا الجسر الذي يعبر عليه الغاصبون من زمن "أبرهة الحبشي"، و"شاور" وحتى "بوش" و"شارون" و"نتانياهو" هؤلاء الذين ما انفك يكشف زيفهم الكتاب، والمفكرون في لحظات صفاء، ويفضحون ممارساتهم، ويحددون توجهاتهم، فمن هم هؤلاء الذين يوجعون شعوبهم، ويطعنون مقاومته؟
لقد تعمدت رصد ما قاله عمالقة كتاب حركة "فتح" في غضون أربع وعشرين ساعة فقط؛ فعلى سبيل المثال، الدكتور "إبراهيم أبراش" وزير سابق في حكومة تسيير الأعمال في رام الله، يقول فيهم: "وتحت شعار السلام تحولت سلطة فلسطينية كان يُفترض أن تكون مؤقتة وتنتهي في ماي 1999 إلى سلطة دائمة أزاحت عن عاتق الاحتلال مسؤولية إعاشة وأمن أربعة ملايين فلسطيني وحلت محل الدولة، ومحل حركة التحرر، وبات الدفاع عنها هدفا بحد ذاته، ولأن التسوية بدون تسوية، والسلام بدون سلام أفرزا مصالح مشتركة عند الطرفين- إسرائيل من جانب ونخب فلسطينية صنعت شراكة مصالح مع الإسرائيليين- أصبحت هناك مصلحة مشتركة للطرفين بالاستمرار على نفس الحال واستمرار الإدعاء بوجود عملية سلام.
ومن هم هؤلاء الذين قال فيهم الكاتب "عدلي صادق": وربما يكون هذا هو بالضبط، ما جعل المستفيدين من "فتح" المتذرعة بالعملية السلمية وبمقتضيات السلطة؛ يتطيرون من "مروان البرغوثي" ويرون في وجهته النضالية، وهو على رأس تنظيم الحركة في الضفة، أمراً مقلقاً... فيما هم الذين أدمنت ألسنتهم قول: إن مصدر قلقهم في كل حين، لا بد أن يكون من صنع إسرائيلي.
ومن هم هؤلاء الذين يقول عنهم الكاتب يحيى رباح، وهو يتحدث عن مزاوجة الأسير مروان البرغوثي بين فعل التحرر الوطني، وبناء قواعد الدولة، يقول: فإن مروان اختار عن عمد وسابق إصرار وبوعي عميق، ليمارس هذه الرؤية من داخل "فتح"، بل من داخل شرعيتها الرئيسية!!! ولما كان الكثيرون قد خلعوا عنهم أرديتهم القديمة، وظنوا أن زمن المقاومة قد ولى إلى غير رجعة!!! فإن مروان البرغوثي وجد نفسه مرات عديدة في مواقف صعبة، ملاحق بالعديد من الأوصاف، وحالات الغدر، بل والتجني والتهم الجاهزة.
ومن هم هؤلاء الذين يقصدهم "فتحي البس" وهو يكتب: شعبنا لا يقبل الرخاوة في أي مجال، يريد الحزم في المواقف والسلوك، يريد السلام المشرف ويريد أن تدرك قيادته أنه يتحسس من أي كلمة أو حركة في غير مكانها، إن شعبنا غير متطرف، لكنه مقاوم، لذلك يجب أن يكون سلوكنا اليومي مقاومة.
فمن هم هؤلاء النخب الفلسطينية التي صنعت مصالح مشتركة مع الإسرائيليين كما يقول "إبراهيم أبراش"، ومن هم الذين تجنوا على "مروان البرغوثي"، وحاربوه، الذين ظنوا أن زمن المقاومة قد ولى...؟ ومن هؤلاء المستفيدون من فتح المتذرعين بالعملية السلمية، ومقتضيات السلطة، كما قال "عدلي صادق"؟ ومن هم هؤلاء الذين يطالبهم "فتحي البس" بأن يكون سلوكهم مقاومة؟
من هم هؤلاء؟ وإلى متى يظل الحديث عنهم بلغة الإشارة: هؤلاء، ولا تتم تسميتهم بالاسم الصريح الواضح الذي يعرفهم به شعبنا؟ والشعب الفلسطيني يخزن في وجدانه الكثير الكثير، وله رأيه الصريح في الصغير قبل الكبير، ولذلك فهو يعشق التغيير.