حصار صنعاء 1967 1968
رابعاً حزمة الإجراءات:
يصاحب العمليات الهجومية حزمة من الإجراءات أهمها:
1 استثمار ما كان قد وصل إلية الحصار القادم من الاعتقاد بأن الفترة الزمنية لسقوط العاصمة مسألة وقت لا أقل ولا أكثر مما جعله يخلد إلى عدم التوقع بوجود أي نشاط من أي نوع إلى جانب ذلك يأسه من عدم وجود قيادة يمنية قادرة بالقيام بأي نشاط مخالف إلى ما قد وصلوا إليه.
2 استخدام السرية إلى درجة سري للغاية أو بالمفهوم الشعبي "ما تجاوز الشخصين ليس بسر".
3 استخدام المفاجأة بالعمليات الهجومية السريعة والعاجلة على مواقعه.
4 استخدام مبدأ من مبادئ الحروب الهامة " الحرب خداع" في تحديد الاتجاه.
5 استخدام الضربات الصادمة على مواقع هامة في المحاور الأربعة مع انتزاع أول موقع يتمركز فيه العدو على المحور الغربي.
6 مواصلة الاشتباكات باستخدام الذخيرة الحية من قبل الحملات الهجومية الرئيسية والفرعية على المحاور الأربعة.
خامساً الفترة الزمنية لتنفيذ الخطة:
بعد أن توصل الحصار إلى قناعة أن مسألة السقوط لن تتجاوز الشهر سواء كان بالتسليم أو الاستسلام توجب أن يكون تنفيذ الخطة في مدة لا تتجاوز كحد أدنى ستة أيام وحد أعلى عشرة أيام.
والخلاصة: أن خطة فك الحصار وبإيجاز دقيق يمكن تشبيهها بالآتي:
التغيير الجذري للتكتيك القتالي من الدفاع إلى الهجوم يعتبر بالنسبة للخطة قطب الرحى.
الأسطوانة الحجرية المركبة على الطب أو الشق الثابت الغير متحرك يمثل الحملات الهجومية الفرعية.
الأسطوانة الحجرية المتحركة تمثل الحملة الرئيسية والمقبض المحرك للاسطوانة يمثل القيادة، والأعداء المحاصرون وقواتهم عبارة عن حبيبات من الذرة الحمراء أو القمح افتراضا والذي أوقعتهم الخطة بين شقيها.
حيث بدأ اكتساح تلك المواقع الإستراتيجية الهامة وسحقها وطحنها وإلى جانب ذلك إحباط وإرباك وإضعاف بقية المواقع التي يمتلكها الحصار في المحاور الأربعة.
المشاريع التي مرت بها الخطة:
مرت الخطة بثلاثة مشاريع لتنفيذ سبقها مشروع خيالي بشكل أمنيات وتلك الأمنيات كانت مقاربة لأمنيات الشهيد محمد محمود الزبيري ونحن عائدون من "صعدة" إلى "الحديدة" ومن الحديدة إلى صنعاء في حملة توعية ثقافية وسياسية بعد الثورة نكونه من العلماء والأحرار، وعند وصولنا إلى مدخل وادي سردود كانت الأمطار الغزيرة قد كونت سيولاً ضخمة وفجأة وإذا بحديث من الأستاذ ما نصه يتمنى أن يكون حاجزاً مائياً يشبه السد لكي يمنع تلك الكميات الكبيرة من المياه الضائعة والذاهبة إلى البحر لتروي الأراضي اليابسة والتي مررنا عليها من الحديدة وحتى مدخل وادي سردود وقد سبقني في هذه الأمنية، وإذا بي وبعد وصولي إلى الموقع الثاني وهو داخل العاصمة صنعاء واستيعاب ما وصل إليه الحصار من أخطار جسيمة على الوطن والمواطنين تمنيت أن أتحول إلى عاصفة تعصف بالحصار وقواته وتقذف بهم إلى البحر الأحمر وهنا تذكرت بيت الشعر الذي يقول:
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تأخذ الدنيا غلابا
وجاء المشروع الأول وهو لمجاميع من الشباب الفدائي يقوم بعمليات هجومية فدائية لقطع الخطوط الخلفية لمواصلات العدو والاستيلاء على إمداداته وتمويله أو نسفها وتدميرها ولكن هذا المشروع توقف لعدم وجود مجاميع كافية من الشباب لانشغال الجميع في الدفاع والمقاومة عن صنعاء وجاء بعدها مباشرة المشروع الثاني وهو إصدار قانون التجنيد الإلزامي للشباب البالغ السن القانونية من جميع مناطق الجمهورية خصوصا المثلث الكائن بين صنعاء الحديدة صنعاء تعز.
وصاحبه عدة مبررات توجب مباشرته ومن تلك المبررات:
إيجاد قوات نظامية مدربة على القيام بعمليات هجومية سريعة وعاجلة وهذه القوات من عناصرها الهامة تشغيل الضباط الذي ليس لديهم وحدات وهم يعملون كأفراد في المواقع الدفاعية الهامة.
شد وجذب الضباط الذين غادروا الوطن وإلغاء المشروع الذي غادر رئيس الأركان اليمن من أجلة.
رفع الروح المعنوية لدى المقاومة الصامدة صمود جبال اليمن.
مواصلة بناء القوات المسلحة والذي تأخر ولولا هذا التأخير ما وصل الحصار إلى ما وصل إليه.
وللأسف الشديد تأخر هذا المشروع إلى ما بعد فك الحصار على إحدى الطرق وجاء بعده المشروع الثالث وهو التغيير الجذري في التكتيك القتالي بالقيام بعمليات هجومية سريعة وإشراك جميع القوى الوطنية المتواجدة على الساحة من داخل الجيش وخارجة ومشاركة القوات الشعبية في إطار القوات المسلحة الذي سيأتي الحديث عنة وهذا المشروع الذي حقق الانتصار و أصبح مفروضاً على الجميع طوعاً أو كرهاً لأن الأخطار الجسيمة محيطة بالعاصمة وبالتالي الثورة والجمهورية والوطن كله.
الباب الثالث " تنفيذ خطة فك الحصار"
وفي نفس اليوم الموافق 19 يناير 1968م توجهت جوا إلى الحديدة والأخطار تتزايد وتتضاعف بسبب انقطاع الإمداد والتموين حتى عن طريق الجو بعد أن أحكم العدو السيطرة على كل المنافذ.
قابلت رئيس المجلس الجمهوري فور وصولي وطرحت عليه المقترح وما دار من حديث بيني وبين القائد العام من ضرورة الإسراع في إصدار القانون حتى نتمكن من إيجاد قوات تابعه للقوات المسلحة من خلال التجنيد الإجباري حيث وأن دور القوات الشعبية لم يملأ هذا الفراغ ولم يحل محل التجنيد، بل إن القوات الشعبية ترفض أن تتقدم لأي معركة بدون مشاركة القوات المسلحة.
وقبل أن أنهي الحديث حول المقترح وتوضيح مبرراته فوجئت بعبارات واضحة وصريحة من القائد الأعلى ما لفظه سيتم الموافقة على المقترح بعد إحدى الطرق المحاصرة وأصر على عدم الموافقة إلا بعد فتح الحصار.
أردت مواصلة حديثي والتوضيح بأن القوات المسلحة تفتقر إلى وجود أي قوة احتياطية وأن المسئولين في الجيش الشعبي لن يشاركوا في معركة مالم تتوافر قوات مسلحة وكان ذلك الرأي يتوافق مع رأيي ولكنه أصر على رفضه.
فاستأذنته في الانصراف وتوجهت فورا إلى منطقة مناخه للاستطلاع غير المباشر للمرة الأولى كان يوجد هناك قوة شعبيه تجمعت بقيادة النقيب نعمان قائد راجح أغلب أعدادها من لواء إب وعند اللقاء به كان أول حديث يطرحه هو مطالبته بقوات مسلحة وبدونها يستحيل فك الطريق ما زادني وضاعف اهتمامي بضرورة وجود قوات مسلحه لفك الحصار.
عدت للحدية وعند إقلاع الطائرة وأثناء رحلة العودة إلى صنعاء كان الفكر يعمل بصورة دائمة ومستمرة حيث تكونت عدد من المقترحات في برامج أعمال يتوجب طرحها على كل من القائد العام والقائد الأعلى بدلا عن المقترحات السابقة.
كان إصراري على اقتحام الأخطار مهما كانت وكيفما كانت في سبيل إنقاذ العاصمة صنعاء والوطن بأكمله.
وقد توصلت لمخارج حلول اضطرارية تحتم الأحوال والظروف تنفيذها ومنها على وجه التحديد النقاط الآتية التي طرحتها على القائد العام في صنعاء:
1 إصدار رئيس المجلس الجمهوري قرار التجنيد الإجباري فوراً بعد فك إحدى الطرق المحاصرة.
2 يجب التقيد بالسرية التامة في أي عمل أو قرار يدور لإعداد حملة فك الحصار.
3 الصلاحيات المطلقة لإعداد وإصدار قرارات شئون الحملة الرئيسية من بدايتها حتى فك الحصار ودخول الإمداد والتموين إلى العاصمة صنعاء.
4 مشاركة القائد العام المباشرة وغير المباشرة، والقيام بعمليات هجومية.
5 إصدار أوامر القائد العام إلى المواقع الدفاعية بتحديد جماعات منها تقوم بعمليات هجومية بالإضافة إلى مسئوليتها الدفاعية.
6 إصدار أوامر مواقع العدو في مرتفعات يسلح خداعية وحقيقية واستمرارها حتى فك الحصار.
كانت تلك الأفكار والحلول هي الوحيدة التي يمكن أن توفر لنا الوقت الذي كنا بأمس الحاجة إليه لفك الحصار وذلك للأسباب التالية:
1 إن انطلاق القوات المحددة لمهاجمة العدو سيكون من المواقع المتواجدة فيها.
2 عملية حملة معبر كانت ستضاعف من الحماس للمشاركة حيث وأنها سوف توحي بأن قواتنا مكونة من أعداد كبيرة تمكنها من المقاومة في محاور ومناطق مختلفة حتى وإن كانت خداعية.
3 حين تغيير مهام القوات الدفاعية إلى هجومية فإن ذلك سيعطي دفعة قوية في رفع الروح المعنوية مما يزيد القوات تصميما على الصمود بالرغم من التضحيات الجسيمة.
4 الاعتماد على الإمكانيات الذاتية وذلك يعني استخدام الذخيرة والمواد التموينية بحرص شديد نظرا لمحدودية تلك الإمكانيات. <