;

ديربان2 .. وانكـشاف الموقف الأميركـي - الأوروبي 847

2009-04-21 02:59:04

بقلم / زياد ابوشاويش

ينعقد في جنيف بين 20 إلى 24 نيسان(ابريل) الجاري "مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية" وقد تعمدت الدول الغربية تسمية المؤتمر الذي تعقده منظمة الأمم المتحدة في سويسرا ب"ديربان 2" وفي ظنها أن التسمية قد تسيء للمؤتمر كون المؤتمر الأول الذي عقد بمدينة ديربان الجنوب إفريقية فشل في تسمية الصهيونية كحركة عنصرية بسبب من الضغوط الهائلة والتهديدات التي مارستها الولايات المتحدة الأميركية على الكثير من الدول لمنع صدور قرار بهذا المعنى تؤازرها أغلبية الدول الأوروبية التي انسحبت من المؤتمر في تبعية فاضحة للولايات المتحدة التي سبقتها في ذلك الانسحاب المخجل وهي اليوم تكرر ذات السلوك بالانسحاب ومحاولة إفشاله.

الأمم المتحدة وجمعيتها العامة سبق أن اتخذت قراراً حول الصهيونية باعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية وعادت لتتخذ نقيضه عبر إلغائه بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر بسبب من تخاذل بعض الأنظمة العربية في الوقوف بحزم أمام إلغاء القرار الذي استمر لسنوات طويلة يدمغ السلوك الصهيوني بالعنصرية ويكشف زيف دعاويها حول حقوق الانسان ومعاملة المواطنين العرب تحت الاحتلال.هذه المرة أيضاً يكشف الغرب عن حقيقة موقفه المنحاز لإسرائيل ويكيل بمكيالين تجاه سلوك الدول وتصرفاتها إزاء قضية طالما تشدق هذا الغرب بحرصه عليها وأنه صاحب السبق لتبنيها عالمياً ألا وهي حقوق الانسان والمعاهدات الخاصة بها وحمايته أثناء الحرب فيغمض عينيه عن خروقات إسرائيل الواضحة وسلوكها الوحشي تجاه حياة الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة ويلتمس لها العذر حين تتجاوز كل الخطوط الحمراء في السخرية من القانون الدولي وتمارس البطش قتلاً وترويعاً للسكان المدنيين تحت الاحتلال.

إن المتابع المحايد لما يجري في الضفة الغربية وحول القدس وداخلها وعلى تخوم الجدار العازل في مناطق متفرقة منه وخاصة قرية بلعين سيجد كل الدلائل على عنصرية الكيان الصهيوني، فالقتل بالغازات والهراوات والأسلحة الآلية، ومنع الناس من ممارسة شعائرهم الدينية في المسجد الأقصى في ذات الوقت الذي يسمح للمتعصبين من اليهود باستباحة ساحاته ناهيك عن ممارسة طقوسهم فيه وحوله،بالإضافة للحفريات التي تهدد كل البناء الذي تقوم عليه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.إن محاصرة المدن الفلسطينية وعمليات التجويع ومنع الدواء والعلاج حتى الموت وكذلك منع الأنشطة الثقافية والفنية لمناسبة إحياء القدس عاصمة الثقافة العربية للعام 2009 وهدم البيوت وتشريد سكانها مع تلفيق مستندات تسلبهم أملاكهم وتقديمها لمستوطنين قادمين من الخارج لا تربطهم بفلسطين أو أي جزء من أرضها أي رابطة منذ آلاف السنين، إن كل هذا وغيره من ممارسات الاحتلال المؤدية إلى الإبادة والتشريد والمس بطريقة عيش الناس وحياتهم لا يمكن إلا ان تقع تحت عنوان العنصرية،فما بال أمريكا وأوروبا لا ترى المسألة على حقيقتها وتصر على منح المتطرفين في رأس هرم السلطة باسرائيل وكذلك جيشهم الغازي صك براءة مما يرتكبوه؟ وهل ما تقوم به سلطات الاحتلال الاسرائيلي في الأرض المحتلة وما قامت به مؤخراً في قطاع غزة يمكن ان يقع تحت إسم غير الإبادة الجماعية وجريمة الحرب الدالة بوضوح على طبيعة عنصرية متأصلة في هذا الكيان فكراً وممارسة؟ وهل مطالبة رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو بأن يعترف العالم والفلسطينيون خاصة بيهودية الدولة سوى العنصرية في أوقح أشكالها؟ فكيف يغمض الغرب أعينه عن كل هذا ولماذا؟..إنها مسؤوليتنا.وفي الوقت الذي طالبت فيه منظمات المجتمع المدني المشاركة في المؤتمر بتعديل الصياغة النهائية للوثيقة التي ستصدر عن المؤتمر باتجاه إدانة واضحة للكيان الصهيوني وممارساته العنصرية خاصة بعد العدوان على غزة قامت الولايات المتحدة ومعها كندا واستراليا وغيرها بإعلان انسحابها من المؤتمر على خلفية الإشارة غير المباشرة لاسرائيل بالحديث عن الاحتلال وكذلك للاعتراض على النص الوارد في الوثيقة حول احترام الأديان وعدم المس بها،وبهذا فشلت أمريكا في تغطية حقيقة موقفها ليس تجاه العدو الصهيوني بل تجاه مسألة العنصرية برمتها أيضاً.

لعل الشق الآخر من معادلة الاستنكاف الأميركية وحلفائها عن حضور المؤتمر تتعلق كما اتضح في ديربان1 بالطلب من هذه الدول الاعتراف بارتكابها جريمة الاستعباد لملايين الأفارقة السود واسترقاقهم في بلدانهم ثم سوقهم عبر البحار للسخرة في خدمة هؤلاء المستعمرين وإلحاق أكبر الخسائر المادية والمعنوية بالقارة السمراء نتيجة هذا الظلم التاريخي.

إن اعتراف الدول الغربية بالجريمة التاريخية والاعتذار عنها مع تقديم تعويضات ملائمة يمكن أن تخفف الاحتقان والغضب والمرارة التي يشعر بها كل مواطن إفريقي وهو يرى ملايين السود رجالاً ونساءً وأطفالاً يتضورون جوعاً اليوم، ويتذكر حجم الظلم والإهانة والأذى الذي لحق بأجدادهم وآبائهم ممن تعرضوا للخطف وسيقوا كالأنعام نحو الغرب لخدمة هؤلاء المستعمرين. إن رفض أمريكا وأوروبا فكرة الاعتذار والتعويضات تنم عن عنصرية أصيلة تعشش في أذهان هؤلاء الذين تسببوا ليس في فقر القارة وحرمانها من خيرة سواعدها العاملة والمنتجة بل وأيضاً في إحداث جروح عميقة وغائرة في وجدان سكان القارة من أبناء وأحفاد هؤلاء العبيد الذين قامت على أكتافهم مدن الغرب وبنيانه الصناعي المتطور،ناهيك عن عمليات السلب والنهب التي مورست بكثافة عبر نظام استعماري حاول تبرير نفسه بالسعي لتطوير وتمدين تلك الدول والشعوب المغلوبة على أمرها. إن تعليق وزير خارجية هولندا على عقد المؤتمر بالقول:" إن المؤتمر سوف يشكل سيركاً دعائياً لتشويه سمعة إسرائيل " يوضح إلى أي مدى ترتبط سياسات الغرب عموماً بمصلحة الكيان الإسرائيلي العنصري في منطقتنا، ويظهر في الوقت عينه إلى أي حد يستخف هذا الغرب الظالم بعقول ممثلي وقادة الدول والمنظمات المشاركة في المؤتمر وبنزاهة مواقفها رغم أنها تمثل أغلبية واضحة في الأمم المتحدة وفي المؤتمر المذكور.

وأخيراً نقول:لعله من المفارقات اللافتة أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى كان انتخابه محاولة أمريكية لمحو السمة العنصرية عنها، هو نفسه الذى يسمح بمقاطعة بلاده للمؤتمر، مما يجعلنا نشك فى أن أوباما ذاته هو مجرد خطأ أمريكى،أومحاولة للتجميل لا تصل إلى جوهر العنصرية الأميركية التى ستبقى عنصرية حتى لو ارتدت قناعاً أسوداً يسمى حسين باراك أوباما.<

Zead51@hotmail.com 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد