عبدالوارث النجري
مما لا شك فيه أن ما يحدث اليوم على الساحة الوطنية ليس بمحض الصدفة ولم يأتِ من فراغ، بل هناك إعدادات وتخطيط وتنسيق من قبل جهات عدة تتحقق مصالحها في وضع كهذا، فما يحدث في بعض المحافظات الجنوبية وحدث ويحدث حالياً في بعض مديريات محافظة صعدة لا يختلف كثيراً عما سبق وأن شهدته المناطق الوسطى قبل ال "22" من مايو 90م، وما يحدث حالياً في بني ضبيان، بل إن خاطفي بني ضبيان لو وجدوا المخطط البارع والممول السخي سواء كان داخلياً أو خارجياً لأتقنوا عملهم، وأحدثوا أشياء يصعب على قادات حراك أبين ولحج وعدن وعصابات عبدالملك الحوثي وأخوته وأبناء عمومته فعلها، إذاً فهناك من يغذي مثل هذه الفوضى والقلاقل والانفلات البعض من داخل السلطة والبعض أيضاً من داخل المعارضة والبعض الثالث وهو الأهم من خارج الحدود، جميعنا نعرف أن فتنة صعدة وتمرد آل الحوثي ومن إليهم كان قبل حراك الجنوب بسنوات والسؤال الذي يجب طرحه بقوة والبحث عن إجابات له مقنعة وأكيدة هو ماذا لو قامت السلطة بدورها المطلوب وإخماد فتنة الحوثي في أول حروبها وإلى الأبد، دون التذبذب بين الحرب والوساطة والهدنة وغيرها من المسميات خاصة وأن هؤلاء لم يكن لهم أي مطلب شرعي وحقوقي، فلا أرض اغتصبت في صعدة ولا متقاعدين ولا غيره، بل مجرد شعار يفترض أن يقال في غزة والعراق وأفغانستان لا في مران وحيدان والنقعه؟ اعتقد لو أن الدولة قامت ساعتها بإخماد الفتنة إلى الأبد في محافظة صعدة وإعادة الأمن والاستقرار إلى عزل وقرى المحافظة دون اللجوء إلى محاورة المخربين والمتقطعين لما حصل ما هي عليه اليوم بعض المحافظات الجنوبية من أعمال شغب وتخريب، صحيح هناك مطالب لإخواننا في هذه المحافظات لا يجب غض الطرف عنها أو تجاهلها مثل موضوع المتقاعدين وبعض الأراضي التي تم البسط عليها من قبل نافذين وغيرهم، وهذا ما سعت القيادة السياسية لفعله منذ الوهلة الأولى للحراك من خلال منح المتقاعدين حقوقهم وكذا تشكيل لجنة "هلال وباصرة" وكان بإمكان الدولة التضحية بعدد معين من المتنفذين الذين بسطوا على أراضي عدن ولحج بقوة السلاح عقب حرب صيف 94م من أجل الأمن والاستقرار في تلك المحافظات والحفاظ على أمن واستقرار الوطن وسمعته والوحدة الوطنية، ومن ثم التعامل مع مطالبات أصحاب الحراك وغيرهم بكل شفافية ووضوح دون اللجوء إلى أعمال الكواليس وذلك من خلال الإعلان عبر الإعلام الرسمي بأن من لديه أرضاً مغتصبة أو منهوبة في المحافظات الجنوبية من قبل شخصيات نافذة عليه اللجوء إلى القضاء ليقول كلمته هذا بالنسبة للمطالب المعقولة أما بالنسبة لبعض المطالب الأخرى الغير معقولة مثل جمعيات العاطلين ونجاح ورسوب والجنوب العربي وغيرها من الدعوات الانفصالية فإن الأمن أولى بها جميعاً خاصة إن كان هناك جهاز أمني متمكن وواع لما يحاك ضد الوطن من مؤامرات وغيرها، جهاز أمني يضع مصلحة الوطن وأمنه واستقراره والوحدة الوطنية نصب عينيه، جهاز أمني يعمل على إفشال الجريمة قبل وقوعها، جهاز أمني متمكن لديه عيون في كل حارة وقرية وعزلة همه الأول والأخير حماية المواطن وضبط المخالفين والمجرمين، جهاز أمني همه حق المواطن ومستعد لأجله التخلي عن مسؤولياته وواجباته الوطنية، جهاز أمني يفكر كيف يعمل على استتباب الأمن والسكينة لدى عامة المواطنين، لا أن يسعى لإذكاء المشاكل والفوضى بهدف مطالبة من هم أعلى منه بصرف بدل خروج الأطقم والحملات الأمنية ومكافحة أعمال الشغب والتخريب، جهاز أمني ملم بكافة اللوائح والأنظمة القانونية لا يتعامل مع المواطنين بالمحدش والعدال والأجره وغيرها. . يجب أن ندرك تماماً أن ما تشهده الساحة الوطنية اليوم هو سيناريو لتنفيذ مخططات عدوانية خارجية تستهدف المنطقة برمتها ليس اليمن وحدها، ربما قد تكون البداية من أرض السعيدة جنوب الجزيرة لكن لن يسلم منها كافة الجيران والأشقاء، لذا فإن توقيت الحضور الإعلامي لرموز الانفصال في الخارج مع ما يحدث اليوم في الداخل بمثابة تأجيج للفوضى والانفلات وإذكاء نار الفتنة بمساعدة بعض التصرفات لمن هم محسوبون على السلطة من الداخل سواء بقصد أو بدون قصد، لذا فإن الفوضى التي تشهدها بعض محافظات الجنوب وبعض مديريات صعدة هي بحاجة اليوم إلى حضور أمني ورؤية دقيقة ومدروسة من قبل القيادة السياسية من أجل الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة يمن 22 مايو 90م. <