فارس محمد الصليحي
جبل الإنسان على حب من يحسن إليه منذ الأزل خصوصاً حينما تشتد فيه الأزمات وتهب فيه نوائب الدهر ولا يجد له ملجأ ولا مفر إلا إلى الله أو صديق أو قريب أو حبيب يحمل عنه ويخفف له بعض همه وبلواه ليبقى ذلك المعروف رفيق الدرب وحديث النفس وهاجس المشاعر.
الوفاء رمز العظماء والنجباء من صفوة الخلق إلا أن هذه الصفة التي لا تقدر بثمن لم تقتصر فحسب على ذات الإنسان وإنما حظي بها فصيل من الحيوان حينما ضرب أروع الأمثلة في الوفاء والإحسان كما حكى عنه الدستور الإلهي بقوله تعالى: (( يقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم)) الخ سورة الكهف.
بعض النفوس تأبى الأمن والأمان والسلام الاجتماعي وكلما أحسنت إليها كلما كانت للاستنفار والشقاق والنفاق أقرب.
أنفس خبيثة وطباع تأبى الاعتراف بالحق ونبذ الباطل وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية هنا نعتصر ألماً ويقف العالم حائراً.
ترى أمثال هذه الأنفس والطباع ماذا عسانا نسميها؟ وكيف لها أن تعيش في مجتمع من المستحيل أن يسلم لها بأي شكل من الأشكال بمختلف أطيافه وطبقاته ومشاربه.
ترى كيف تولدت القناعة عند أمثال هؤلاء بأن يتصفوا بصفات وضيعة؟ وكيف حالهم مع أهلهم وذويهم؟ وهل نسلم أن الحيوان سالف الذكر حينما يكون حاملاً لصفة الوفاء هل يصبح أشرف ممن تجرد عنها كإنسان أم العكس، الحكماء الأوائل اقتصروا على ناكر المعروف بقولهم: "من يصنع المعروف في غير أهله يجده في وراء البحر أو في قراره.
المؤسف والمبكي والمحزن أن يكون أمثال هؤلاء سالفي الذكر "يمنيين" وسواء اعترفنا بهم أم أنكرناهم فلن يجدي ذلك شيئاً فهم أولاً وأخيراً يمنيو الولادة والمنشأ.
أما عن الدم فيهم سيكشف عن حقيقته بعد فحصه أولى وثانية للتأكد هل محلي أم خارجي.
من باب ضرب المثل أحد هذه الأصناف يمني الولادة والمنشأ كان يوماً من الأيام على رأس هرم الحكم وبقدرة قادر عليم تحول إلى مواطن عادي "مش ملون" بعد أن كان سبباً في أحداث دامية ذهب فيها المئات والآلالف ضحايا بين قتلى وجرحى وتحولت شوارع تلك المدينة حينها إلى مأساة إنسانية عجز الأحياء عن إيجاد حفر لدفن تلك الجثث المتفحمة والأطراف المبتورة ليفر عقبها هارباً بجلده إلى أحد الدول الشقيقة مخلفاً مئات اليتامى ورغم كل تلك المآسي الإنسانية والتاريخ الأسود المختوم بالدماء نراه حالياً على مرأى ومسمع يقدم الدعم المادي والمعنوي لدعاة الفتنة والطائفية والمناطقية في بعض المحافظات الجنوبية.
لندع الماضي المرير ونحاول إقناع أنفسنا أننا أولاد اليوم وجيل الثاني والعشرين من مايو العظيم إنما عفواً نحن مضطرون للعودة لصميم الموضوع لنكشف الستار عما هو مخفي وقبل رفع الستار تعالوا لأخذ الحيطة والحذر لئلا تقف القلوب عن الحركة من هول الموقف.
لنبدأ بالعد "ون تو ثري" لنرفع الستار رويداً رويداً ليقرأ أحدنا توجيهات رئاسية قديمة مر عليها عشرات السنين لكنها منفذة حتى يومنا الحاضر ومفادها اعتماد مبلغ يقدر بخمسين ألف دولار كراتب شهري لصاحبنا أبو التاريخ الدموي الأسود الذي يعيش خارج الوطن ويتقاضى المبلغ المذكور عبر وزارة الخارجية منذ عقد ونصف من الزمن إلى جانب خمسة الآف دولار شهرياً من الرئاسة كإيجار للمركز السياسي الذي يرأسه هناك.
"معليش" دعونا من "هدار" السياسة والعملات الصعبة لنتخاطب بلغة العوام ليفهم الجميع شمالاً وجنوباً حجم المبلغ بالبلدي والعملة المحلية وبعدين الشعب هو الحكم.
"واحد وخمسون ألف دولار تطلع باليمني "مائة واثنين وثلاثين مليون ريال في السنة الواحدة وشهرياً أحد عشر مليوناً" إلى جانب المصادر التي تؤكد أن رصيده في البنوك الخارجية مئات ملايين الدولارات صادرها من الخزينة العامة قبل الأحداث الدامية وبعدها في الثمانينات اللهم لا حسد، لكن رفض أن يخلينا في حالنا وهو في حاله.
اليوم ينصب نفسه عن الجنوب بعد كل ما فعل مدعياً أنه صاحب قضية لأناس كان فيهم حجاج زمانه ويزيد أوانه؟ صحيح إذا لم تستح فأصنع ما شئت.
داعي الفتنة بالجنوب المدعو "باعوم" هو الآخر يتقاضى من الرئاسة شهرياً مئات الآلاف ناهيك عن العملة الصعبة التي يجمعها محلياً وخارجياً باسم القضية وعبر التسكع على أبواب السفارات وغير هؤلاء الكثير والكثير.
أخيراً سيدي الرئيس أمثال هؤلاء مهما فعلت لهم فلن يتجملوا ولم ولن يقروا يوماً بأي معروف مهما كان حجمه فقد باعوا دينهم بدنياهم وسلموه الوطن كارهين لأعداءه وإنا لله وإنا إليه راجعون.