حصار صنعاء 1967 1968
كذلك تم مناقشة برنامج تنفيذ الخطة للحملات الفرعية والذي ستكون من مهامه المباشرة وغير المباشرة والتي كان أهمها ما يلي:
تحريك حملة معبر المدافع إلى وضع هجومي ووفق إمكانياتها المتاحة.
تغير المواقع الدفاعية إلى مواقع هجومية من قبل قوات منتصف المحور الجنوبي والتي تتكون من قوات الصاعقة والمدفعية وبحسب قدرتها وإمكانياتها.
ضرب مواصلات خطوط العدو الخلفية فيما إذا أمكن التغلب على المصاعب والعوائق التي تتعرض لها المواقع المرتفعة على جبل يسلح وتدمير الإمدادات والتموين التي يحاول العدو توصيلها إلى مواقعها الإستراتيجية على المحور الغربي وتعطيل حركة أي هجوم مضاد يراد به إنقاذ ذلك المحور.
إعادة تجميع قوات لحملة تشكل من حرسه الخاص حيث يوحي بأنه يقود الحملة الرئيسية لفك الحصار متوجها من العاصمة صنعاء، وقد تم ما توقعناه ورصد العدو حركة الفريق العمري والحملة التي كان يقودها وبدأ عمله بالدفاع عن جيل عيبان وقد كان هذا هو الجزء الأول لمهمة حملة الفريق العمري وكان عليه أن يجري أيضاًَ محاولات لاكتساح جبل عيبان فإذا ما نجح سوف يكون نصراً كبيراً.
إرسال دوريات من الحملة التي يقودها لمراقبة أي إمداد أو تموين يمكن للعدو إرسالها لإنقاذ مواقعه التي تتساقط على طول المحور الغربي.
كانت الثقة بأن الفريق العمري سيستطيع التحرك في كل تلك الاتجاهات وتم الاتفاق أن تكون ساعة الصفر لتحرك الحملات الفرعية عند سماع ضرب الطيران على جبل النبي شعيب دون أي اتصال مباشر حفاظاً على السرية.
وافق العمري ودون تردد على ما طرحت عليه فشكرت الله على ذلك لأن الوقت لم يكن ليسمح بإهداره ولا حتى دقائق قليلة.
استأذنته بالسفر إلى الحديدة لمقابلة رئيس المجلس الجمهوري القائد الأعلى مرة أخرى وعند مقابلته في الحديدة طرحت عليه النقاط الآتية:
1 إصدار قرار قانون التجنيد الإلزامي فوراً بعد فك الحصار.
2 الالتزام بالسرية المطلقة.
3 الصلاحية المطلقة لإدارة شئون الحملة وجميع ما يتعلق بها.
4 التوجيه بجمع أكبر عدد من الناقلات وتحميلها بالإمداد والتموين المتواجد في المستودعات في الحديدة وعلى أن تكون جاهزة في أسرع وقت ممكن والأمر بتحركها حال وصول الطلب لها من قائد الحملة.
وقد وافق على النقاط الأربع السابقة بدون تردد.
5 أن يطلب الشيخ أحمد عبد ربه العواضي وبحضوري يتم إصدار توجيهات له بقبول الانضمام إلى القوات المسلحة ككتيبة مشاة هجومية وكان رده فوراً: "تفاهما معاً".
6اقترحت أن يقوم القائد الأعلى بارتداء الزي العسكري وحمل بندقية و"محزق" والقيام بزيارة مواقع عسكرية وإرسال ذلك إلى الإذاعة حيث سيساعد ذلك في الرد على الإذاعة الملكية ويرفع الروح المعنوية لقواتنا، ولكنه اعتذر.
اللقاء بقائد الجيش الشعبي القادم من البيضاء:
بعد لقائي برئيس المجلس الجمهوري بتاريخ 23/ 1/ 1968م توجهت وذلك قبل صلاة الظهر إلى ثكنات الجيش في العرض بالحديدة للقاء قادة القوات الشعبية القادمة من محافظة البيضاء بقيادة الشيخ أحمد العواضي ونائبة الشيخ أحمد سالم العواضي.
تمثلت أهمية هذا اللقاء في وضع الشيخ العواضي في الصورة لما يجري من أحداث كما تم بحث إمكانية تشكيل كتيبه مشاة هجومية نظراً لعدم وجود احتياطي من قوات المشاة في القوات المسلحة في نطاق حملة القوات المسلحة لفك الحصار ولأن هذه المشاركة لم تحدث من بداية الثورة وحتى الحصار إلا في حدود الأعراف القبلية فقد كنت أتوقع أن يتردد في الموافقة لأن ذلك يخالف أعرافاً أصبحت سلوكاً عند جميع اليمنيين وقد بدأنا الحديث باستعراض ذكريات سريعة وهامة عن بداية الثورة ومن تلك الذكريات اللقاء بالشيخ أحمد العواضي عند وصوله إلى العاصمة صنعاء لتقديم التأييد والتهاني بقيام الثورة المباركة، أضف إلى ذلك تكليفه بالمشاركين بالعمليات القتالية لاسترجاع قلعة حريب التي هجم عليها البريطانيون بالتعاون مع أمير بيحان الشريف الهبيلي.
كان توافد المهنئين من مواطنين للثورة والجمهورية بأعداد كبيرة ولكني فضلت الانتقال ومجموعة من الضباط من مبنى القيادة من الكلية الحربية إلى مكتب العمليات الذي تم تكوينه لأول مرة في بيت الأمير العباس في بير العزب "المبنى السابق لمجلس الوزراء" بعيداً عن استقبال الوفود المهنئة ولكي نتمكن من مواصلة واستكمال الأعمال للسيطرة على جميع المواقع الإستراتيجية في جميع أنحاء الجمهورية وقد كانت مشاركة الشيخ أحمد ورفاقه ناجحة حيث استطاع استعادة قلعة حريب.
كان ذلك هو لقائي الأول معه والذي استمر أكثر من ساعة ونصف وهي فترة زمنية طويلة مقارنة بلقائي مع الآخرين في ذلك الوقت.
ثم تكررت المقابلات وقد استطاع الانتصار هو ورفاقه في معظم المعارك التي شارك فيها سواء مع القوات اليمنية أو المصرية واستطاع أن يكسب خبرة قتالية كبيرة، بعد ذلك استعرضنا بعض اللقاءات داخل اليمن وخارجها وتحولنا في حديثنا إلى موضوع الحملة حيث قلت له على ما أتذكر: نحن أصبحنا أمام سمع العالم وبصره وأمام أنفسنا أولاً وقبل كل شيء، إما أن نكون أو لا نكون وخصوصاً بعد انسحاب الجيش المصري الداعم والمساند للثورة والجمهوري لما يقارب خمسة أعوام متتالية وأصبح بعد مغادرته لليمن يعتقد بعدم استمرار وديمومة الثورة والجمهورية، ومن هنا يتحتم ويتوجب علينا إثبات وإقامة البرهان على أصالة الثورة والجمهورية بالدليل القاطع وأن أصالته من أصالة شعبها وجماهيرها الساحقة هذا وغيره يجعلا أمام خيارين لا ثالث لهما إما الانتصار أو الاستشهاد إنها المعركة الأخيرة التي نشارك فيها وسننتصر على الحصار حتماً، والمطلوب بوضوح ياشيخ أحمد ومن خلال خبرتك الطويلة في القتال ومشاركتك الداعمة للقوات المسلحة هو أن يكون انضمامك ككتيبة مشاة هجومية في إطار القوات المسلحة وأنظمتها وقوانينها ولك من الحقوق ما للقوات المسلحة وعليك من الواجبات ما على القوات المسلحة لأن مهام اليوم تختلف عن مهام الماضي فوافق على ذلك واستعد لاستكمال الحديث غير ما كنت أتوقع، كان هذا مشجعا وكانت شروطي عليه التقيد والالتزام هو وكتيبته على طول الطريق دون نقاش وإذا ما وجد تظلم فيتم بعد دخول الإمداد والتموين إلى العاصمة صنعاء حيث سيكون هناك عقد اجتماع كبير لتقييم الأعمال سلبياً أو إيجابياً لكل من شارك وساهم في الحملة.
لقد حصلت كقائد للحملة على الصلاحية التامة وعلى امتلاك القرار وأريد ياشيخ أحمد أن يكون هذا الحديث وما يستجد من حديث بيننا على طوال الطريق لأداء هذه المهمة سريا للغاية واستمريت في نقاشي معه وعندما وجدت استعداده للكلام أعطيته تلك الفرصة وأن متأكد من موافقته حيث وقد دعيته للانضمام إلى حملة القوات المسلحة بصورة مؤقتة ولفترة قصيرة وإذا هو يقول "استمعت لحديث قائد الحملة ومثلما للقائد شروط فلي أيضاً شروط كقائد كتيبة مشاه في الحملة" وهي:
1 إن القوات التي أنا قائدها وبحسب طلب الحكومة والتي تم تجهيزها وهي في حجم لواء أي ثلاث كتائب فأين أصرف الكتيبتين.
2 نحن عند القتال كجيش شعبي في سبيل الوطن نحصل على بعض الفوائد حيث وأن متطوعينا يحضرون ببنادقهم وليس على الحكومة سوى المعبر والريال، فما هي الأشياء التي سيتم منحها لنا.
3 الكتيبة المشاة في القوات المسلحة هي ضمانة لحقوقها بشكل دائم ومستمر أما نحن فسيعود كل إلى بيته بعد فك الحصار.
وقبل أن يكمل شروطه شعرت بالرغبة لديه بالانضمام للحملة ولم يكن لي معرفة بأسباب هذه الرغبة فطرحت عليه حلاً وسطاً بشأن المجموعات التي أحضرها معه من الجيش الشعبي، وقوامها حوالي كتيبتين من حيث العدد وأن يتم اختيار الأقوياء والمدربين والذين لديهم خبره في القتال وهؤلاء هم من سيشاركون في المعارك، وأما الآخرون فيتم تشكيل كتيبة منهم وجعلهم احتياط، فوافق على ذلك.
4 نحن متعودون أن يصرف لنا فوق الريال تموين فأجتبه أنه سيتم منحهم تمويناً مكوناً من التمر وهو ما قد وصلنا كمساعدة من العراق مؤخراً.
5 الكتيبة من المشاة في القوات المسلحة لها ملحقة من الأسلحة الثقيلة مدافع هاونات، ومدافع ميدان 60 ملم، أصرفوها لنا "علماً أن صرف أي أسلحه ثقيلة لأي جيش شعبي كان ممنوعاً" فوافقت على طلبه شريطة أن يتم صرفها عهدة عليه وبمجرد دخولنا صنعاء تسلم فوراً إلى قصر السلاح، فوافق على ذلك.
وعلى هذا واصلنا تلبية الطلبات وكان متهيباً من الاتجاه الرئيسي للحملة إذا كان هذا الاتجاه هو طريق الحديدة صنعاء.
لم اعرف سبب ذلك في تلك اللحظة ولكن عندما وصلنا مناخة عرفت السبب لقد كان يوجد ثأر بينه وجماعته وبين أصحاب الحيمتين، وانضمامه هو وجماعته ككتيبة مشاة هجومية ضمن القوات المسلحة كان الحل لمنع أي تصادم مع أهل الحيمتين بشأن الثأر.
لقد كررت عبارات هامه منها تنفيذ الأوامر أولاً ثم التظلم ثانياً والتظلم في العاصمة صنعاء.
وتم توضيح مهام كتيبة المشاة الهجومية وتشكيلها من أربع مجموعات:
1 الجماعة من عشره أشخاص.
2 ثلاث جماعات تشكل فصيلة.
3 ثلاث فصائل تشكل سريه.
4 ثلاث سرايا تشكل كتيبة مشاة هجومية مع ملحقاتها بالأسلحة الثقيلة كعهدة لفترة مؤقتة.