حصار صنعاء 1967 1968
وكانت الممارسة للأعمال القتالية لما يقارب خمسه أعوام مع قواتنا المسلحة والقوات المسلحة المصرية قد ساعدت الشيخ أحمد العواضي على فهم أساليب التكتيك القتالي الخاص بالقوات المسلحة ما وفر الكثير من الجهد والوقت مقارنة بمشاركة غيره من تجمعات الجيوش الشعبية الأخرى ومع ذلك كان بعض الضباط قد رافقوا كتيبة المشاة الهجومية ومنهم المقدم/ أحمد المتوكل.
وإستكمالاً لتجهيز كتيبة الشيخ أحمد العواضي وجهنا بصرف كمية من التمور حسب طلبه من التي وصلت من العراق وكان لذلك توفيراً للوقت الذي يحتاجه إعداد الوجبات الساخنة ولجهة توفير الصرف اليومي.
وكان صرف اعتماد لفترة زمنية قدرت بخمسة عشر يوما كافتراض من بعض المشاكل.
كلما كررت له عدم علاقته بأي أمر من الأمور والتي في مقدمتها الدفاع من الخلف، مهامه فقط هجوم.
كلف قائد المحور أمين المستودعات بتلبية كل الطلبات التي كانت الموافقة عليها فورية ومن هنا أصبحت الكتيبة مشاة جاهزة بعد تلبية الطلبات للحركة وكان هذا الإنجاز ضرورياً جداً.
كل ذلك في أطار السرية وتحقيق المفاجأة.
وكان الحديث قد سبق من الشيخ العواضي عما حدث له ولأصحابه من قطع الطريق عند سفره من البيضاء ووصوله إلى معبر.
كانت مجاميع من قوة الحصار لحرب العصابات قد عرفت وصول قوات شعبية من لواء البيضاء بحسب طلب الحكومة العلنية ما جعل الحصار يقوم بنشاط ضد القوات الشعبية القادمة من لواء البيضاء ولواء إب.
وقد تمكن الشيخ العواضي من التغلب على قطاع الطريق بواسطة قوات طلبها من معبر أطبقت على تلك العصابات وتمكنت من فك الطريق.
وكان العدو المحاصر قد حصل على معلومات حول ما يتعلق بمشاركة العواضي في فك الحصار بعد ما تأكد من ذهاب العواضي إلى الحديدة للإمداد والتموين فحسب، ثم عودته إلى حملة معبر كمحاولة ثانية لفك الحصار عن طريق مرتفعات يسلح علماً بأن قوات الحصار كان لديها اليقين بفشل الحملة مرة ثانية، ومن هنا ليس أمام القوات الشعبية المكونة من الشيخ العواضي وأصحابه غير اتجاه واحد هو ما سبق الحديث عنه أما اتجاه طريق الحديدة فلأسباب عديدة يستحيل مشاركته في هذا الإتجاة.
كذلك بالنسبة لاحتمال توجهه وأصحابه للمشاركة من صنعاء بقيادة الفريق العمري يعتبر مستحيلاً لعدم استمرار النقل الجوي من الحديدة إلى صنعاء وقد أوشك المطار الثالث في الحصبة على السقوط بيد الملكيين مع احتمال لدى العدو أن الاتجاه الوحيد لفك الحصار هو من العاصمة صنعاء وعلى المحور الغربي بقيادة الفريق العمري ولكنه سيفشل أيضاً.
هذا بدوره أعطانا فرصة لتطبيق مبدأ من مبادئ الحرب "الحرب خداع" أدخلناه في حزمة الإجراءات المطلوبة للتغيير الجذري الخاص بالتكتيك القتالي.
لقد كان الإصرار في نطاق السرية بدرجاتها الثلاث في تحديد خط السير للحملة الرئيسية عن طريق الحديدة صنعاء هو في حكم المستحيل بالنسبة قوات الحصار لأسباب عديدة.
وكان الشيخ العواضي قد تمكن من معرفة الأسباب التي جعلت العدو يقرر بثقة وحزم استحالة اختراق المحور الغربي بقوات شعبية يشارك فيها والتي منها الأخذ بالثأر.
وهذا ما جعل العواضي ينضم بدون تردد إلى القوات المسلحة وكان تقدير العدو استحالة مرور حملة لفك الحصار عن طريق الحديدة صنعاء لعدة معوقات والتي يعرف معظمها الشيخ العواضي والتي منها:
أولاً: وعورة التضاريس طبوغرافيا وجغرافيا.
ثانياً: سيطرته على المواقع الإستراتيجية الهامة على المرتفعات كجبال المكحلة وجبل النبي شعيب وجبل عيبان ذلك في ما يخص المرتفعات.
أما المواقع الإستراتيجية في المنخفضات فقرني الشيطان ل "حدب" بني مطر بلاد جمعان وما يقابله كحدود بين قبيلة بني مطر وقبيلة الحيمه الداخلية وجسر "عصفره" في قلب بني مطر كذلك جسر "حلحله".
ثالثاً: اتساع العمق الإستراتيجي لكامل قبيلة بيني مطر وبالعمق الاستراتيجي لكامل الحيمتين الداخلية والخارجية وقبيلة همدان. . الخ.
اللقاء مع قائدي الجيش الشعبي القادمين من إب:
كان الجيش الشعبي الذي تم طلبه من لواء إب قد وصل إلى مدينة الحديدة بقيادة قائدي المقاومة الشعبية الشيخ/ عبد العزيز الحبيشي والأستاذ/ عبد الحفيظ بهران ونظراً للمعرفة السابقة بيننا سواء قبل الثورة أو بعدها اختصرنا أثناء اللقاء بهم في فندق الأخوة بتاريخ 24/ 1/ 1968م
الكثير من الوقت وكانت هذه هي الدفعة الثانية بقيادة المقدم / عبد الكريم بادي، بدأنا الحديث مع الشيخ الحبيشي والأستاذ بهران حول المهمة المكلفين بها وقبل الدخول في تحديد أفراد المقاومة بقيادتهما فاجأني بأخبار لم أكن اعلم بها وهي أن نشاط الطابور الخامس في عموم لواء أب قد بلغ أقصى مدى له في تكثيف أثر الحرب النفسية الخطيرة وأورد بعض الأمثلة أتذكر منها انه بمجرد طلب الحكومة لقوات شعبية من لواء إب وكما هو معروف عن هذا اللواء حماسه مع الثورة والجمهورية فقد استجاب لطلب الحكومة وجهز ثلاثة آلاف شاب وصولا إلى مدينة إب.
وماهي إلا عدد من الساعات لا تتجاوز ال 24 ساعة إلا وقد ظهر انخفاض معدل الحماس وانخفض ذلك العدد إلى النصف قبل توجه المتطوعين من الجيش الشعبي إلى تعز في طريقهم إلى الحديدة وبعد الوصول إلى تعز كان الحماس يقل ويضعف ويؤثر على الأفراد وفي نهاية المطاف لم يصل إلى الحديدة إلا عدداً محدوداً جداًُ مقارنة بالعدد الذي كان في إب وتعز.
ومن هنا وقبل أن يكملا حديثهم تذكرت ما اخبرني به الشيخ/ أحمد العواضي والشيخ/ أحمد سالم العواضي، عما حدث لهما من كمائن واشتباكات مع قوات العدو على طريق البيضاء ذمار وهم في طريقهم إلى الحديدة.
ضاعف ذلك الشعور بالأخطار الجسيمة والمحيطة بالعاصمة والتي لم تكن لوحدها في خطر بل ومناطق عديدة من اليمن، واصلنا الحديث حول المهمة الجديدة للقوات الشعبية في مجال الدفع وكان لا بد من الصول إلى تكوين كتيبة إلى أن ما لديهم من جيش شعبي لا يصل عدده إلى كتيبة وأثناء اللقاء تم الاتفاق على المواقع التي يجب عليهم الاستيلاء عليها بواسطة الحملة العسكرية الهجومية بعد فك الحصار عن الشيخ / حمود الصبري وجماعته وقد كان لديهم الرغبة في التعاون معه وكان هذا حلاً لاستكمال تكوين الكتيبة من حيث العدد من خلال ضم أفراد الشيخ/ حمود الصبري إليها بعد تحريره.
كان النقيب/ نعمان قائد راجح موجود في منطقة مناخة منذ فتره زمنية ولديه قوات شعبية وقد كان يطالب بوجود قوات مسلحة حيث بدونها لا يستطيع المشاركة بل يستحيل، وقد كان الترجيح بأنه إ[ذا ما نقص عدد كتيبة قائدي حمله لواء إب فسيتم استكماله من القوات الشعبية المتواجدة في مناخة وعليه وبعد الاتفاق مع القائدين على طبيعة المهمة وتحديد أهدافها تم إحالتهم إلى المسئولين عن إعداد كتيبة الدفاع مشاة بعد أن أصبحت تمثل كتيبة مشاة دفاعية في إطار القوات المسلحة.
ومن هنا نستطيع القول بأن قوات مشاة دفاعية قد تم تكونها بعون الله سبحانه وتعالى وأتى الدور على إيجاد وتوفير الأسلحة ثقيلة ومتوسطة، ونظراً لعدم وجود قوات احتياطية مدربة على استخدام الأسلحة الثقيلة في القوات المسلحة كانت هذه من أهم المشاكل التي واجهناها وبعون الله وتعاون الأخوة القادة في كل من المحور الغربي المقدم/ عبد العزيز البرطي والمقدم/ عبد الرحمن الترزي قائد المحور الجنوبي الغربي أمكن التغلب على هذه المشكلة بالحصول على عدد من قطع الأسلحة الثقيلة كعهدة مؤقتة من قوات المحورين وعلى أن تعاد فور فك الحصار مباشرة.
وفي خلال فتره قصيرة وأوقات قليلة ومعدودة تم فيها مباشرة الطلب شفوياً وتحريراً وعاجلا للحصول على عدد من الدبابات المتواجدة في قياده المحور الغربي في الحديدة ومدافع "م ط" وحصلنا على عدد لا بأس به من هذه المدافع " ستة مدافع م ط وأربع دبابات وثلاثة مدافع 60 ملم ".
وكان ما قد طلبناه من قائد المحور الجنوبي قد تم تلبيته بسرعة فائقة نالت إعجاب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ظهر ذلك أثناء تناول وجبة الغداء لديه وهو يتحدث بالسرعة التي تحققت لتلبية الطلب ولكني لا أتذكر عد قطع الأسلحة تلك التي وصلت إلى الحديدة إلا فيما يتعلق باثنين مدافع 60 ملم، ولربما دبابة أو دبابتين حين كرر رئيس المجلس الجمهوري عبارته " لا يخدم الثورة إلا أبناءها ".
كان تقييم المقدم/ عبد الرحمن الترزي للموقف العام بأن ما تقوم به يعتبر مخاطره حيث وأن الطلب قد شمل تحويل قطع الأسلحة الثقيلة بذخائرها وأطقمها لتكون جاهزة قبل 29 1 1968م
كذلك بالنسبة لقوات المشاة الهجومية والدفاعية والتي تم تكوينهما من الجيش الشعبي الواصل من لواء البيضاء ولواء إب.
ورغم ضيق الوقت إلا أن الجميع ألتزم به وجاء الدور على توفير بقية المتطلبات الضرورية والملحة للحملة وهي:
1 وحدة شرطة عسكرية من أهم مهامها فيما إذا تطلب الأمر ولا سمح الله محاكمة أية مخالفة تؤثر على سير الحملة إلى جانب مهامها الأخرى وهي الضبط والربط داخل الحملة والدوريات المستمرة في إطار حركة دائمة منتظمة لخط سير الحملة في الحرب والسلم.
2 وحدة طبية إسعافيه للإسعافات الأولية التي تتطلبها الحملة دون مغادرة الجريح الحملة مراعاة للروح المعنوية إلا ما كان ضرورياً جداً وفي أضيق المحدود حيث يتم نقله إلى الحديدة لمعالجته.
3 وحدة اتصالات بالأجهزة السلكية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة وقد كان الاعتماد على الأجهزة الصغيرة لتحديد المساحة التي لا تتجاوز خروجها إلى الأعداء.
وحدة ميكانيكية لإصلاح ما قد تم تخريبه من الطرقات والجسور، وقد تم طلب ذلك من قائد المحور الغربي لاختيار الرجال المنضبطين وبأجهزتهم ومعداتهم الكاملة والتأكيد على تنفيذهم لجميع الأوامر الصادرة من قائد الحملة بالتعاون مع الأخ/ محمد الزبيدي مدير عام فرع وزارة الأشغال بالحديدة. <