محمد أمين الداهية
من ينظر إليهم قد يهتم بحياتهم، من يعيش معاناتهم من يتحمل مسؤولية خواء بطونهم وسهد أعينهم وهم يصارعون ألم الجوع والفاقة والحرمان إنهم فئة الفقراء الذين تتناساهم المجتمعات ويتجاهلهم أسياد المال.
يبدو أن ثورة المعلومات وتقدم العالم تكنولوجياً قد تكون هذه بعض الأسباب التي جعلت أسياد المال من رجال الأعمال يغضون الطرف عن فئة تسمى "الفقراء" وانصرفوا إلى إشباع رغباتهم من التكنولوجيا ووسائل الراحة العصرية متناسين تماماً أنه وفي ظل عصر التكنولوجيا وثورة المعلومات ثمة فقراء يفترشون الحصن ويسكون الأرصفة ويحتمون من برد الليل القارص بأنواع مختلفة من الكراتين التي تصدق بها عليهم بعض التجار وأصحاب المحلات أسياد المال اليوم يصرفون وينفقون أموالاً باهضة في برامج وورش عمل ومنتديات ولهو وصخب غير مدركين أن الشوارع والأزقة والأسواق مليئة بالأطفال المتسولين والباعة المتجولين الذين تنهك أجسادهم حرارة الشمس ويفتك بها صقيع الليل وهم يقضون يومهم الشاق يجمعون ما يستطيعون جمعه من مال يسدون به رمق أسرهم وآبائهم العاجزين ويوفرون ما يمكنهم توفيره لإيجار المنازل التي لا يأوون إليها إلا في أوقات متأخرة من الليل، أطفال أبرياء بسبب فقر أسرهم المدقع وقلة حيلة من يعولهم أجبرتهم الظروف أن يتحملوا مسؤولية هم ليسوا بحجمها ولكن قسوة الحياة تفرض عليهم أن يعولوا أسراً وأن يتحملوا عبء هذه الحياة وظلمها منذ نعومة أظافرهم، تكاد الكتابة لا تنتهي عن هذه الفئة الضعيفة والتي هي في أمس الحاجة إلى من ينظر إليها بعين الرحمة والمسؤولية، يوجد رجال خير يعملون جاهدين على مساعدة الضعفاء وأسرهم عموماً فلهم منا كل شكر وتقدير، وهناك نوع آخر ممن يدعون فعل الخير فلا يأتي معروفهم الذي يقصدون به أسرة فقيرة إلا بعد شق الأنفس وبعد أن يعرف الملأ أن الأسرة الفلانية حصلت على مساعدة كذا وكذا من قبل فلان أو من قبل جهة كذا أو فلان الفلاني وعندما نأتي لنرى ما حجم هذا العطاء الذي أدهش المثرثرين نلاحظ أنه شيء لا يستحق الذكر فهذا النوع من المعروف لو كان خالصاً لوجهه تعالى دون تشهير لكان أفضل ولكان الجزاء من عند الله سبحانه وتعالى أكبر، المهم أن هناك فئة تسمى بفئة الفقراء هي في أمس الحاجة إلى من ينظر إليها ويهتم بها وينقذها قبل أن تكون ضحية لمن لا يراعون في خلق الله إلاً ولا ذمة وليس من باب الرحمة يجب النظر إلى هذه الفئة وإنما من باب المسؤولية والأمانة التي تقع على عاتق كل مسؤول ومختص ومعين وأيضاً بالدرجة الأولى أسياد المال.