;

خطة القوات المسلحة لفك الحصار ..الحلقة «16» 849

2009-04-27 03:19:01

حصار صنعاء 1967 1968

أحداث يومي 1 2 فبراير 1968م:

تم التحرك بعد صلاة الفجر وفي تمام الساعة السادسة صباحاً كان الوصول إلى أعلى مؤخرة جبل المنار حيث وجدنا ساحة ملائمة ومناسبة لتجميع قوات الحملة وهذا المكان أخفى الحملة عن ملاحظة العدو. في البداية تم الاتصال بالشيخ حمود الصبري وفي نفس الوقت صدرت الأوامر إلى قائد الكتيبة مشاه الهجومية النقيب/ أحمد العواضي بالاستعداد ومحاولة الحصول على استطلاع دقيق، وتم تحديد قطع أطقم الأسلحة الثقيلة وتقسيمها إلى مجموعات كل مجموعة تتكون من مدفع ميدان ودبابة ومدفع م ط فتكونت أربع مجموعات وتبقى تقريباً مدفعان م ط دبابة تم جعلناها احتياطيا للمساندة عند اللزوم. تم اللقاء بالشيخ/ حمود الصبري وتم الاتفاق معه على انضمامه وقواته التي كانت محاصرة إلى الحملة الرئيسية وفي إطار القوات المسلحة وتم تكليفه بالمهام الآتية:

1 الدفاع الخلفي وحماية قوات المشاة المهاجمة من الخلف.

2 إعداد ما يقارب السرية من الأفراد لا سيما وقد انضمت القوات الشعبية القادمة من إب للعمل بالتعاون معه، ونظرا للحساسية التي بين الحيمتين والعواضي.

3 استلام المواقع المنتزعة من العدو والترتيب فيها بالاشتراك مع القوات الشعبية القادمة من إب بقيادة الأستاذ/ عبد الحفيظ بهران والشيخ/ عبدالعزيز الحبيشي.

4 تجهيز أعداد من قواته لتولي أعمال هجومية قتالية عند اللزوم.

معركة الحدب وقرني الشيطان:

بعد حصول الحملة على المعلومات الاستطلاعية عن مواقع العدو حيث كانت الرؤية لا تزال غير واضحة بسبب الضباب وما هي إلا دقائق معدودة فيما بين التاسعة والعاشرة صباحاً وإذا بالضباب ينقشع وتتضح الرؤيا وتنكشف مواقع العدو.

وهنا صدرت الأوامر ببدء الضرب بالأسلحة الثقيلة على مواقع العدو في منطقة الحدب الممتدة من الجنوب إلى الشمال في جهة الشرق والمسيطرة والمتحكمة على مضيق استراتيجي هام يقع على الطريق الإسفلتي وفي منتصفها ما يشبه القرنين من الصخر أطلقت عليه اسم "قرني الشيطان" ويعتبر من أصعب المواقع الإستراتيجية التي يسيطر عليها ويتحكم بها العدو والتي استخدمت فيه جميع أنواع الأسلحة.

وفي نفس الوقت صدرت الأوامر لعربة الاتصالات المرافقة لقائد الحملة بإبلاغ الطيران للبدء بالضرب على قمم جبل النبي شعيب وهي ساعة الصفر لبدء تحرك الحملات الفرعية من داخل العاصمة وخارجها تنفيذا للخطة بحسب الاتفاق مع القائد العام الفريق/ حسن العمري ومضمونها أن ساعة الصفر ستكون عند سماع أزيز الطائرات التي ستقوم بضرب مرتفعات جبل النبي شعيب دون أي اتصال آخر فيما بيننا.

وفي ذلك اليوم والضرب مستمر بالأسلحة الثقيلة وعلى أشده تم استقبال جريحين بالإضافة إلى أني تلقيت خبراً مزعجاً ومفاجئاً وخطيراً وهو حدوث اشتباك بين أفراد من جماعة كتيبة المشاة الهجومية والتي كان قائدها النقيب/ أحمد العواضي وأفراد من كتيبة الدفاع والتي كان قائدها النقيب/ حمود الصبري أحدث هذا الاشتباك سفك دماء دون وفيات. حيث قام قائد كتيبة المشاة الهجومية بتصرف خطأ مخالفاً ما سبق الاتفاق عليه من الالتزام بالعمل في إطار القوات المسلحة وقام بتشكيل دفاع خلفي دون علم من قائد الحملة، وهذا كان خارج مهامه التي تم الاتفاق معه عليها وكانت مهامه هي هجومية وليست دفاعية.

مما جعلني أدعوهما وبدأ حوار ساخن معهما نظرا لضيق الوقت علما أن بعضاً من الأمراء الصغار من قوات العدو لا يزالون في الحيمتين وكان التصور أن الحل الجذري لإفشال الحملة من قبل هؤلاء الأمراء أن يدخلوا الخلاف بين أعضاء الحملة لتهزم نفسها بنفسها مما يوفر مناقشة الموضوع أقسمت لهما أن لم يتفق الاثنان على حل هذه المشكلة لتضييق الخناق والقضاء عليها فسوف يتم تشكيل محكمة عسكرية فوراً لمحاكمة الأفراد اللذين قاموا بعملية الاشتباك، وأنكما المسئولان عما حدث لأسباب عديدة أولها أنكما تعملان في محيط حملة القوات المسلحة وملتزمان بأنظمتها وأن ما حدث من أفعال بين الأفراد في مثل هذه الظروف جزاؤه الإعدام نظراً لما قد يؤدي إلى فشل الحملة وبدأت في توضيح حجم الخط الجسيم الذي ارتكبوه كون كلٍ منهما كان قد أخطأ، ووجهت سؤالاً للنقيب العواضي: " الست قائد كتيبة الهجوم !؟ ونحن في أثناء الهجوم والاحتياط الذي يتبع الكتيبة هو للهجوم وحسب وهذا ضمن الاتفاق في تطبيق قوانين وأنظمة القوات المسلحة فما هو الذي دفعك لإرسال أفراد منك لحمايتك من الخلف ولا شك أن هناك شياطين جعلتك ترتكب هذا الخطأ الفاحش.

ووجهت السؤال إلى النقيب الصبري : "لماذا لم تخبر القائد في حينه؟ قبل ارتكاب هذا الخطأ بقيامك بإطلاق النار، فقوانين القوات المسلحة وأنظمتها تتخذ أشد العقاب ضد من يطلق النار في داخل القوات المسلحة ضد بعضها البعض".

واستمريت في الحديث بحماس وقد لاحظت تغير في ملامح وجهي الأخوين مما يوضح شعورهم بالخطأ وإحساسهم بما كان يمكن أن يؤدي إلى آثار سلبية على الحملة مما قد يؤدي إلى فشلها، وجهت الأمر لكل منهما أن ما حدث يجب احتواؤه بسرعة بل إنهاؤه بشكل تام ومواصلة المعركة انطلاقا من تقديس الوطن والإيمان به ولو أنه ولا سمح الله تم إجراء محاكمة وتنفيذ الإعدام فسوف تكون وصمة عار في حقكما، أما الحملة فلن تفشل مهما حدث وحتما سندخل صنعاء وسيتم تقييم المعارك سلبا وإيجابا وبداية الحل هو في لقاؤكما أنتما الاثنان والتسامح فيما بينكما وإقرار كلٍ منكما للآخر بخطئه، ويا حبذا لو انتهى الموضوع خلال دقائق ومن حسن الحظ اتجه كل منهم نحو الأخر وتمكنا من حسم المشكلة في وقت قصير جداً وعاد كلٍ منهما إلى عمله بحسب التعليمات التي لديه وطبقا لما اتفق عليه.

وفي حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهرا كانت المعركة لا تزال قائمة وعدد الجرحى يتوالي وبالرغم من قتله إلا انه كان مؤلماً استمرت المعركة حتى غروب ذلك اليوم وإذا بسحب سوداء تتساقط منها أمطار غزيرة خفت بالتدريج واستمرت حتى ما قبل فجر اليوم التالي.

وعودة إلى أحداث ما بعد ظهر يوم 1/ 2/ 1968م حيث تم وصول صحفيين مصريا الجنسية يطلبان مقابلة صحفية وعلى محياهما شبه اندهاش مما لديهما من معلومات بأن القوات المحاصرة تتفوق وأن سقوط العاصمة صار أمراً حتمياً حتمياً وأن الطريق مقطوعة بداية من "مناخه" وإذا هم يرون العكس وأن قواتنا تمتلك التحكم حتى أعلى جبل المنار، خلال فترة قصيرة سيتم اختراق ما تبقى من الحيمة الداخلية وفك الحصار عن قواتنا المحاصرة.

وهذا يعني أن الحملة قد اكتسبت قوة جديدة أضيفت إليها من "مناخه" وأخرى من جبل "المنار" وخاطبتهما مستفسراً كيف وصلتم إلى هنا والمنطقة في حالة حرب وعليه سوف تبقون معنا حتى الوصول إلى صنعاء ولن تتمكنا من الحصول على أي تصريح حفاظاً على السرية والمفاجأة ضد الأعداء.

ووجدت الأستاذ/ عبد الحفيظ بهران يرافقهما ويلح علي بتلبية طلبهما إجراء تلك المقابلة معي وعودتهما إلى الحديدة مع التزامهما بعدم نشر المقابلة إلا بعد وصول القوات إلى العاصمة صنعاء، إلا أني أصريت على عدم إجراء أي حديث بعدما حدث بين الأخوين العواضي والصبري والتأثير السلبي لما سيحدث لو تسربت مثل هذه المعلومات على معنويات أفراد الحملة.

فقلت لهم: "يمكنكم إجراء حديث صحفي مع النقيب/ أحمد العواضي" لرفع معنوياته ومواصلته أداء مهامه وإنجازها في أسرع وقت ممكن وقد التزم الصحفيان بعدم نشر هذه المقابلة حتى وصولنا إلى صنعاء وغادرا عائدين إلى الحديدة.

بعد ذلك تم توجيه اللوم إلى الدوريات المكلفة بمنع أي حركه على الطريق من مناخة وحتى يتم مؤخرة المنار مهما كانت الأسباب والمسببات سواء كانوا من أفراد الحملة أو غيرها.

حل ظلام مساء ذلك اليوم ولا تزال بعض طلقات الأسلحة الخفيفة يتم التراشق بها بين قواتنا وقوات العدو ولم يغمض لي جفن طيلة الليل وحتى ما قبل الفجر بوقت قصير ولا يزال الموقع الذي أسميته قرني الشيطان في منطقة الحدب بلاد جمعان محتلاً وتحت سيطرة العدو، فاتجهت فورا نحو الموقع مع الحرس الخاص على مصفحة واحدة محاولاً اختراق الموقع ومتوجهاً إلى "بوعان" ببني مطر وبعد مسافة محدودة من تحركي إذا بالملازم/ أحمد سالم العواضي يتبعني بسرعة ويوقفني ويقسم بعدم مواصلتي التحرك وحدي وهو ملتزم بأن لا تشرق شمس ذلك اليوم إلا وقد تم احتلال الموقع الهام والاستراتيجي بواسطة كتيبه المشاة الهجومية، فعدت وأنا أراقب بقية رشقات من الطلقات، وفعلا بعد أذان الفجر مباشرة كان ذلك الموقع قد تم احتلاله من قبل قوات كتيبة المشاة الهجومية وبشروق شمس ذلك اليوم "2فبراير" كانت كتيبه المشاة الدفاعية قد تمكنت من استلام المواقع التي تم تحريرها.

انتهت المعارك بعد حوالي 20 ساعة بداية حوالي الساعة العاشرة من صباح يوم 1 فبراير وانتهت فجر يوم 2 فبراير وهنا يجب الإشارة إلى أن تلك المعارك كان محدد لها 6 ساعات ولكن وبسبب ما حدث من اشتباك بين أفراد من جماعة العواضي وأفراد من جماعة الصبري تأخر حسم المعارك إلى فجر يوم 2 فبراير وبعدها صدرت الأوامر بإعطاء راحة للمقاتلين حتى وقت العصر وبعد أذان العصر كانت القوات جاهزة للتحرك وكون قوات كتيبة المشاة الهجومية هي التي يتم تحركها في المقدمة لكن بسبب بقاء بعض الحساسيات بين الصبري وجماعته والعواضي وجماعته كانت كتيبة المشاة الهجومية غير جاهزة، فتقدمت الحملة وبصحبتي الأخ/ محمد قائد عنقاد وحارسين متوجها إلى "بوعان" مع مدفع ميداني وطاقمه ومدفعين م ط وأطقمهما وصادف الوصول إلى بوعان قبل حلول الظلام بوقت قصير ما مكنا من رؤية قوات العدو أعالي جبال المكحلة وكون المدافع يتم جرها بواسطة سيارات فقد تمكن العدو أيضاً من مشاهدتها وأطلق عليها النار ولكن ولبعد المسافة لم يتمكن من إصابتها أو إصابتنا،. <

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد