شكري عبدالغني الزعيتري
حيوان من فصيلة الثديات يسمي حمار ويعتبر من الحيوانات التي لا عقل لديها ولا تفكير ولا يفكر ليدرك ما حوله و ما يأمر به من عمل . هذا الحمار كان يمتلك ميزة انه حمار عربي أصيل في عروبته أي جنسيته عربي وكان يملكه (حَمّار عربي ) ويستخدمه لأداء أعمال متعددة في الركوب وفي حمل الأثقال وفي حرث الأرض حتى أن أراد (الحَمّار العربي) أن يلاعب أبنائه الصغار أتاء بالحمار العربي الأصيل ليسليهم به ويلاعبهم .. وفي كل يوم (الحَمّار العربي ) يخرج بحماره العربي الأصيل لأعمال و استخدام حسب ما يخطط له (الحَمّار العربي ) في المساء لليوم السابق ليوم عمله القادم إذ كان(الحَمّار العربي ) يتصف بالذكاء والحيلة والدهاء السياسي .. وخلال نهار كل يوم يعمل الحمار العربي الأصيل بجهد ونشاط لإرضاء ونيل عطف(حَمّاره العربي ) وكان الحمار يتصف بالنشاط البدني وبالغباء الذهني وانعدام التفكير لأنه حمار عربي أصيل .. فبعد انتهاء (الحَمّار العربي ) من حاجته لعمل الحمار وانتهاء الحمار من نشاطه الذي كان كثيرا ما يبديه لإرضاء (حَمّاره العربي ) نهاية كل يوم . فإذا (بالحَمّار العربي ) يتركه ويذهب إلي السوق لقضاء بعض حوائج يومه ويظل الحمار جائعاً عاطشاً إذ أن (الحَمّار) لا يحرص علي إطعامه فلا يطعمه ولا يسقيه وإنما يتركه يسير في الأرض لإطعام نفسه وليأكل مما يجد أمامه . فكان الحمار يسير إلى الأمام يتشمشم كل ما يجد علي الأرض من نفاياتها ويأكل ما يستساغ له حسب الرائحة ولا يفرق بين البرسيم (القضب ) أو أوراق الذرة (الطعم ) أو أوراق البطاطا التي رميت من قبل أصحابها بعد حصدها ورميها أو حتى من القراطيس ومخلفات القمامة ولا يفكر فيما هو ضار من صحي لجسمه المهم أن يملأ كرشه .. وحين يعطش يشرب مما وجد أمامه متوفراً من سوائل فلا يفرق بين ماء راكد (مجيف ومدود ) أو ماء جاري نظيف المهم عنده أن يروي عطشه .. ونقول نحن أمام هذا في البداية والنهاية هو حمار عربي أصيل لا يفكر فيما يتعامل معه من مأكل ومشرب .. ولا يفكر في العواقب من مرض و موت أو صحة وعافية وإنما عنده الرغبة الحيوانية حينها لقضاء وإشباع جوعه وإرواء عطشه والمستقبل للغد وبعده لا ينظر إليه ولا يخطط له وعنده يقول في نفسه يحلها حلال . ونعود لنقول نحن تأكيدا (حمار عربي أصيل) .. وهكذا كان يتم يوميا (فالحَمّار العربي ) صاحب الحمار في فائدة واستفادة من الحمار العربي الأصيل ومنعم العيش مما يجنيه حماره وفي رغد ويكنز ويجمع الأموال وتزيد عقاراته وتتسع سلطته من تزايد شرائه المواشي من عجول وأبقار وخرفان وكسب وتيوس وأغنام وخيول وحيوانات أخرى وحريص أن تكون عربية أصيله لأنها نشيطة البدن غبية الذهن والتفكير حتى تكونت(للحَمّار العربي ) مملكة وحكم إلا أن الحمار العربي الأصيل ظل لم يتطور كما هو و يقوده مالكه الحاكم حيثما شاء وكيفما شاء ... حتى جاء اليوم الذي فيه شاخ الحمار وكبر سنه وضعف جسده وذهبت قواه وبينما وهو في هذه الحالة ذات يوم ومتعب واشتد إرهاقه وأثناء بحثه عن الطعام برك على الأرض لا يقوي علي القيام والمسير ويئن . فرأى حيواناً آخر من نفس الفصيلة (صعبي ) شباب وفي ريعان شبابه وقواه ومحنك يتقفز هنا وهناك من كثرة نشاطه ويدرك ما يدور حوله وذكي يفهم الدبلوماسية ودهاء السياسة لماذا لأنه (صعبي) عربي غير أصيل ومهجن ودرس في حظائر راقيه تابعه لأثرياء من الملاك وتمرس وتدرب الحيل والدهاء من مجالسة الذئاب والثعالب لان دبلوماسيته وسياسته الذكية جعلته يكسب صداقة الذئاب والثعالب ويقبلونه بينهم رغم انه من غير فصيلتهم فتعلم من سلوكياتهم ووحشيتهم وخبثهم . فحين رأى الحمار باركاً على الأرض يئن ويتألم . حزن عليه وتعاطف معه لأنه من نفس فصيلته فاقترب منه أكثر يريد مساعدته فقال له : يا والدي ماذا بك ..؟ فأجاب الحمار شاكيا "للصعبي" أعمال وتعامل مالكة (الحَمّار العربي) معه . فتأثر الصعبي لقصة شكوى الحمار المحزنة وقال له هذا المالك سيدك وحاكمك السلطان يعاملك بقسوة وخبيث وقاسي ويراعي مصلحته ورغم انه يستفيد منك في كثير من الأعمال ويكسب عن طريقك الكثير من المال ومن الواجب عليه أن يرعاك ويهتم بك ويوفر لك طعام قوتك ومشربك ومن أفضل ما تنتج الأرض من زرعها وثمرها ولكنه لا يفعل مما يدل بأنه (أناني يحب مصلحته فقط ) .. إذن أقول لك وأنصحك إن جاءك يريد منك عمل فلا تطعه وتمرد عليه ولا تنهض ولا تقوم وظل بارك علي الأرض وهكذا تعمل كل يوم وان أجبرك بالضرب فتكاسل في أداء العمل وخرب له كل عمل تعمله له ويأمرك به . وبهذه النصيحة اتبع ونفذ الحمار المسن ولكن بعد أن كان قد فات الأوان إذ كان المالك (الحَمّار العربي ) قد نوى أن يترك الحمار لأنه سن وكهل وشاخ ولم يعد نشيطا فذهب يبحث عن غيره . وفي يوم وجد في السوق حمار شاب رآه نشط قوى البدن ذكي ويفهم وأيضا عربي أصيل فقام بشرائه وجاء به إلى المنزل وأراد إدخاله الحظيرة فوجد الحمار المسن فيها نائماً فأقامه بالضرب المبرح وطردة من الحظيرة لأنه رآه أصبح عبئا علية ويحتجز الحظيرة وهي أحق بأن تكون للحمار الجديد الذي اشتراه وجلبه وعليه طرد الحمار المسن إلي الشارع وتخلي عنة وادخل الحمار الجديدة إلى الحظيرة واسكنه فيها .. أما الحمار السابق المسن خرج إلى الشوارع يتسول ويدق باب هذا وذاك وظل هكذا. وحين لا يجد طعام يومه يبرك فيغلبه النوم حتى صباح اليوم الثاني فيصحو وينهض يسير في الشوارع وبين الأحياء والمزارع لعله يجد ما يشبع جوعه .. مسكين الحمار في شبابه أمر ونهي وسمع وطاعة وولاء .. وفي شيخوخته طرد وتخلى وإهمال وجوع ومرض وحسره علي ما قدم من خدمات واخلص فيها لسيده (الحَمّار العربي ).
وأمام قصة هذا الحمار ومالكه (الحَمّار العربي) نقول هذه الأيام كثيرين من هم حمير ومن أصول عربية ولكن من فصيلة ( الإنسان ) بل بعضهم فرحين بأنهم حمير ويرضي عنهم ( الحَمّار العربي) وأخيرا نقول نحن لكل ( حَمّار عربي) رأفة ورحمة بحميرك من العرب مواطني مملكتك . فان استغنيت عن أحدهم فلا تجوعه ولا تجوع باقي مواشي مملكتك فكلهم لك خدام .<
Shukri_alzoatree@yahoo.com