فارس الصليحي
أن تكون صاحب مطلب قانوني وشرعي كفله الدستور أمر لا يختلف فيه اثنان بشرط أن لا يؤدي ذلك لإنكار الجميل والمقاطعة وتحويل الواقع الإيجابي إلى واقع سلبي بكل المقاييس.
الخلافات والمشاريع السياسية والمصالح الشخصية يعتبرها العقلاء وأصحاب الحل والعقد ظروفاً طارئة مهما تعاظمت سرعان ما تتلاشى وتنتهي.
الواقع اليمني اليوم يختلف عما كان عليه بالأمس وأصبح الوطن والمواطن كلاهما ي مرمى الصراعات السياسية بين الحاكم والمعارضة وكل يكيل الاتهام للآخر، تفاقمت الأمور بين الطرفين الأمر الذي تولد عنه طرف ثالث تحت مسمى كيانات وجمعيات وتكتلات كلها تدعي الحق لنفسها والوصاية على الطرف المختلف والمتنازع عليه "الوطن والمواطن" اللذان يبحثان عن حل للخلاف عليها وللقضايا والمعانات دون مزايدة أو تفريط أو العبور للمصالح الشخصية عبر المصالح الوطنية.
أفرزت الأحداث الفائتة قضايا لم تكن بالحسبان ورفع الستار ليكشف عن أصحاب الأقنعة المزيفة والمشاريع الملتوية الذين ينطبق عليهم المثل العامي "من خارج الله الله ومن داخل يعلم الله".
وبأن هؤلاء معلومين للعيان سواءً هنا أو هناك ولا داعي للتصريح بقدر التلميح طالما وهم تحت المجهر السياسي لصناع القرار واحداً واحداً.
أحد رموز وجهاء أبناء الضالع الأبية صرح بهذه العبارة التي كتب من أجلها الموضوع: "وحدويون بصنعاء انفصاليون بالضالع" مؤكداً أن هذه العبارة لم تأت من فراغ وإنما من واقع مشاهد وملموس سواءً في م/ الضالع أو المحافظات الجنوبية الأخرى.
بعض المسئولين والقيادات الكبرى والصغرى تتحرك من صنعاء لزيارة أي محافظة جنوبية للوقوف أمام الأحداث وبمجرد الوصول للفئة المستهدفة يفرشون الزهور، ويرشون العطور ، ويدقون على الصدور، كل المطالب ستنفذ عاجلاً غير آجل.
وسوف نسفلت الطرق ونعمل المجاري ونسقف المنازل ونحجز الدرجات للخريجين والخريجات وسنبني الشقق للمعدمين بمواصفات عالمية...الخ.
وأما العجائز والشيبات فسوف نضعهم بالعيون ويسكنون القلوب ومن أقبل عليه الأجل سنبني على قبره أغلى المناصب التذكارية وسوف يخلدون بالصحف الرسمية والأهلية والحزبية ونحن على استعداد لصناعة المستحيل لكم جميعاً بشرط عدم إحداث فوضى كبرى والشغب في حدود المعقول وعدم التعرض للوحدة وأخواتها ...الخ.
ثم يعودون إلى صنعاء على أمل أن الزيارة وأهدافها تحققت ووضع البلسم على الجراح ومجرد الوصول من حيث كان بدء الانطلاق حتى تعود الأحداث من جديد بشكل أوسع من سابقاتها نتيجة لعدم الوفاء بالوعود المزعومة مما سنح فرصة للمتربصين بتأجيج الوضع متهمين ممثلي الحكومة بالكذب وامتصاص الأحداث لا أقل ولا أكثر وعلى ضوء ذلك تكون بدلات السفر للجان المكلفة بالنزول الميداني قد خلصت وصار من المحتم عليها العودة مرة أخرى لموقع الحدث لدراسة الظاهرة من كل الجوانب وتمديد المهمة عن سابقاتها بشرط الزيادة في بدل السفر ومصائب قوم عند قوم ...الخ.
وعلى العكس من ذلك حينما يطلع بعض المسئولين والقيادات من موقع الحدث وبمجرد وصولهم دار الرئاسة أو القصر الجمهوري حتى يأتي دور الاستعراض بكلمات وشعارات تحمل الأمل والاطمئنان للقيادات السياسية مؤكدين بالقول "كل شيء تمام يافندم وما في داعي للقلق".
نحن مسيطرون على الأوضاع يافندم وما هو حاصل حالياً عبارة عن زوبعة من بعض أصحاب النظارات السوداء، وقد أنهينا قضية بني فلان مع بني فلتان، وعملنا على إيصال المتطلبات الخدمية الضرورية لمنطقة علان.
والوحدة يافندم رسوخها كرسوخ أضراسنا بأفواهنا، وقد عقدنا مئات الندوات مع الجيل الصاعد والشباب واقتنعوا وتعقلوا والتزموا بعدم إحداث أي شغب وأن لا تردد الشعارات المناطقية، وأن لا يقطعوا الطريق وقد أخذنا منهم عهداً وميثاقاً بهذه الوثيقة المكتوبة بدمهم و..و..و الخ.
ثم يعودون من صنعاء محملين بالهدايا والغنائم المختلفة والسيارات الفاخرة وتعيينات ومناصب حتى لو لم يكن ممن يستحقها أو بغير شهادة حتى إعدادي أو ثانوي أو جامعي محلي أو خارجي.
وقبل وصولهم مسقط رأسهم وقبل أن يوزعوا أغنامهم سرعان ما تتحول تلك الابتسامات إلى أبواق ناشزة مطالبين بالتغيير وتحرير الأرض مشجعين الأبناء والآباء على الإستمرار مع الإصرار قائلين بصريح العبارة "لله دركم أيها الأحرار بفضلكم فتحت لنا دار الرئاسة وحصلنا على الغنائم والمناصب التي ما كنا نحلم بها وحصلنا على السيارات الباهرة التي ما ركبها سابق "علي عنتر ولا سالمين" ولا غيرهم.
بالمختصر البلدي المفيد "نحن السابقون وأنتم اللاحقون"، واللهم لا حسد.
وأخيراً هنيئاً للشرفاء المخلصين والوطنين من مختلف الأطياف السياسية الذين يضربون أروع أمثلة الوفاء لوطنهم دون التأثير أو الانجرار وراء كل الملذات الدنيوية مهما كانت الأسباب والظروف.<