نبيل مصطفى الدفعي
كأغلب عاداتي بعد صلاة العصر جلست بالمقهى لشرب الشاهي وأكل الكعك المحلي اللحجي "القرمش" وأتذكر أني جلست بجانب العم يوسف النجار "المعذرة لا أريد أن أذكر الاسم الحقيقي"، والذي كان غارقاً بالتفكير، وبعد مرور لحظة من الزمن فاجأني بقوله بعد أن ظهر على محياه آثار التعجب: اسمع يا أخي أعضاء مجلس النواب الشعب ينتخبهم في الانتخابات وكل واحد يمثل محافظته ودائرته أين نحن الشعب ننتخبهم؟ قلت له موافقاً نعم، فبادرني بسؤال هل ممكن الواحد عندما يقابلهم لحل مشكلة يحمل معه هدية لهم، فأجبته موضحاً اعتقد لا وهم غير محتاجين، بالإضافة إلى أنهم ممثلو فئات الشعب الذي انتخبهم، العم يوسف هز رأسه موافقاً على كلامي واختتم حديثه بالقول: يعني لا يجوز إعطائهم هدية وهم أيضاً لا يقبلون الهدايا من أحد.
لا أدري كيف شعرت عندما هز العم يوسف رأسه ليوافقني الرأي ومضيفاً ما قاله في ختام حديثه ولكني وجدت نفسي أخيراً حائراً ومذهولاً!!
فلقد وضعني الرجل أمام قضية هامة تستحق التعمق والتفكير فيها ألا وهي هل يحق لعضو مجلس النواب قبول الهدية ليس من المواطنين فقط بل من أي جهة أو مؤسسة أو شركة خاصة.
الحقيقة أقول إنه يجب أن لا يتبادل النائب المنافع مع أهل الدائرة أو أصحاب المصالح النوعية لأن دوره الرقابي سيتأثر بكل تأكيد وسيفقد بالهدايا جزءاً من دوره ومركزه ولن يختلف كثيراً عن موظف عام يقبل رشوة.
الحقيقة الأخرى في تصوري أن الهدية بمعناها الاجتماعي تعني أن هناك علاقات إنسانية بين الأفراد بدون مصالح وتقدم في مناسبة خاصة بمعنى أنه يقبل الهدايا من الأهل والأصدقاء في المناسبات.
أما في مجال الخدمة عندما تكون هناك مصالح تنجز لآخرين ومن بينهم الأهل والأقارب فلا يجوز قبول الهدايا لأنها مسألة حساسة جداً فما بالك بشخص يقبل هدية من آخر يفترض أن يقوم بالرقابة عليه؟
في الأخير أقول إن المسألة لا تحتاج لضوابط فهي مرتبطة بالصفات الموجودة في النائب الذي انتخبه الناس ووضع التشريعات في هذه المسألة فيها نوع من الاهانة ولكن من حيث المبدأ المسألة مرفوضة وهي لا أخلاقية بالمرة إذا أخذت مقابل مصلحة مهما كانت قيمة أو رمزية لأن المبدأ نفسه يمثل تعارضاً بين دور النائب كجهة رقابة وبين قبوله هدايا من الغير سواء كانوا شركات أو أفراد، فالعلاقة بين النائب والناس لا تسمح له بقبول الهدايا ويجب أن يكون متفهماً لدوره هذا ما نفهمه، وإذا وجدت مفاهيم أخرى حول ذلك أرجو أن نحصل عليها والله من وراء القصد.<