محمد أمين الداهية
بعد أن عاد الثعلب الماكر إلى وكره حزيناً مليئاً باليأس والإحباط ليس لأنه لم يتمكن من ممارسة خداعه بنجاح مع من يحتال عليهم وإنما كان حزنه هذه المرة نابعًاً من الولاء الوطني الذي لم يكن الثعلب يدرك أن ضميره تخلى عن كل شيء ما عدا الولاء لأرضه الجميلة التي ترعرع ونشأ على ترابها وفي ظل خيراتها وبها استطاع أن يفجر ويتباهى بأن لدية وطن ، وبعد أن صافح النهار الليل وودعه على أمل اللقاء، أسدل الستار على الواحة الجميلة ليخرج الثعلب من وكره مستأنساً بضياء قمر تلك الليلة ومستمتعاً بنسيم لم بألفه من قبل إلا أن ذلك لم ينسيه ألمه وحزنه بسبب بغض حيوانات الواحه والتي وكأنها قدأعدت العده لتدمير واحتها وأنزال المصائب على ساكنيها، كانت العبارات الشيطانية التي سمعها الثعلب من بعض الحيوانات تتردد في ذاكرته بقسوة ومرارة تمنى لو أنه لم يعش إلى تلك اللحظة، فقد كانت العبارات نذير شؤم لمستقبل الواحه وجمالها علينا أن نحمي وأحتنا وأن نسترد ما سلبه الحاكم منا لقد أجبرونا على التوحد، لم نكن ندرك أن مصيرنا الفقر والتهميش أن الحاكم حزبه قد احتلوا أرضنا ونهبونا تراثنا وجعلونا لهم عبيداً، لا أن نقاوم هذا المحتل الغاضب.
خطابات وشعارات شيطانية جعلت الثعلب يلعن اليوم الذي ولد فيه مثل هؤلاء دعاة الشر والأنفصال والقتل والاقتتال.
أسند الثعلب ظهره إلى جدار وكره ورفع رأسه ناظراً إلى ذلك البلد الجميل وحدث نفسه قائلاً : يا الله أيعقل أن يحدث هنا أمام ناظري وفي واحة الأمل التي كنت أظنها غالية كثيراً على كل فرد فيها ، صحيح أن ذلك المشهد الذي رأيته لا يمثل إلا القله ولا يعني سوى أصحابه، ولكن بالي أإلى الحد من يريد للواحة الدمار ولمن فيها القتل وسفك الدماء ، كنت أظن أنني بمكري وخداعي أحقر من في هذه الواحه إلا أن ما رأيته اليوم أعاد الأمل إلى فؤادي بأنني أفضل بكثير من حيوانات لها ثقلها ومكانتها في هذه الواحه فمهما بلغ بي المكر والخداع إلا أن وطني وواحتي أغلى بكثير من أي ثمن ومقابل، أيظن أولئك الخونة أنهم أوصياء على من في الواحة، هل وصل الاستهتار بالواحة ومن فيها إلى هذه الدرجة، يريدون أن يجعلوا من واحتهم ساحة