بقلم :ممدوح طه
بعدما اضطر الاحتلال الإثيوبي في النهاية للانسحاب من الصومال تحت الضغط المقاوم والمفاوض، فمن غير المقبول، لا صوماليا ولا عربيا ولا أفريقيا ولا إسلاميا استمرار الانقسامات السياسية والفتن الدينية والاقتتال الدامي بين جناحي «اتحاد المحاكم الإسلامية» الذي وحد الأجزاء وفرض الأمن والعدل والنظام قبل الغزو الإثيوبي..
ومن المفيد أن نتذكر أن غزو الصومال وقع أساسا بدفع صهيوني وأميركي لإجهاض نجاح اتحاد المحاكم الإسلامية برئاسة الشيخ «شريف شيخ أحمد» بدعم شعبي في توحيد معظم القبائل الصومالية والانتصار على أمراء الحرب الأهلية المدعومين أميركيا، وبعد شهور من نجاح المحاكم الإسلامية في إعادة توحيد العاصمة الصومالية وفرض الأمن وإقامة العدل فيها، وبينما كانوا في الطريق لإعادة توحيد الصومال عبر الحوار الوطني مع السلطة الانتقالية في «الخرطوم» برعاية سودانية.
غير أن «اتحاد المحاكم» أعاد تشكيل نفسه لمقاومة الغزاة في «تحالف إعادة تحرير الصومال» الذي انقسم من جديد بين «جناح أسمرة» المقاتل برئاسة الشيخ طاهر عويس، وجناح «جيبوتى» المفاوض برئاسة «الشيخ شريف شيخ»، وكان يمكن أن يكمل كل منهما الآخر، غير أن المشكلة الكبرى الآن بعد أن تحققت الأهداف الرئيسية، أن يرفع أحدهما السلاح على الآخر ويقتل الأبرياء ويسيل الدماء رغم نداءات «علماء الصومال» وعقلاء العرب والمسلمين !!.
وبعد ما قاد «الاتحاد» المقاومة الإسلامية بالسلاح وبالسياسة حتى حققت أهدافها المعلنة مرتين، مرة بالنصر على الاحتلال بإجبارهم على الانسحاب، والثانية بموافقة البرلمان الصومالي وبالإجماع على تطبيق الشريعة الإسلامية مؤخرا بعد انتخاب رئيس اتحاد المحاكم الإسلامية السابق رئيسا للدولة الصومالية.. أليس الأجدى عودة أجنحة «الاتحاد» إلى الاتحاد لبناء الدولة الجديدة، ورفع المعاناة عن شعبهم، وكفاه ما حل به من مآس إنسانية!.
ألم يكن هذا هو برنامج الرئيس السابق لاتحاد المحاكم الإسلامية، ورئيس الدولة الصومالي المنتخب من البرلمان الانتقالي حاليا، ألم يكن كلا الهدفين هما من أهداف نائب رئيس اتحاد المحاكم السابق وزعيم المعارضة المسلحة الحالية ضد الرئيس شريف أحمد، ورئيس حكومته الانتقالية الدكتور «شارماركي»؟!
فما الذي يجعل رفاق السلاح بالأمس في إطار «تحالف إعادة تحرير الصومال» ضد الاحتلال الإثيوبي يحتكمون للسلاح اليوم وليس للحوار بالسياسة ولا يحتكمون لصحيح الدين من خلال علماء المسلمين وعلماء الصومال، بينما هم لا يدينون بالإسلام فقط بل يطرحون أنفسهم دعاة له، ويعلمون بالضرورة أن «دم المسلم على المسلم حرام» وأنه «إذا خرج المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» طبقا لتعاليم دينهم الواحد.. ؟!
أما إذا كانت الذريعة هي الوجود العسكري الأفريقي، فإن الاتحاد والسلام الصومالي هو الحل، لأنها ليست قوات احتلال بل لحفظ الأمن والنظام، ولن يصبح لوجودها ضرورة ولا مبرر واقعي إذا ما اتحد الفرقاء وتحقق الأمن، ليبقى الهدف الآن هو السلام والحوار والوحدة.
وأخيرا.. سلاح المسلم لا يرفع على مسلم وسلاح العربي لا يصوب ضد العربي، بكل قاعدة شرعية وطنية أو قومية أو دينية، فهذا تصويب خاطئ، وأكبر هدية يمنحها الفرقاء إلى الاحتلال المندحر وغطائه الدولي والصهيوني، فإن مواصلة الاقتتال بين شركاء التحرير، هو ما يؤمله المتربصون بالصومال ليفتح لهم الأبواب مجددا دون عناء لإعادة احتلال الصومال ! فهل هذا هو المطلوب؟!!!