بقلم :ممدوح طه
منذ البداية نعرف أن هيلاري كلينتون ليست هي نفسها كوندوليزا رايس، هيلاري «ديمقراطية» وكوندي «جمهورية»، والأولى شقراء والثانية سمراء، وبينما جاءت كوندي إلى منصب الوزارة لنجاحها في منصب المستشارة في البيت الأبيض، جاءت كلينتون لمنصب الوزارة تعويضا لفشلها في العودة إلى البيت الأبيض لفشل حملتها الانتخابية التي افتقرت إلى الذكاء في مواجهة الحملة الذكية الناجحة للمرشح الأسمر باراك أوباما.
سواء في العهد الأسود للرئيس الأبيض بوش أو في العهد الذي يأمل العالم أن يكون أكثر بياضا للرئيس الأسمر «أوباما» كان على العالم العربي والإسلامي أن يتعامل مع امرأة حديدية كوزيرة للخارجية الأميركية، اختارها بوش في آخر ولايته سمراء، واختارها أوباما في بداية ولايته شقراء، لكنهما وإن اختلفتا في اللون والانتماء الحزبي والخلفية السياسية لا يختلفان كوزيرة خارجية أميركية إلا في الشكل والتفاصيل في مواقفهما من قضايا العرب ومن المسلمين وخاصة قضايا فلسطين ولبنان والعراق.
لكنهما يختلفان بدرجة ما باختلاف سياسات الرئيسين السابق واللاحق، الأول «الرئيس المغامر في زمن الحروب» والثاني «الرئيس المثابر للخروج من الأزمات التي جلبتها الحروب على أميركا والعالم»، ويختلفان أكثر في درجة التزام كل منهما في تنفيذ سياسة رئيسه، فبينما كانت رايس أكثر التزاما وطاعة لسياسة رئيسها، خصوصا وأنها كانت باستشاراتها في الأمن القومي لرئيسها قبل الوزارة تشارك بدرجة ما في رسم سياسته، تبدو كلينتون مغايرة بدرجة ما في خطابها السياسي عن خطاب رئيسها.
خصوصا، وأنها قبل الوزارة كانت المرشحة المنافسة له ببرنامج مغاير بدرجة ما لبرنامجه الذي يغاير مجمل سياسات بوش، إلى الحد الذي يجعل تصريحات الوزيرة هيلاري قبل وأثناء وبعد أول زيارة لها للمنطقة العربية تكاد تتشابه كثيرا مع التصريحات السابقة التي كانت تلقيها علينا الوزيرة رايس انعكاسا لسياسة بوش دعما لإسرائيل على حساب العرب والمسلمين.
ودعما لحلفائها العرب الموالين ممن تسميهم ب«المعتدلين»، وضغطا على من تحاول عزلهم من العرب الممانعين ممن تسميهم ب«المتطرفين»، وعداء لمن تعاديهم من العرب والمسلمين المقاومين وتسميهم ب«الإرهابيين»، ومحاولة إلهاء العرب عن عدو العرب والمسلمين إسرائيل بصنع عدو إسلامي بديل !!
بما يجعلنا نتصور أنها قبلت وصية «رايس» قبل الرحيل عن الوزارة التي نصحت فيها خليفتها «كلينتون» بضرورة دحر المقاومة في فلسطين ولبنان، قائلة ان ما يهزمهم هو دعم المعتدلين للتوصل إلى تسوية سلمية بالتفاوض مع الإسرائيليين، والغريب أن ثماني سنوات من عهد بوش لم ينجح فيها «أنابوليس» ولا نجحت المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في جلب التسوية السياسية للصراع في ظل حكومة أولمرت «غير المتطرفة»، فهل ستنجح أميركا في ظل حكومة نتانياهو «المتطرفة»؟!
بل الأكثر مدعاة للغرابة هو أن محاولة إحداث الفتنة الكبرى الثانية بين العرب والعرب التي بدأتها «رايس» في عهد بوش بجعل معسكر المعتدلين يضم إسرائيل «المتطرفة» في خندق واحد لمواجهة «المتطرفين العرب و الإيرانيين»، هي نفس المحاولة التي تعكسها بعض تصريحات «كلينتون» في عهد أوباما مغايرة لخطابات أوباما.. فما هي تلك التصريحات ؟