شكري عبدالغني الزعيتري
يقال من ليس له ماضي (تاريخ) ليس له حاضر ولن يكون له مستقبل هذه العبارة جعلتني عند تناول قضية أو حدث ما (عام) ورأيت الكتابة حولها باني لا بد من العودة لجذور وماضي القضية أو الحدث محل النقاش وذلك ليسهل لي التوصل لرؤية أكثر صوابا في تحليلي فيما يتعلق بالحاضر وأيضا التوصل لأكثر دقه في التنبؤ بمستقبل الحدث أو القضية محل النقاش والتي تكون محل الاهتمام العام ورأيت تناولها بالكتابة والتحليل. . ومن جانب اقتصادي ولمناقشتي موضوعنا بحلقة اليوم وحلقة الغد والتي ستكون الثانية (إن شاء الله تعالى) وستتمحور حول الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها اليمن وتتسع وتتفاقم ولهذا رأيت العودة إلي سنوات ماضية منذ العام 1990م في جمعي للبيانات الاقتصادية والتي قمت بتحليلها لاستخلاصي نتائج ووجهة نظر لأطرحها أمامك عزيزي القاري ولما قمت به حول ذلك الماضي القريب يمكنني القول أمام ما وجدت في جانب الاقتصاد الوطني ومقدار متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ومعدل الدخل السنوي للفرد منه حيث وقد وجدت أنه بالفعل تحققت العبارة أعلاه إذ وجدت بان ماضي الاقتصاد الوطني كان مأزوم وعليه يصح لنا القول بان من ماضيه كان مأزوم فان حاضره مأزوم وقد يكون مستقبله مأزوم في حالة ثبوت الظروف على ما هي عليه أو تراجعها سلبا ( والعكس صحيح ). وعليه يصح لنا القول بان الأزمة الاقتصادية التي تعانيها اليمن اليوم هي من نتاج ماضي وامتداد جذور له سابقة وأدت إلي تجليها بالوقت الحاضر وان التأزم كان يرحل من عام لآخر ويتراكم ويتزايد حتى وصل الحال اليوم إلى أن أصبح أزمة اقتصادية عميقة واتسعت علي ارض الواقع الملموس اليوم . . وقد تفرز آثارها الاجتماعية والأمنية السلبية في المستقبل إذ قد تطفو علي السطح والساحة العامة باختلالات سلبية تضر بالنسيج الاجتماعي والأمني المترابط إذ أن عودتي للماضي الاقتصادي وبياناته يمكن القول بان الاقتصاد اليمني لم يتنفس الصعداء يوما ما وان المواطن اليمني لم يشعر بأنه في حالة رخاء ورفاهية يوما ما. . وما يدلل علي صحة ما أقوله ما سأورده أدناه من معلومات وبيانات قمت بجمعها وتحليلها وصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء إذ انه في عام 1990م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ( 9549 ريال ) بما يعادل ( 686 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (13، 92ريال ) . وفي عام 1991 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (10728 ريال ) بما يعادل (485 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (22، 12 ريال ). وفي عام 1992 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ( 12882 ريال ) بما يعادل (452 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (28، 50 ريال ). وفي عام 1993 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ( 15011 ريال ) بما يعادل (381 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد ( 39، 40 ريال )، وفي عام 1994 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (17732 ريال ) بما يعادل (321 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (55، 24 ريال )، وفي عام 1995 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (28000 ريال ) بما يعادل (280 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (100 ريال ). وفي عام 1996 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (36096 ريال ) بما يعادل ( 282 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (128 ريال ). وفي عام 1997 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (39559 ريال ) بما يعادل (306 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (129، 28 ريال ). وفي عام 1998 م كان متوسط دخل الفرد (37367 ريال ) بما يعادل (275 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (135، 88 ريال ) . وفي عام 2000 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (87756 ريال ) بما يعادل (543 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (161، 73 ريال . وفي عام 2001 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (91966 ريال ) بما يعادل (545 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (168، 69 ريال ). وفي عام 2002 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (100100 ريال ) بما يعادل (570 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (175 ريال ). وفي عام 2003 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (110639 ريال ) بما يعادل (603 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (183، 45 ريال )، وفي عام 2004 كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ( 125498 ريال ) بما يعادل (679 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (184، 78 ريال ). وفي عام 2005 م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (154748ريال ) بما يعادل (808 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد (191، 42 ريال ). وفي عام 2006 كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي (192439 ريال ) بما يعادل ( 977 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد ( 197 ريال ) وفي عام 2007 كان متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ( 221666 ريال ) بما يعادل ( 1114 دولار ) إذ كان سعر الصرف للدولار الأمريكي الواحد ( 198 ريال ) ومقارنة للبيانات أعلاه بما اقره علماء الاقتصاد بان المستوى الاقتصادي لأي بلد ما وشعبه والذي يمكن اعتباره بأنه يزدهر ويتقدم اقتصاديا فلا بد أن يصل وكحد ادنى متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ما يعادل(8000) دولار أمريكي سنويا أي بما يعادل (مليون وستمائة ألف ) ريال يمني فمثلا ضمن لائحة البنك الدولي بان فئة البلدان ذات المدخول العالي من يزيد معدل دخل الفرد فيها (متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ) عن (8000) دولار أمريكي فمثلا الولايات المتحدة الأمريكية والتي يزيد معدل دخل الفرد فيها علي (30000) دولار أمريكي سنويا وكانت تعتبر إلى ما قبل حدوث الأزمة المالية الأمريكية وتصنف من الفئة ذات الدخل العالي وان البلدان التي هي من الفئة ذات الدخل المتوسط هي البلدان التي يصل فيها معدل متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي إلي (8000 ) دولار أمريكي وان البلدان التي هي من الفئة ذات الدخل المنخفض هي البلدان التي يقل فيها معدل متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي عن (8000 ) دولار أمريكي. . وإذا ما قارنا بما اقره العلماء الاقتصاديون كنصيب الفرد كنقطة قياس مع ما حققه الناتج القومي الإجمالي معدل دخل الفرد فيها (متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ) في اليمن ولكل عام وأوردناه أعلاه يتضح لنا بان الاقتصاد اليمني لم يصل إلى (نقطة القياس) ولما يقره علماء الاقتصاد هو أن يكون متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي ما يعادل(8000) دولار أمريكي سنويا أي بما يعادل (مليون وستمائة ألف ) ريال يمني والذي يمكن القول عنده بان الاقتصاد الوطني اليمني كان في حالة ازدهار وتقدم لأي سنة من السنيين منذ العام 1990م وحتى عامنا الحالي 2008م وقد أوردنا أعلاه ما حققه الاقتصاد اليمني سنويا لمتوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي خلال الأعوام من 1990 2007م إذن نخلص إلى القول بان الأزمة الاقتصادية في اليمن ليس هي حصيلة هذا العام أو العام الماضي فقط وإنما لما قبل ذلك ومنذ أول عام لتحقيق الوحدة اليمنية وما قبل ذاك التاريخ إذ انه قبل تاريخ تحقيق الوحدة ما قبل 1990م كان الوضع الاقتصادي لكلا الشطرين مأزوم إذ كان الشطر في الشمال يعاني من ديون خارجية وصلت إلي (أربعة مليار دولار ) تقريبا إلي يوم تحقيق الوحدة كما أن الشطر الشمالي كان قائم بدرجة أساسية علي المساعدات والهبات المقدمة من دول الخليج وتحويلات المغتربين. . . وأيضا كان الشطر في الجنوب يعاني من ديون خارجية وصلت إلي (خمسه مليار دولار ) تقريبا إلي يوم تحقيق الوحدة كما أن الشطر الجنوبي كان قائم بدرجة أساسية علي المساعدات والهبات المقدمة من الاتحاد السوفيتي ودول يسارية في نظم حكمها. وكان كلا الشطرين يفتقر لموارد دخل تنهض به تقدما وازدهارا وعدم توفر إمكانية الاستثمار لما حبا الله سبحانه وتعالى اليمن وما يتوافر لديهما من الموارد الطبيعية لان كلا الشطرين كانا محاربين اقتصاديا من دول جوار. وكما أسهم في تعميق الازم الاقتصادية عدم تبني أنظمة حكم الشطرين سواء كانت منفردة قبل تحقيق الوحدة اليمنية أو مجتمعه بعد تحقيق الوحدة لخطط تنموية اقتصادية ناجحة تقوم علي اعتماد وبناء مشاريع استثمارية وإنتاجية . إذن الأزمة الاقتصادية التي يعانيها اليمن جذورها يعود إلى ما قبل تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م واستمرت تتنامى وتتراكم اتساعا حتى اليوم والذي تعمقت وبشكل جلي حتى ظهرت على الواقع المعاش بالوقت الحاضر) و تتراكم آثارها لتظهر اليوم مؤشراتها ونتوقع وليس ببعيد وبالمستقبل غير البعيد أنها قد تفرز آثارها الاجتماعية والأمنية السلبية وبما يهدد الأمن العام والاستقرار الداخلي إذ ما تفجرت و ظلت ظروف الإنتاج علي ما هي علية أو ازدادت تراجعا نحو السالب وتزايد تقلص موارد الدولة الطبيعية واستمرار حالة الجفاف الذي أدى إلي انحسار رقعة الزراعة واستمر النمو السكاني بمعدل نسبته السنوية المحققة دون تنظيم النسل وظلت الأزمة السياسة بين الحزب الحاكم والمعارضة واتسعت ودون إحداث الإصلاحات السياسية وأفرزت الأضرار الاجتماعية والاختلالات الأمنية وبما قد ئؤدي إلي إحراق الأخضر واليابس ما لم يتم اتخاذ الحلول العملية لتقليص تفاقم الأزمة الاقتصادية وإحداث الإصلاحات السياسية . . . اتبع بالعدد القادم غدا الحلقة الثانية