عصام المطري
كنا قد اتفقنا أن محرقة غزة تعد درساً كبيراً للقيادات والزعامات العربية التي يجب أن تتجه صوب المصالحة العربية والتضامن العربي الفعال، وكنا قد خلصنا أيضاً إلى أن الكيان الصهيوني المزروع في جسد الأمة الإسلامية والعربية سيكون سداً منيعاً أمام السلام العادل المتكافئ في المنطقة، وأن السلام الحقيقي يعني رفع الصهاينة أيديهم عن الأرض المحتلة، وتعود كامل فلسطين عربية حرة أبية، فعلى الصهاينة الابتعاد عن أراضينا وعليهم التسليم بأحقية الشعب الفلسطيني في العيش حراً فوق أراضيه إلا أن الزعامات والقيادات العربية ذهبت تستجدي السلام استجداءً غير آبهة بما تفعله سياسة الاستجداء الخرقاء التي تفرض اليوم اعتراف حركة حماس بالدويلة اليهودية وهذا ما لم يحدث.
إن المفاوض العربي هزيل وضعيف جداً ولا يقوى على الحراك، فالضغوط التي تمارس ضد حركة حماس من أجل الاعتراف بدولة إسرائيل عملاً جباناً وقذراً، فالاعتراف بالمحتل تخلٍ عن المقاومة، ومن رابع المستحيلات أن تعترف حركة حماس بدولة المغتصب اليهودي ذلك لأن حركة حماس عصية على الترويض ولن يفسدها ما أفسد حركة فتح، فلقد اشترطوا لإدارة رحى السلام بالاعتراف بدولة الكيان الصهيوني من قبل منظمة حماس التي لا تعد منظمة إرهابية لأن الشعب الفلسطيني اختارها لتمثله في المجلس التشريعي فلما نجحت حماس في الانتخابات وشكلت حكومة وطنية على تراب فلسطين الطاهر قامت الدنيا ولم تقعد وضربوا حصاراً مروعاً على الحكومة الجديدة الوطنية فواجهت حماس تآمراً خارجياً وتأمراً داخلياً تمثل بمسلسل حركة فتح التآمري على الشرعية والاعتداء على الديمقراطية فلماذا لا نحتكم إلى صناديق الاقتراع؟! ولماذا لا نؤمن بالديمقراطية عند ترجيح كفة الإسلاميين؟ إنها أزمة العصر الحديث، فمطلوب من الشعوب الأوروبية تشكيل فرق ضغط على الكيانات السياسية الأوروبية تماشياً مع الديمقراطية.
فنحن في مسيس الحاجة إلى سلام آخر، فلنبحث عن سلام آخر يفرض بالقوة عندما تنهض الزعامات والقيادات العربية والإسلامية لتحمل كامل مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية حيث لن يتأتى ذلك إلا من خلال إعادة العافية إلى جسد الأمة السقيم عبر المصالحة العربية والإسلامية الحقيقية والشفافة، وعبر تفعيل التضامن العربي العربي، ومن خلال تنشيط العمل العربي المشترك بين الأقطار والأمصار الإسلامية والعربية وتفعيل التكامل العربي العربي والوصول به إلى الذروة السامقة أفضل بكثير من استجداء السلام استجداءً، فمطلوب بناء أنفسنا في هذه الفترة بناءً عسكرياً واقتصادياً يفوق البناء والاعمار العسكري والاقتصادي للكيان الصهيوني الغاشم من أجل أن لا نقف نشحت السلام شحتاً وهذا يفرض ضرورة تقارب الفصائل الفلسطينية في وجهات النظر والعمل على تطابقها وقطع شوط كبير في عملية الحوار والتوافق السياسي الوطني الفلسطيني، فنحن أمة واحدة ذات رسالة خالدة علينا أن نتنازل لبعضنا البعض ونغض الطرف عن بعض الممارسات الخرقاء ونوسع الصدور ونتجه صوب الوحدة الوطنية والإسلامية الشماء، فقوتنا تكمن في وحدتنا وعلينا أن نهيأ الأجواء لاتفاق فلسطيني كبير بين الفصائل الفلسطينية ولا نجعل من دولة الكيان الصهيوني القشة التي قصمت ظهر البعير فعلينا أن نتآخى ونتعاون فيما اتفقنا عليه وينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، والله المستعان. <