بقلم :ممدوح طه
في فلسطين والعراق ولبنان مثلما في الصومال والسودان تبدو جبهات المواجهة مفتوحة بين كل المشاريع الوطنية والقومية والإسلامية في تصديها بالسياسة وبالمقاومة للمشاريع غير المشروعة الصهيونية والغربية والإقليمية المرتبطة بها، وفي كل يوم يثبت مجددا أن التمدد الغربي إنما هو نتيجة للفراغ العربي، وأن الاستقواء الصهيوني إنما هو نتيجة للاستضعاف العربي، وأن الحضور الإقليمي الإيراني أو التركي المتنامي إنما هو معادل للغياب العربي المتنامي أيضا!
ومع ذلك فالمشروع الأميركي «الديمقراطي جدا جدا» في المنطقة الذي صممته إدارة بوش باسم «الشرق الأوسط الكبير» قد فشل في كل هذه الجبهات، وهو المشروع الذي غطى احتلاله للعراق وأفغانستان وتدعيمه للاحتلال الصهيوني في فلسطين بأكثر من غطاء لم يعد قادرا على التغطية على المؤامرات الدولية الكبيرة أو الإقليمية الصغيرة لاحتواء المنطقة وتنصيب إسرائيل النووية كقوة إقليمية وحيدة على كل القوى العربية والإسلامية.
وسواء بما يسمى ب«الحرب على الإرهاب» أي على أي حركة عربية أوإسلامية تقاوم الاحتلال الصهيوني في فلسطين أو الأميركي في العراق وأفغانستان، أو بما يسمى «حظر انتشار السلاح النووي» أي إبقاء السلاح النووي في يد إسرائيل فقط.
فقد انكشف المشروع الصهيو أميركي وسقط بعد ما حاول النفاذ من فلسطين تارة بالانقلاب على الديمقراطية الفلسطينية مرتين، مرة بحصار واغتيال الزعيم المنتخب ياسر عرفات، بعدما رفض التوقيع فى كامب ديفيد الثانية على التنازلات، وأخرى برفض الاعتراف بنتائج الانتخابات الديمقراطية التى صعدت حماس، فحاصرتها اقتصاديا وحاولت اغتيالها سياسيا بالانقسام الفلسطيني وعسكريا بالعدوان الصهيوني الإجرامي على غزة. . لكن تلك المحاولات لم تنجح حتى الآن بل حدث العكس. !
ثم حاول المشروع الصهيو أميركي لأسرلة الشرق الأوسط النفاذ من العراق ولم يفلح مرتين، الأولى حين خابت توقعاته باستقبال الشعب العراقي لجنود الاحتلال بالورود كما كانوا يتوهمون، واندلاع حركات المقاومة منذ الأيام الأولى للغزو واستمرارها إلى اليوم بما أجبرهم على وضع استراتيجية الانسحاب، وأخرى بفشل الترويج لنموذج الديمقراطية التفكيكية المحمولة على دبابات الاحتلال، والمغموسة بالموت والدمار وانتهاك حقوق الإنسان من المرور.
وهذا مايدعونا لأن نفهم أن استمرار الرفض الشعبي للاحتلال واستمرار مقاومته هو ماكان يعرف ب«الأسباب الأمنية» لتسلل الرئيس الأميركي السابق بوش وأركان إدارته في زياراته المفاجئة إلى العراق والبقاء خلالها في القاعدة الأميركية أو في المنطقة الخضراء، وهو ذاته ما اضطر الرئيس الأميركي أوباما للبقاء في المطار الذي هبط فيه أو الوزيرة الأميركية كلينتون، للتوجه إلى العراق خلسة في زيارة خاطفة.
ثم حاول من لبنان وهاهو يتهاوى بعد الفشل أيضا مرتين، الأولى بفشل مشروع الفتنة الطائفية والمذهبية والسياسية بتوظيف جريمة اغتيال الشهيد الحريري في تفجير لبنان وعزله عن سوريا و فلسطين، وأخرى بفشل العدوان العسكري الصهيو أميركي المباشر صيف 1906 في القضاء على المقاومة أو حتى على عزلها أو حصارها سياسيا في لبنان رغم ضراوة العدوان بل العكس هو الذي حدث، وليس هناك من نتيجة سوى تجديد الإثبات بأن الاستعمار مشروع فاشل و أن الفتن والمؤامرات والمشاريع المشبوهة خاسرة وسترتد على أطرافها. <