عبد الجبار سعد
العادة أن ا لناس يهتمون بالأوضاع الاستثنائية أو غير الشائعة ويتتبعون أحداثها وأخبارها ولكنهم لا يهتمون ولا يتحدثون عن الأوضاع العامة والشائعة بين الناس والتي تمثل القاعدة العامة.
فمثلا الناس في هذه الأيام يتحدثون عن مرض أنفلونزا الخنازير والإعلام العالمي يصب كامل جهده في تتبع حالات الإصابة بهذا الوباء عبر العالم ومنظمة الصحة العالمية تتبع خطوات هذا المرض وتطوره و تصدر التحذيرات للبشرية عموما عنه فيما يتفرغ المهتمون بالصحة في كل بلد وكل تكتل إقليمي يتتبع الحالة على مستوياتهم القطرية والإقليمية والناس لا يقولون أن في أمريكا أكثر من ثلاثمائة مليون إنسان صحيح و غير مصاب بأنفلونزاالخنازير ولكنهم يتحدثون عن بضع حالات لاتكا د تصل إلى العشرات حتى الآن وهكذا في بقية الدول لا يتحدثون كم عدد الأصحاء الذين لم يصلهم المرض ولكن يتحدثون عن الأفراد الذين أصيبوا به أو العشرات أوحتى المئات. .
وعلى هذا القياس فإننا نقف لكي نتأمل المشهد السياسي اليمني الذي نجم مؤخرا من خلال ظهور أعداد من الناس لنقل أنهم مئات أو آلوف أو حتى عشرات الألوف من اليمنيين مع أنهم لم يبلغوا بعد هذا القدر من الذين ظهروا لكي يعبروا عن موقف استثنائي تجاه الوحدة اليمنية و يعلنوا رفضهم لها وبأساليب لا يمكن أن تكون مريحة ولا مقبولة ولا مرضية لأي يمني عربي مسلم ممن يمثلون القاعدة العامة التي تشمل عشرات الملايين. . . ظهور هذا المشهد إعلاميا وتهويله ليس غريبا وليس بدعة مثلما أنه ليس دليلا على شيوعه ولا على خلو اليمن من الموقف النقيض له والمغاير له حتى في المحافظات الشرقية والجنوبية لكن الناس لا يتحدثون عن الوضع العام والشائع والقاعدة التي يمثلها الغالبية من الشعب اليمني في شمال الوطن وشرقه وغربه وجنوبه المعتزين والمحافظين بوحدتهم. . لكنها تعني أن هناك مرضا أصيب به البعض ولم يجد الاهتمام الكافي من قبل أصحاب الرأي والفكر والموقف سواء داخل السلطةأو خارجها وترك كي يستفحل حتى أصبح ينذر بالخطر على الجميع. .
ربما الآن أحس غير المصابين بهذا الداء بخطورته عليهم وعلى حياتهم الاجتماعية وأمنهم وسلامهم فوق خطورته على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم بل ودينهم ودنياهم وتاريخهم وقيمهم وأخلاقهم فالمشاهد التي نقلت عن تصرفات البعض تجاه أخوانهم المستضعفين من بائعي العربات والبسط على الطريق العام مشاهد ومواقف مخزية لا يرضاها أي إنسان ناهيك عن أن يكون هذا الانسان يمنيا عربيا ومسلما. .
إن للمواقف مقتضياتها وعلى قدر أهلها تظهر هذه المواقف ومواقف كهذه لا تظهر إلا نفوسا مريضة غير سوية ينبغي التلطف في معالجتها بالحجر أولا والوقاية للآخرين من وبائها واستخدام الأساليب الأكثر قدرة على إيجاد النتائج التي تعالج المرض و توقف انتشاره وتقي الناس أجمعين من شروره. . وهي مهمة الكبار والعقلاء في السلطة وخارجها.