بقلم / محمد ناجي المنتصر
عندما بدأ الحراك بطريقة سلمية وبمطالب حقوقية استبشرنا خيراً وهللنا لهذا الحراك بل أننا رقصنا فرحاً لصحوة هذا الحراك للمطالبة بحقوق شرعية وقانونية ودستورية باعتبار أن هذا الحراك سيصفنا نحن أبناء المناطق الشمالية حيث سنطالب بحوقوقنا من خلاله وبفضله لأن قيادة الحراك وتابعيهم ليسوا الوحيدين الذي لهم حقوقاً ضائعة أو غائبة أو تم تجاهلها فمعظم أبناء المناطق الشمالية لهم نفس الحقوق وأكثر لأنهم أيضاً قدموا تضحيات في سبيل هذا الوطن لم يتم إنصافهم من قبل الدولة إما عن طريق التجاهل المتعمد أو صرف تلك الحقوق لمن لا يستحقونها ولم نفعل كما فعل الحراك الجنوبي وهذا ليس جبناً وإنما اخترنا أن نؤثر الصمت لأن وضع البلاد لم ينعم بالاستقرار قط على الأقل إن الوطن كان ينتقل من مرحلة إلى أخرى بداية من العهد التشطيري ومروراً بتحقيق الوحدة ثم حرب 94م ثم العمليات الانتخابية هذه المراحل كلها تطلبت منا أن نتجاهل حقوقنا ونقف إلى جانب بلدنا حتى يتم تحقيق هذه الإنجازات المذكورة لاحقاً باعتبار أن إنجازات الوطن هي الحقوق السامية التي ناضل من أجلها آباؤنا أما حقوقنا فإنها ثانوية.
كل هذا الهضم الحقوقي والظلم من قبل الدولة وعدم إنصاف من له حقوق من أبناء المناطق الشمالية ونحن صابرون مفضلين الوطن على أنفسنا حتى أعلنت جمعيات المتقاعدين العسكريين وصولاً إلى الحراك السلمي في هذا الوقت بدأ شعورنا بأن من الواجب علينا أن نقف بقلوبنا وأفواهنا مع هذا الحراك لأننا نشعر ماذا يعني أن تحرم من حقوقك وترى غيرك يسلبها من الدولة إما باسمك أو عن طريق إدعاء النضال الكاذب وبأساليب رخيصة فتعطى الحقوق لمن لا يستحق ويحرم منها أصحابها، في حالة كهذه جاء الحراك ليكونوا بمثابة الأمل لمن له حقوق ضائعة إضافة إلى ما ردده أصحاب الحراك من شعارات تدعوا إلى محاسبة الفاسدين والقضاء على منابع الفساد من أجل هذا وقفنا إجلالاً في كل مكان نستطيع منه أن نؤيد الحراك أو أن نبين للناس نبل أهدافه فهذا واجب علينا ناهيك عما سنستفيد نحن من هذا الحراك الذي يمكن أن يتم إنصافنا من خلاله وبفضله وليس بفضل دولة أحسنت لمن أساء وأساءت لمن أحسن ، لكننا فوجئنا بالأمور تتعدى المطالب الحقوقية إلى مطالب تمس الوحدة الوطنية ولا تجرح مشاعر اليمنيين وحسب بل إنها تدمي صميم تلك المشاعر.
عندما كان موقفنا يؤيد الحراك لنيل تلك المطالب لم يدر في خلدنا أدنى شعور بأننا شماليون وبأن الحراك جنوبي فهذه تسميات تجاوزها اليمن وأبناؤه، بل إننا كنا على ثقة بأن الاستجابة من قبل الدولة لإعطاء حقوق مستحقة لأبناء منطقة ما، هو إنصاف لليمن الكبير لكننا بدأنا نشعر بالانتماء المناطقي عندما نحضر اجتماعاً ينعقد في محافظة الضالع لأبناء المناضلين والشهداء فقط يعترينا الحزن عندما يشعرنا أخواننا بأننا ضيف ثقيل عليهم ولكن رغم كل هذا لم نؤاخذ إخواننا على ذلك وأخذنا على أنفسنا أن نفكر بعقل كبير بحجم اليمن وقلب واسع سعة اليمن نسلي أنفسنا أن هؤلاء المناطقيين ليسوا أبناء الضالع بل إنهم شرذمة قليلة لا تعبر بأية حال عن أبناء المحافظة التي نحن منها.
لكن الذي مس صميم مشاعرنا هي الشعارات الهوجاء التي بدأ يطلقها الحراك الجنوبي هذه الشعارات التي تدعوا إلى العودة إلى الوراء والتخلي عن الوحدة وكأنها حلم بدأ وزال دون الندم عليه ، وبهذه الشعارات أنقلب الحراك على أهدافه المعلنة وأظهر بعض قادته الوجه القبيح الذي كان وراء المطالب الحقوقية كما أن هذا الحراك لم يعد القضاء على الفساد من مطالبه وإنما العودة إلى عهد التشطير البغيض.
فهل تدرك قيادات الحراك أو من يريدون الانقضاض على وحدة الوطن وتضليل من يسيرون وراءهم بأنهم بطلب الانفصال قد خسروا الكثير؟
ألم يدركوا أنهم خسروا تأييد أبناء اليمن من أقصاه إلى أقصاه وأنهم قد أظهروا الوجه الحقيقي القبيح الذي أخفوه وراء المطالب الحقوقية وأن هذه الرائحة النتنة ستتقزز منها أنوف اليمنيين جميعاً وأنهم بمطالبهم الانفصالية الأخيرة قد انقلبوا وخدعوا من أنساق وراءهم بدعوى المطالب الحقوقية وأن براءة هؤلاء الشباب الذين استغلوا طيبتهم ستنقلب عليهم ناراً آجلاً أو عاجلاً، وإنهم بهذا الطرح القذر قد أخرسوا كل من أيدهم أو أمل بهم خيراً أن تمنح له حقوقه بفضل هذا الحراك وهل يدركون أنهم بتكشيرهم أنيابهم لمحاولة عض الوحدة بأنهم قد أجبرونا أن نتجاهل حقوقنا كما تجاهلناها طويلاً لأجل الوطن لأن هذا نهج الشرفاء الذين يتسامون فوق الجراح دائماً إذا كان هذا التسامي لمقابل الوطن كما أنهم قد أجبرونا أيضاً التخلي عن الثورة على الفساد وأن علينا أن نتعايش مع الفساد إذا كان أربابه سيقفون مع الوحدة فإننا بلا شك سنكون مع من يدافع عن وحدتنا وإن كان الشيطان؟.
ثم أنهم بمطالبهم البعيدة المنال قدموا خدمات جليلة للمفسدين الذين يدعون بأنهم مدافعين عن الوحدة وقووا شوكتهم واستطاع المفسدين أن يجعلوا أبناء الشعب يلتفون حولهم ويغفرون خطاياهم كل هذا من أجل الحفاظ على الوحدة والمنجز التاريخي الذي يعتبره اليمنيون قضية حياة أو موت ولأن قيادات الحراك قد أظهرت الوجه القبيح وأعلنة صراحة أحلامها الانفصالية فإن الشارع اليمني مضطر إلى تصديق أرباب الفساد بأنهم مع الوحدة رغم ما أحدثوه من جراح بحق الشعب والوطن.
بهذه النفوس المريضة التي أظهرها قادة الحراك يكونون قد جعلوا النظام هو المستفيد بعد أن كان قد خسر الشعب وبدأ يعد أنفاسه الأخيرة.
أما قادة الحراك الانفصاليين ومن سار في فلكهم فقد خسروا أنفسهم أولاً وشعبهم ثانياً، لأنهم أوصلوا الوطن إلى منزلق خطير لكن عليهم أن يعلموا أن الوحدة هي المنجز الذي لا يستطيع الإنسان اليمني أن يضعها محل مساومة أو أن يفرط فيها.