بقلم :ممدوح طه
لو لم يكن هناك احتلال لما كان هناك وجود لحركات المقاومة السلمية أو المسلحة، ولو لم يكن هناك احتلال عسكري بالقوة المسلحة لما عرفت الشعوب طريقها إلى المقاومة المسلحة، ولو لم تكن فلسطين محتلة لما كان هناك أي نوع من المقاومة لا بالانتفاضات الشعبية السلمية ولا بحركات الكفاح المسلح.
فالمقاومة الوطنية ليست غاية في حد ذاتها بل هي الوسيلة الطبيعية في مواجهة القوة المحتلة، فلا مقاومة لمجرد المقاومة وإنما المقاومة لتحرير الأرض من المحتل أو لجعله يدفع ثمناً غالياً لاستمرار احتلاله، إذا لم تجدِ السياسة، وإذا لم تفلح المفاوضات والمؤتمرات والقرارات الأممية في إنهاء الاحتلال، أو لإسناد ظهر المفاوض السياسي، حيث إن ما تجنيه السياسة على طاولة التفاوض ما هي إلا ثمار للمقاومة وعائد للتضحيات.
ولو لم تكن غزة تعاني من الحصار العبري والدولي والعربي، لما انتشرت الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية لتمرير الغذاء ووسائل المعيشة الضرورية للشعب المحاصر، ولو كانت المعابر العبرية والعربية مفتوحة لحركة الأفراد والغذاء والوقود بشكل طبيعي ومنضبط لما نشأت ظاهرة التهريب عبر الأنفاق، ولو كان العرب متحدين وأقوياء في مواجهة المحتلين الصهاينة نصرة للشعب الفلسطيني، لما استمر الاحتلال ولما تواصل حصاره وعدوانه.
ولو كان خطاب العرب السياسي والإعلامي أقوى في محاججة القوى الدولية التي تنحاز إلى الاحتلال وتصف المقاومة بالإرهاب، وأقوى في الدفاع عن الحق المشروع للشعوب الواقعة تحت الاحتلال في المقاومة الوطنية لتحرير بلادهم من الاحتلال الأجنبي كما أكدته المواثيق والقرارات الأممية في أكثر من وثيقة وفي أكثر من قرار، لما تجرأت إسرائيل أو أميركا أو الرباعية الدولية من طرح شروطها غير المتوازنة التي تدافع عن أمن الاحتلال وتهاجم أمن الشعوب المحتلة !
بل ولو صدر عنهم رسمياً في رسالة واضحة إلى العالم أن الاحتلال هو ذروة الإرهاب، وأنه بموجب هذا الحق الإنساني المشروع دفاعاً عن النفس وعن الأرض، وعن حق الحياة الآمنة وحق الحرية الوطنية، فإن حق دعم المقاومة ضد الاحتلال في أي مكان من العالم هو واجب على جميع الدول قبل أن يكون حقاً للشعوب غير قابل للحظر، وأن إنهاء الاحتلال «بكل الوسائل» بالسياسة أو بالمقاومة هو الأولوية الأولى ومسؤولية جميع الدول الحرة، وليس وقف ما يسمونه بالعنف أو بنزع سلاح المقاومين أو بتهريب السلاح للمقاومين.. لما استمر الاحتلال والعدوان ! .. هل يعقل مثلاً أن ننحاز لمنطق الاحتلال الظالم المجافي لكل منطق حينما يطالب الشعوب التي يحتل أراضيها بالقبول بالاحتلال والاستسلام لإرادته؟!.. وماذا ينتظر قاتل لأطفال شعب أو لص سارق للأرض والمياه والبيوت بالاحتلال والاستيطان بالقوة؟!.. هل يتوقع مثلاً أن يلقي هذا الشعب على جنود الاحتلال الورود، أم أن يقيم له حفلات التكريم؟!
وهل يجب أن نطالب المقاوم أن يلقي سلاحه قبل تحرير الأرض؟!، أو أن نقاوم نحن المقاومة بدلاً من دعمها؟!،أو أن نمنع السلاح عن المقاومة قبل أن يقوم المحتل بإنهاء احتلاله، أم الأصح أن نطالب العالم بحظر السلاح عن المعتدين المحتلين؟!.. ثم ما هو البديل السياسي للمقاومة في ظل رفض المحتل التسليم بالحق في الاستقلال وبالحق في عودة اللاجئ إلى أرضه، وعودة الوطن المغتصب بالقوة إلى شعبه؟!