عبدالباسط الشميري
العنصرية الطائفية والمناطقية القروية كلها مسميات قذرة ممقوتة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا وتربويا وأخلاقيا وإنسانيا محليا وعربيا ودوليا ولان ( 150) عاما على بدء نشاط اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليس بالأمر الهين أو الفترة القصيرة بل تجاوز عمر هذه المنظمة الدولية القرن والنصف فالمدة التي انقضت من عمر هذه المنظمة أو الهيئة الدولية ازعم أنها كافية لتغيير الفهم وإقناع الناس في شتى بقاع الأرض بضرورة وجودها وبمشروعية عملها وبصحة حياديتها رغم كل الشكوك والمخاوف التي تساور البعض في عالمنا ككل والعالم العربي على وجه الخصوص والحقيقة ان هناك دوافع وأسباب ربما كانت وراء هذا الانطباع السائد لدى كثير من الناس في المشرق والمغرب العربي لكن وبرغم كل المأخذ التي يتحفظ بموجبها الناس على عمل ونشأة هذا المركز الصحي ألخدماتي الإنساني الدولي المتنقل نعود فنؤكد بأن وجود هذه المنظمة أفضل من غيابها ولأسباب عدة لعل أبرزها حاجة كثير من بلدان العالم وفي هذا التوقيت العصيب الذي يمر به العالم اليوم من تصاعد في أعمال العنف واتساع رقعة الحروب والنزاعات الدولية والصراعات الإقليمية في أفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية وحتى في أوروبا وبلدان أخرى تقع في هذه القارة أو تلك ولأن مناسبة مرور مائة وخمسين عاما على قيام هذه المنظمة تستدعي منا وقفة جادة وحقيقية للنظر والتمعن في ايجابيات نشاط ومهمة هذه المنظمة وبصورة واضحة لا لبس فيها وحقيقة ما دفعني لطرح مثل هذا الحديث وفي هذا التوقيت الهام والخطير الذي تمر به شعوب المعمورة هو هذا الانفعال والنزق الدولي والشهية المفتوحة لدول عظمى في عالمنا لشن الحروب وإشعال الفتن وتحت دعاوى ومبررات او مسميات ما انزل الله بها من سلطان على سبيل المثال ليس إلا تحرير العراق من الحاكم الوطني كون الرئيس الراحل "صدام حسين" وكما يزعمون انه قد أباد من شعبه - وبحسب المحاكم التي نصبها الاحتلال الامريكي بعد الغزو - مائة شخص من أبناء شعبه حاولوا الانقلاب على حكمه و اغتياله فجاءت جيوش الدول العظمى ممثلة بأمريكا وبريطانيا وحلفاء كثر للقصاص من الشهيد صدام حسين ونصرة الشعب العراقي وتبعات هذا التحرير وكما يعرف القاصي والداني قد تجاوز الرقم مليون عراقي وعراقية هذا بخلاف مئات من الفتيات العراقيات تم اختطافهن واغتصابهن وحرقهن او دفنهن أحياء وما حدث في معتقل ابو غريب لم يكن سوى مشهد من عشرات أن لم يكن من مئات المشاهد التي كانت تصحو وتنام عليه الأسرة العراقية وما زالت ولأنه كان للصليب الأحمر الدولي دورا بارزا لا يستهان به في كشف خيوط معتقل أبو غريب ثم كانت التحقيقات وفاحت رائحة الجريمة عبر قنوات التلفزة ووسائل الإعلام العالمية والإقليمية والعربية وصولا الى فضح وتعرية الاحتلال الأمريكي القذر كما أن تواصل بعض الأسر العربية مع أولادها في معتقل جوانتانامو كان أيضا عبر هذه المنظمة أو بسبب نشاطها كذلك لا ننسى الدور الإنساني الذي قامت به فرق الصليب الأحمر الدولي في الأراضي المحتلة وسبق لي ان استمعت من احد الأشقاء الفلسطينيين الذي زار بلادنا في فترة سابقة حيث أكد لي بأنه تواصل هو ومجموعة من أقربائه ورفاقه مع إخوانهم المعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني عبر الصليب الأحمر الدولي بل البعض منهم وبحسب ما أفاد كانوا لا يعرفون مصير أولادهم أو إخوانهم وتفاجئوا بوجودهم في المعتقلات وعبر اتصالات وتنسيق قامت بها فرق الصليب الأحمر في الأراضي المحتلة واستطاعوا اثر ذلك زيارة المعتقلين داخل سجون الاحتلال لهذا اقو ل إن علينا شعوباً ودول العالم الثالث ان نتفاعل مع هذا العمل الإنساني الطوعي وبغض النظر عن أية اعتبارات أخرى ولسبب بسيط هو وجود ما يزيد على (11) إلف فلسطيني وفلسطينية يقبعون في سجون الاحتلال والوصول إليهم أمر في غاية الصعوبة كما لا ننسى ان سجون الاحتلال الأمريكي في العراق ما تزال مليئة بإخوان لنا أيضا والعلم عند الله عن مصير آخرين هذا ناهيك عن بقية المعتقلين في جوانتانامو وفي أماكن أخرى قريبة أو بعيدة ولأن المناسبة التي نتحدث عنها تهم الصليب الأحمر الدولي وتهم عدداً واسعاً من عالمنا اليوم فإننا ندعوا اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبصورة عاجلة الى القيام بزيارة الأشقاء في سجون الاحتلال ومد يد العون لهم وهذا حسب اعتقادي لا يعفينا كأمة عربية وإسلامية عن القيام بالدور والواجب الإنساني والأخلاقي وقبل ذلك الواجب الديني تجاه إخواننا الفلسطينيين وغيرهم وإضاءة شمعة خير من البقاء في الظلام ثم أعيد واكرر ومهما كانت المأخذ على عمل هذه المنظمة فالمفترض ان نعرف ماذا نريد وماذا نفعل لنصرة الأشقاء وهذا يحتم علينا استخدام كافة الوسائل والأدوات الممكنة والمتاحة للوقوف الى جانب المظلوم ونصرته بل يستدعي هذا منا استغلال كل فرصة ومهما كانت وكيفما كانت وبغض النظر عمن يقدمها للوصول للسجناء او في سبيل استعادة حقوقنا المسلوبة خاصة ولم يعد امام النظام الرسمي العربي اية خيارات اخرى وكما يتحجج الساسة العرب غير السلام أو الاستسلام الأمر لا يعنينا طالما ونحن أصحاب حق ودعاة عدالة وحملة مشروع حضاري وإنساني رائد لا يضاهى وهذا خيار ربما يعد الأضعف لكن ما باليد حيلة وكما هو معروف في المجتمعات العربية الذين أطلقوا هذا المثال والله المستعان.