بقلم :احمد عمرابي
تعمير قطاع غزة أضحى أحجية. مواد البناء اللازمة محظورة إسرائيليا دخولها القطاع. إسرائيل تقول إنها لن ترفع الحصار عن القطاع المضروب عليه حتى قبل العدوان الإسرائيلي في ديسمبر يناير إلا إذا غادرت حكومة «حماس» السلطة واعترفت بإسرائيل. وقيادة «فتح» تعزز المطالبة الإسرائيلية الابتزازية.
والدول «المانحة» الغربية تطرح الشرط نفسه. والدول العربية المانحة بدورها لا تقول شيئا بينما تلتزم عمليا بإجراءات الحصار. مضت على نهاية العدوان الإسرائيلي حتى الآن نحو ثلاثة شهور والدمار الشامل الذي خلفه باق على حاله. ولا تدل مؤشرات الأفق إلا على أن أمد المأساة سيطول إلى أجل غير مسمى.
في عددها الأخير روت مجلة «الاكونومست» اللندنية حكاية فلسطيني في القطاع كنموذج لحال غيره. تقول الرواية إن محمد خضر وأسرته المكونة من زوجة وستة من الأبناء والبنات يقيمون داخل خيمة أنشئت من بطاطين وسجاجيد.
خلال الهجمات الإسرائيلية اضطرت الأسر للفرار إلى منزل ابنتهم المتزوجة بعد أن تلقى منزلهم ضربة مباشرة بصاروخ إسرائيلي. وبعد أن انتهى العدوان وانسحبت القوات الإسرائيلية عاد محمد خضر وأسرته إلى منزلهم ليجدوه كومة من أنقاض. وحتى حظيرة الدجاج التي تتكسب منها الأسرة سحقتها بدجاجها الجرافات الإسرائيلية.
محمد خضر تضيف الرواية واحد من مئات الألوف من أهل قطاع غزة الذين أصبحوا متشردين. ووفقا لتقديرات وكالات الأمم المتحدة فإن 4300 منزل طالها التدمير و15 ألف منزل آخر أصيبت بأضرار. ليس هذا فحسب. فالدمار الإسرائيلي أصاب أيضا شبكة المياه وشبكة المجاري والشبكة الكهربائية. . والحصار الإسرائيلي يمنع دخول المعدات اللازمة لإصلاح هذه الشبكات. ومن بين النتائج انتشار الأمراض بما في ذلك الإسهال والتهاب الكبد التي تنتج عن تناول الماء الملوث. . في مؤتمر المانحين الدولي الذي عقد من أجل إعادة إعمار قطاع غزة والذي شاركت فيه دول غربية مع دول عربية وصاحبته حملة إعلامية ضخمة بلغت وعود التبرعات الغربية والعربية إجمالا أربعة مليارات ونصف المليار دولار.
لكن اتضح لاحقا أن الوعود مصحوبة بالشروط السياسية الإسرائيلية التي تتبناها الدول الغربية رسميا وعلنيا وتلتزم بها الدول العربية تطبيقيا دون إعلان.
يقولون إن تعمير قطاع غزة بات رهينة للخلاف بين فتح وحماس حول تشكيل حكومة توافق وطني.
لكن الأمر ليس كذلك تماما لأن وضع مثل هذه الحكومة محكوم بشروط غربية إسرائيلية تطرح عبر فريق فلسطيني.