كروان الشرجبي
أحياناً كثيرة أخرج لقضاء أعمال في الصباح أي في حدود الساعة العاشرة في هذا الوقت بالذات دائماً أرى طلاباً يتسكعون في الشارع سواء كانوا بالزي الأساسي أم بالزي الثانوي.
قد يقول البعض وكيف تراهم أليس لديها عمل تقوم به ؟ أنتم على حق ثلاثة أيام في الأسبوع لا أراهم لأني أكون في الجامعة " أدرس طلابي" أما بقية الأيام فإني أراهم ولا داعي لذكر أسماء المدارس.
على العموم منظر هؤلاء الطلاب المتسكعين في الشوارع يوحي للناظر بأن مدارسنا الحكومية بدون رقيب ولا ضابط. وإلا كيف يخرج هؤلاء الطلبة للتسكع أثناء الدوام المدرسي وعددهم ليس بالقليل دفعني فضولي قبل يومين لأن أسأل أحد طلاب المرحلة الأساسية فسألته عما إذا كان اليوم المدرسة سمحت لهم بالمرواح مبكراً؟ وكانت أجابته لي لما سؤالي هذا ؟ فاضطررت أن أخبره أن أبناً لي يدرس في نفس المدرسة وما أردت إلا التأكد فقط فعلى الفور أجابني بأنه في التاسع وطلاب الصف التاسع لا يوجد لديهم التزام بالحضور والغياب مثل البقية.
صراحة قلت في نفسي قد يكون هذا الطالب يكذب حتى يخلص نفسه من ورطة. وبدأ فضولي يزداد ويكبر بداخلي وعرفت أن عدداً لا بأس به من تلاميذ الصف التاسع يدرسون في نفس المدرسة وهم في نفس الحي الذي اسكن فيه لم أتردد لحظة وذهبت إلى منزل أحدهم وكان هذا الطالب معروفاً لدى الجميع بالذكاء والتفوق ويتصدر المركز الأول دائماً.
وبعد السلام والتحية سألت أم التلميذ عما أذا كان ولدها يذهب إلى المدرسة أم لا؟ فكانت إجابتها مملؤة بالغضب عن أي مدرسة تتحدثي عن المدرسة التي يدرس بها ولدي فهي لا مدرسة ولا تشبه المدرسة إلا بالاسم فقط هل سمع أحدكم عن مدرسة لا تدرس طلابها شيئاً؟ وعن مدرس يكلف التلاميذ بمراجعة الكتاب دون أن يكلف نفسه عناء الشرح؟ هل تعرفين أن لدي دفاتر فاضيه وليس فيها سوى بعض الدروس واختبارات لا يخضع لها التلاميذ امتحانات تجريبية لم تجري لهم سوى مادة الرياضة والإنجليزي أما بقية المواد ليست في المقرر بالله عليك أي تعليم هذا وماذا يتعلم أولادنا؟
صدقيني لو كنت أمرأة عاملة كنت سأعمل على نقل ولدي إلى مدرسة خاصة ولكني عمدت إلى إدخاله معهداً خاصاً يتم فيه شرح الدروس للتلاميذ بعد أن توقفت عن الكلام وجدتني صامته قالت لي بأسف " هل أوجعت رأسك بكلامي هذا" فأجبته فوراً لا بل قمت بتوضيح الأمر لي ووضعت أمام عيني حقيقة واقعة ومؤلمة لحال طلابنا في المدارس فسألتها عما إذا كان باستطاعتي أن أكتب حواراً بيني وبينها فوافقت على الفور لأنها أرادت أن يعرف الكل ما تعانية الأسرة والقلق على الأولاد ومستقبلهم لأن التعليم الآن "مش زي" زمان "كما تقول".
وخرجت من منزلها وأنا في دهشة تامة مما سمعت ورحت أسأل نفسي " أهذا هو حال التعليم لدينا ماذا يضر إذا اهتمت المدرسة بطلابها؟ ولماذا طلاب مرحلة الصف التاسع دائماً يهملون ؟ وأقول هنا بحكم خبرتي كتربوية المفروض أن يتم التشديد أكثر على طلاب الصف التاسع والثالث ثانوي وأن تكثف لهم الاختبارات الشهرية ويتم اخبارهم أن عليهم اجتياز الاختبارات بنجاح حتى يتمكنوا من دخول الامتحان لأن هذه العلامات سترفع إلى لجنة الامتحانات. فهذا سيجعل الطلاب يبذلون قصارى جهودهم في بداية السنة
وكذا ستكون عملية الانضباط منتظمة وعندما يحين موعد الامتحانات الوزارية لن يجد الطلاب أي مشكلة في المذاكرة لأنهم كانوا يستذكرون دروسهم لذا سيكون الامتحان سهلاً عليهم لذا فإن ما يحصل الآن يعتبر إهمالاً وتقصيراً بحق طلابنا وكأننا ندفعهم نحو الفشل.أن انتشار المدارس الخاصة في عدن لم يأتي من فراغ بل انتشرت نتيجة لعزوف كثير من الأسر عن المدارس الحكومية لما وجدوا فيها تقصير وتسيب فقليل من الاهتمام لا يضر . فأولادنا هم المستقبل المنشود هم الأمل. هم الحلم المنتظر.
وما هكذا يعاملون!!
KARAWAN2001@HOTMAIL.COM