بقلو/ ممدوح طه
في فلسطين كما في العراق ولبنان وأفغانستان، تضيع العدالة عندما يكون المعتدي المحتل هو المحقق والقاضي والجلاد في جرائم الحرب التي ترتكبها قوات المعتدين أو المحتلين ضد المدنيين الأبرياء العزل، وغالبا ما ينتهي التحقيق في محاكمهم الصورية بإدانة القتلى أو بتحميل المسئولية للضحية، وعندما تكون الجريمة غير قابلة للطمس يتم تحميلها في المحاكمات الصورية لصغار الجنود وبأحكام مخففة لا يمكن أن تتوازى عقابا مع فداحة الجرائم !!
وإذا تولت الأمم المتحدة أو المجلس العالمي لحقوق الإنسان، غالبا ما لا يتعاون معها المعتدون لإجراء التحقيق بل ويمنعون الوصول إلى مواقع الجريمة أو الاتصال بالضحايا أو أهاليهم أو بالشهود.
وعندما يملك المحققون من الأدلة الدامغة ما يدين، يحاولون الضغط عليهم يشتي الوسائل كي لا ينشروا تقاريرهم، وإذا صعب عليهم ذلك يسعون إلى توزيع مسؤولية دم الضحايا بين القاتل والقتيل، وإذا بدا ذلك صعبا، سعوا بشتى الوسائل لتخفيف لهجة الإدانة وتلطيف وصف الجريمة حماية للقاتل على حساب القتيل، ومع ذلك لا يسلم التقرير من الإدانة ولا ينجو مصدره من العقاب !!
حدث هذا مع التقرير الذي أعدته لجنة التحقيق الأممية عن «مذبحة قانا الأولى» التي ارتكبتها قوات العدوان الصهيونية على لبنان عام 1982، وفي تحقيقات «مذبحة قانا الثانية» في العدوان الصهيوني الوحشي ضد لبنان في صيف 2006، تماما مثلما حدث مع جرائم انتهاكات حقوق الإنسان البشعة في سجون أبو غريب وغوانتامو من قبل قوات الاحتلال الأميركي، وفي وقائع إجرامية مماثلة كثيرة ضد المواطنين المدنيين الأبرياء في العراق وأفغانستان في شريط مؤلم ومثير للاشمئزاز لجرائم الاحتلال التي تبقي بلا عقاب رادع !!. .
وآخر المشاهد في هذا الشريط هو ما يتصل بالتحقيقات الدولية من منظمات ومحاكم في جرائم الحرب البشعة التي ارتكبتها قوات العدوان الصهيوني ضد المواطنين المدنيين الفلسطينيين المحاصرين العزل في غزة التي تفوق في وحشيتها وإجرامها مجازر قانا الأولي وقانا الثانية، والذي آخر ما صدر منها حتى الآن التقرير الأممي الخاص بالجرائم التي ارتكبت على مقار الأمم المتحدة فقط وليس على الشعب الفلسطيني في غزة.
وقد أدان التقرير الأممي إسرائيل في اعتداءات خلال عدوانها الإجرامي، وخلص إلى تحميلها مسؤولية انتهاكات خطيرة للقانون الدولي في ستة اعتداءات بالقصف الجوي والبري على مقار الأمم المتحدة خلال العدوان الإسرائيلي أدت إلى قتلى و جرحى مدنيين فلسطينيين باستخدام الفسفور الأبيض. .
وتقدمت ليبيا بمشروع قرار إلى مجلس الأمن لإجراء مزيد من التحقيقات في الجرائم الصهيونية الأخرى في عدوانها على غزة، ليصبح المطلوب هو ضبط وإحضار المجرمين الصهاينة ومن عاونهم في كل الجرائم من الاحتلال إلى الحصار إلى العدوان على غزة والقدس أيضا.
ولأنه كالعادة في مثل هذه التحقيقات الدولية لابد أن تتوزع جريمة القتل بين القاتل والقتيل تنفيذا لإرادة المتنفذ الأميركي في المنظمة الدولية وحتى لا تغضب حليفتها إسرائيل، (ورغم ذلك غضبت إسرائيل)، فقد حمل التقرير في إحدى الهجمات التسع، مسلحين فلسطينيين مسؤولية إطلاق النار على مخزن للغذاء تابع للأمم المتحدة في غزة، وهو ما يبدو مجافيا للمنطق، أفلم يجد هؤلاء المسلحون الفلسطينيون ضد المعتدين الإسرائيليين إلا مخزن الغذاء الذي يغيثهم ليحرقوه ؟. . وكأن هؤلاء الفلسطينيين لا يكفيهم حصار وتجويع الصهاينة لهم بل أرادوا محاصرة وتجويع أنفسهم أكثر !!!. <