خالد علي البذيجي
في وقت كان العالم العربي يرزح تحت أمواج عاتية من التشتت والظلام الدامس لاح في الأفق بصيص أمل قادم من أكوام الظلام معلناً للعالم ميلاد شمعة مضيئة في سماء العروبة الحالك السواد تبعث الأمل بقرب إنبلاج الفجر من ألسنة الليل القاتمة وانقشاع سحب الذل والتمزق الجاثمة على صدر الجسد العربي المنهك راسمت آمال الغد القادم الحالم باتساع دائرة النور وانتشارها في أنحاء الجسد العربي من الخليج إلى المحيط تلك الأرض الحالمة بالتحرر من القيود التي تحاصرها وتقيد حركتها من أجل السير بخطى واثقة نحو الأمل المنشود غاية كل عربي يؤمن بعروبته ويحمل مثقال ذرة من رمال الوطنية وحب الانتماء ويهفو إلى مستقبل أكثر إشراقاً وقوة تعود فيه للأمة مهابتها المفقودة وتتقمص كرامتها المسلوبة وتستعيد حقوقها المنهوبة وتجتمع القلوب المتنافرة والمتناحرة على طاولة واحدة لتحقيق آمال الجماهير الكبيرة من أجل حياة كريمة ومستقرة لقد مثل العرس التاريخي الكبير والحدث الهام المتمثل في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 من مايو 1990م الخطوة الأولى للوصول إلى الهدف المنشود المتمثل بالوحدة العربية الشاملة لقد كانت خطوة جريئة جمعت شطري الجسد اليمني الواحد وأعادت لحمته معلنة مستقبل شعب وميلاد وطن في عناق أسطوري جميل ليحل التقارب بدلاً من التمزق والشتات لتلتئم الجروح ويستعيد الجسد عافيته بعد سنوات من الضيم والضياع عانى منها شعبنا الأمرين وتجرع الالام لسنوات طوال إنها الوحدة تلك البلسم التي ضمدت الجروح والقبس المنير الذي يضيء طريق المستقبل المنشود حاضرة شعب وكرامة أمة ورمز للقوة والشموخ منجز طالما حلمت بتحقيقها الملايين وناضلت من أجلها منجز غير قابل للمتاجرة وحق لا يقبل المساومة كونها ملك للجماهير اليمنية والعربية أيضاً وليست ملكية خاصة قابلة للبيع بالمزاد يتغنى به الملايين في طابور الصباح تلك هي الوحدة معشوقة الملايين.
لقد شعرت بنوبات من الألم والحسرة حيث اضحت أشباح الخوف تتراقص في كياني تخيفني أكثر من أي وقت مضى جراء ما قرأت وسمعت في ظل زوبعة إعلامية صاخبة يشعلها الحاقدون على الوطن في ظل ظروف عالمية شديدة التحول في عالم تحكمه المصالح ولغة المادة.. لقد بات على الجميع في السلطة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني واجب مقدس لحماية الوحدة والعمل على تماسك النسيج الاجتماعي وزرع ثقافة الألفة والتسامح بين أبناء الشعب الواحد كما يقع على عاتق الأجهزة الإعلامية العامة والخاصة مسؤولية كبيرة في نشر ثقافة المحبة وتوضيح ما يلتبس من الأمور وكشف الأخطاء والممارسات غير المسئولة دون تحيز أو تمييز. وعلى الدولة التعامل بجدية وإرساء مبدأ العدالة وفرض سيادة القانون على الجميع أياً كانوا سواء كانوا مروجي المناطقية ودعاة التشرذم أو مختطفي السياح وقطاع الطرق والعمل على حل إشكالية الأراضي في كل محافظات اليمن طبقاً للقانون ورفع المستوى المعيشي للمواطنين كما أن الحال يستدعي وضع أو صياغة تشريع خاص يحرم المساس بالوحدة والسلم الاجتماعي بالتعاون مع السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس النواب والهيئات ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني للوصول إلى صياغة تحافظ على الوحدة مقبولة من الجميع تلبي آمال الملايين من أبناء الشعب من أجل حياة كريمة تصان فيها الحقوق وترسم آمال الغد المشرق لكبح جماح دعاة التشرذم والقضاء على الفتنة في مهدها فالاختلاف رحمة والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية والحوار المسؤول هو بوابة الخروج من المأزق الحالي في إطار الدستور وتحت سقف الثوابت الوطنية وفي الأخير نقول الوحدة وجدت لتبقى وليذهب دعاة التشرذم إلى الجحيم.<