فارس الصليحي
"فساد ومفسد وفاسد" ألفاظ تؤدي لغرض ومعنى واحد، تشمئز الأنفس عند سماعها وتعتصر ألماً ، ترفضها كل الشرائع السماوية والقوانين الأرضية الوضعية، ربما لو أن لها عيناً لبكت دموعاً لا يسعها بحر ولا محيط، ولو أن لها ما يتمشى بهن لمشت تجوب الصاحري والبراري بحثاً عن مخلص يخلصها من نفسها.
العالم بأسره يطاردها الكل يتربص بها واحتياطات أمنية مشددة ترصدها محلياً ودولياً وأجهزة إستخبارية غادرة تتعقبها على مدار الساعة والدقيقة والثانية، وإنها كابوس أشبه "بطوفان نوح" وأقوى طاقة من يأجوج ومأجوج.
إنها تصطاد كل طبقات وفئات المجتمع دون أكتراث أو تريث لا تفرق بين غني ولا فقير حاكم أو محكوم، سياسي أو أساسي، هناك نفوس تعشق الصلاح، وهناك نفوس تعشق الفساد، نحن هنا ؟؟؟ الإيمان والحكمة التي نتغنى بها حين نصبح ونمسي لا نفارق الحديث عن سرطان الفساد المستشري بكل مفاصل وكيان المرافق الحكومية والمؤسسات والقطاعات العامة والخاصة.
فخامة الرئيس حفظه الله يشكو ونائبه ومستشاريه يشكون ورئيس مجلس الشعب ونوابه ونواب الشعب ورئيس الحكومة ونوابه وأعضائه ورئيس مجلس الشورى وأعضائه والمحافظون ونوابهم والسلطة المحلية والتنفيذية والقطاع الخاص واللقاء المشترك والوطن والمواطن كل هؤلاء من رأس إلى أخمص الوطن يشكون ويبكون من هذا الغريم المجرم الغاشم المجهول حتى الآن حيث وجد المفعول به وجهل الفاعل ، وأصبح كل هؤلاء حائرين الكل يسأل الله ويبتهل أن يأتي اليوم الذي يخترع فيه الأطباء قناعاً واقياً من هذا الداء أو جرعة تحصين تحد من انتشاره.
طيب يا أمة الصلاة ، أمة محمد من الذي سلم من هذا الداء وتوابعه في مجتمعنا اليمني طالما لم يبق ، حاكم ولا محكوم إلا ويشكو وهل صحيح ويعقل ما يردده سياسيون وخبراء من أنهم اكتشفوا لاحقاً أن الفئة الوحيدة التي يعجز فيروس الفساد عن اصطيادها باليمن هي " الهيئة العليا لمكافحة الفساد" سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم كم هي محظوظة هذه الفئة بالذات من بين كل أهل العلم والإيمان والحكمة، لو علم كل يمني هذا الخبر لتمنى لو كان عضواً فيها أو عاملاً ولو مراسلاً أو فراشاً على الأقل ليضمن عدم وصول فيروس الفساد إليه..
وقد أجريت دراسات وبحوث عالمية تقدم بها أكبر علماء وبروفسورات الأرض لمعرفة "الفاسد الحقيقي في المجتمع، ورغم مرور عشرات السنين على هؤلاء الباحثين والعلماء في بحثهم إلا أنهم وصلوا لطريق مسدود في كشف الشخص المصاب بهذا الفيروس الخطير قبل توليه أي منصب سياسي أو إداري وقفوا عاجزين عن أختراع أي جرعة أو مستحضر لمكافحة فيروس "الفساد" إلا أنهم وصلوا لقناعة عامة بأن الفاسد الحقيقي ليس من يسرق ويعبث بالحق العام أو حقوق الأشخاص فحسب وإنما من يكون سبباً في تعذيب وتجويع من حواليه وموظفيه في الجهاز الإداري العام أو الخاص وكل من كان مسؤولاً عنهم بمختلف القطاعات والإدارات والأقسام. ويرى الباحثون والعلماء أن لا يكتفى من كان هذا حاله بعزله فقط من منصبه وإنما أن ينزل به أقصى عقوبات الجزاء والتعزير كونه يكون منفياً عن أعين صناع القرار ظاهره رحمة وباطنه عذاب ويكون سبباً في خلق فيروس الفساد القاتل بين فئات وطبقات المجتمع بسرعة تفوق فيروس فقد المناعة بآلاف المرات وأخيراً ترى متى ستعلن القيادة السياسية باليمن الحرب على هذا الفيروس الغاشم وتحول دون انتشاره قبل أن يقع الفأس بالرأس ويصبح ضحاياه الأجيال الوطنية البريئة القادمة فقد يقطع الحبل الحجر ولو بعد حين".