بقلو/ محمد خالد الأزعر
من تصاريف القدر تزامن صدور ثلاثة تقارير عميقة الدلالة بالنسبة لصحيفة إسرائيل الجنائية دولياً: الأول والثاني عن كل من مكتب الشؤون الإنسانية ولجنة مناهضة التعذيب التابعين للأمم المتحدة، والثالث عن القضاء الأسباني.
خلاصة التقارير أن إسرائيل ارتكبت في حربها الأخيرة على غزة انتهاكات خطيرة وتعمدت استهداف موظفين ومؤسسات للأمم المتحدة. وقتلت مدنيين عزل لاذوا بهذه المؤسسات، واستخدمت أسلحة خطرة كالفوسفور الأبيض بلا مبررات عسكرية.. وأنها تعذب معتقلين فلسطينيين وتخفي بعضهم تماماً في معتقلات سرية، لابد من كشفها وفتحها للتفتيش وأن القضاء الإسرائيلي بكافة مستوياته، بما في ذلك محكمته العليا، ليس موضعاً للثقة.
صحيفة يديعون أحرونوت قالت إن تقارير الأمم المتحدة من شأنها إثارة زلزال دبلوماسي ضد إسرائيل وستفتح إمكانية جرجرة مسؤولين إسرائيليين كبار إلى محافل قانونية عالمية وتغوص بهم في وحلٍ سياسي عميق. لم يشارك في إعداد هذه التقارير أي طرفٍ فلسطيني أو عربي أو حتى إسلامي، ولا تضم لجان التحقيق الدولية أي عضو من حركتي فتح وحماس..
ومع ذلك تفتق ذهن الساسة الإسرائيليين عن حل يدعو للسخرية، هو اتهام معدي التقارير (جميعهم للمصادفة) بالتحيز وعدم الموضوعية واللا توازن وتجاهل الوقائع وتضليل الرأي العام (كذا). معظم الحقائق المشار إليها في التقارير جرت على الهواء مباشرة، وعاينتها الخليقة كلها عبر البث الفضائي. لكن ليس للتبجح الإسرائيلي حدود.
نتيجة هجوم الإسرائيليين المضاد، المدعوم بمحاسيبهم الدائمين، اتخذ بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة موقفاً مراوغاً مائعاً. فوصف تقارير لجانه المختصة بأنها استشارية لا أكثر. وأن أمرها لن يتعدى التحقيق إلى خطوات أخرى جزائياً. وفي أسبانيا تنصلت الحكومة والنيابة العامة من موقف القضاء باعتبار أن «أسبانيا لا تريد التحول إلى دركى عالمياً».
وحده القاضي الأسباني أندريو ثبت على موقفه الشجاع. صدور هذه الوثائق والسجال الذي دار حولها يمثل إرهاصة لافتة، تشي بأننا إزاء صحوة حقوقية دولية تُقدم للمعنيين، فلسطينيين وعرباً وغيورين دوليين على عالم القانون والعدالة، طرف حبل متين ينبغي الاعتصام به ومتابعته، وصولاً إلى تحطيم صلف دولة درجت على العصيان القانوني.
إذا كانت إسرائيل بحالها الموصوف بالديمقراطية قد ارتكبت كل الموبقات والجنايات ضد الفلسطينيين ومحيطهم العربي، فكيف الحال بها إذا ما صادق العالم على كونها دولة يهودية صرفة، أي دولة عنصرية بالتعريف على قاعدة التمييز الديني وتوابعه؟.<