شكري عبدالغني الزعيتري
إن ما ظهر لنا مؤخرا من إجراءات وتصرفات ارتجالية فما دللت وأشارت لنا إلا بأنه يصح لنا الذهاب بالقول والتعبير أمامها ربما اجتمع المجتمعون من أعضاء الحكومة وتشاورا فيما بينهم واتفقوا علي مبدءا مفاده تحجيم حرية الصحافة. . . واجمعوا على مسلك مضمونه قصقصة أجنحة الصحفيين وأصحاب الرأي والتعبير عنه. . وذهبوا بإلاجماع لقادة وزارة الإعلام وقادة وزارة العدل وأعضاء مجلس القضاء الأعلى علي إنشاء محكمة متخصصة يكون مقرها بالعاصمة صنعاء للنظر في قضايا الصحافة والمطبوعات والنشر وربما تحت مبررات عديدة منها أن قضايا الصحافة والمطبوعات تعتبر ذات نوعية تستدعي سرعة الفصل فيها. . ومنها الحرص علي عدم تشتيت قضايا الصحافة والمطبوعات في أكثر من محكمه. . ومنها أن قضايا الصحافة والمطبوعات تحتاج إلي مهنية عالية لدي قضاة محاكم يكون لديهم فهم لدور الصحافة وتقديرا لرسالة الصحافة والصحفيين في إسهامهم باتجاه بناء ثقافي وإيجاد وعي مجتمعي والاهتمام بالقضايا العامة وبان واجب علي الحكومة الاهتمام بهم وبمؤسساتهم وبأن يخصص لهم محكمة متخصصة فهذا ما قد يحاول رجال السلطة ذات الاختصاص أن تقنعوا به النخبة من مثقفين وسياسيين وغيرهم في الساحة. . أما المبررات التي طرحت للعامة في الشارع اليمني أن بعض الصحف تنشر ضد الوحدة الوطنية والمصلحة العليا للوطن وتقوم بالتحريض للخروج علي القانون والنظام وبث الكراهية والعداء بين أبناء الشعب اليمني الواحد والدعوة لتمزيق وحدة الوطن اليمني والاستغلال للنهج الديمقراطي والإساءة للديمقراطية و الخروج عن حرية التعبير بما يضر الآخرين والوطن والشعب الموحد والاعتداء علي الدستور والقوانين النافذة. . . الخ. أما محاولة إقناعنا نحو الصحفيين والكتاب ولما يمكن لذوي الاختصاص من أهل السلطة طرحه لنا من مبررات بان وجود محكمة متخصصة للصحافة و لنا الكتاب وكافة الصحفيين هو حمايتنا من تعسف رجال الأمن واضطهاد الفكر الحر من قبل بعض رجال السلطة وحمايتنا بموجب ما ينص عليه الدستور والقوانين. . وأمام هذه المبررات و الطرح ولكل فئة لما يقنعها وحسب هواها نرد بالقول وعلي سبيل المثال وليس الحصر
أولا : لم تستطع السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب حماية عضوه\ وفق ما ينص علية الدستور ومقرة للعضو النائب من حصانة بأن يحمي نائبه ( البرطي ) بأن يحترم الدستور والحصانة من قبل وزارة العدل ووزارة الداخلية والأمن. . ولم تستطيع السلطة التشريعية التي يقال أنها سلطة الشعب إجبار السلطة التنفيذية على إخراج النائب البرطي من السجن ليتم إتباع وتنفيذ ما ينص علية الدستور من إجراءات تجاه هذا العضو (البرطي ) بان يعطي له الحق الدستوري و التمتع كنائب عضو في مجلس النواب بما اقره له الدستور من حصانه كفلها له حيث كان من المفترض علي السلطة التنفيذية الحكومة العمل وفق الدستور والحقوق السياسية التي يقرها للعضو النائب بان تقوم أولا رفع الشكوى بالنائب (البرطي ) إلى مجلس النواب والذي بدوره يقوم بالتحقق لما جاء في الشكوى وعبر لجنة الدفاع والأمن التابعة لمجلس النواب وفي حالة إن ثبت ضد النائب البرطي التهمة يقوم المجلس بسحب الحصانة عنه وفق ما ينص علية الدستور ومن ثم تقوم وزارة العدل ووزارة الداخلية إخضاع العضو النائب للعدالة والقانون كسائر المواطنين. . ولكن الحكومة أمام قضية النائب البرطي (قدمت الخيل قبل العربية ) وتجاوزت الدستور والحصانة والسلطة التشريعية ومجلسها النواب.
ثانيا : أننا لم نسمع سابقا أن صحفي حمته أجهزة الأمن من التعسف الأمني من رجالها. ولم نسمع أن القضاء يوما حمي صحفي من السجن ومن تعسف السلطة التنفيذية. ولم نسمع أن السلطة التشريعية وقفت أمام السلطة التنفيذية أمام مخافتها لقانون الصحافة والمطبوعات الذي أصبح اليوم منقوصا وقاصرا تجاه ضمان حرية الصحافة ومؤسساتها المعارضة وفق ما يقره الدستور والقانون للصحفيين. . وبما لا يلحق الضرر بالوحدة الوطنية والوحدة اليمنية ولتفادي تعرض العامة للتحريض والفوضى والتخريب وتعرض البلد لتهديد التمزيق والشرذمة.
ثالثا : نقول سابقا وقبل إنشاء محكمة واحدة متخصصة لقضايا الصحافة والمطبوعات وفي ظل كثرة المحاكم وكثرة القضاة ووجود أعضاء مجلس النواب لم تتم حماية حرية الصحافة وفق القانون. .
رابعا : اليوم نتساءل: هل يمكن أن تحمي حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير من قبل وزير العدل في حين لم تحمي من الحكومة بكاملها وفي ظل محكمة واحدة في حين لم تحمي من محاكم كثر ومجلس القضاء وقضاته. . ؟. وهل يعقل أن تحمي حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير من الذين لم يثبت لنا سابقا و أمام كثير من القضايا التي رفعت إليهم وعبر محاكم متعددة وقضاة كثر ومازالت معلقة ويماطل البت فيها وإصدار أحكام قضائية لها لتفصل بين المتخاصمين. . وكنا غالبا ما نري سوى أن قضاة المحاكم الكثرة يقفون بانحياز كامل إلى جانب السلطة وأشخاصها وضد أهل الصحافة ودورها وكتابها. . . ؟ وهل ستستطيع اليوم محكمة واحدة بعدد قاضي ومعاونين جلب تلك الحماية والعدالة وحماية الحرية للرأي والتعبير وبما يؤدي إلي الفصل العادل بين الصحافة ودورها وأصحابها ومفكريها وبين السلطة وحكومتها وأشخاصها. . . ؟ ونقول إن استطاعت هذه المحكمة المتخصصة التي تم إنشائها وخصصت للصحافة وكوادرها أن تخرج العدالة من غياهيب الظلام مع أننا نشك في ذلك فحينها ستستحق هذه المحكمة وأشخاصها (جائزة نوبل للسلام بالعام القادم ) اقلها منا نحن اليمنيين. . ونخلص بالقول إن حقيقة وباطن ما قامت به الحكومة ومن خلال قادة وزارة الإعلام وقادة وزارة العدل وقادة القضاء الذين يصح لنا اليوم بأنهم اظهروا بان قضاة وسلطتهم القضائية ما هم الا تابعين للسلطة التنفيذية و غير مستقلين وان ما جرى إنما يهدف به ومن خلال إنشاء محكمة متخصصة للصحافة يكون مقرها العاصمة صنعاء للنظر في قضايا الصحافة والمطبوعات ما هو إلا لردع الصحفيين وإيقاف الصحف التي لا تعجب السلطة وأيا من أشخاصها إذ أصبح أشخاص السلطة يرون أن الصحفيين أصبحوا اليوم ومن وجهة نظر رجال السلطة التنفيذية مثلهم كمثل العملاء الذين يعملون ضد أواطنهم ولصالح دول خارجية أخرى معادية. . وتراهم السلطة بأنهم كمثل الخونة ممن يتجسسون علي أوطانهم ولصالح بلدان أجنبية وتراهم مثل المخربين لأوطانهم كسائر فئات الإجرام ممن خصص لهم محاكم خاصة تسمي في بلدان عربية عديدة (بمحاكم امن الدولة). . فهل يعقل أن السلطة أصبحت اليوم تري الصحافة ووسائل أعلام جماهيرية (معارضة) ما هي إلا أوكارا للإجرام بحق الوطن والشعب وترى أن الصحفيين وأصحاب الرأي مجرمين يحتاجون لمحكمة خاصة، إذن نقول علي الدنيا السلام إن كانت النظرة هكذا للمثقفين وأصحاب الرأي ومؤسساتهم التي لها فوائد كثيرة للشعب والوطن أكثر من سلبياتها وتشبيهها بأنها تأخذ مواقع المؤامرات ضد الوطن والشعب وينظر لصفوة من المثقفين في المجتمع بأنهم اكبر ضررا والأخطر علي امن الدولة واستقرار البلد. . . بينما حرية الصحافة والرأي وهذه الوسائل الإعلامية ودورها ونخبتها من المثقفين والكتاب الصحفيين وكادرهم يقوون بأعمال وطنية كبيرة لصالح الوطن والشعب ومنها علي سبيل المثال وليس الحصر : (1) خلق التنوع الفكري وإثرائه عند العامة والخاصة (2) فتح باب النقاش الحر والمفتوح ومتعدد الأطياف والآراء وبما يعمل علي تنمية النظرة الشمولية لجوانب الحياة لليمنيين عامة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. . . الخ) (3) الإسهام في التعريف بالدين الإسلامي الحنيف ونبذ التشدد و التطرف الديني وتقليص التعصب عند أهله والعامة وتقريب وجهات النظر بين مجريات التقدم والتطور الحياتي والعلمي وبين معتقدات رجال الدين المتعصبين (4) تبادل الثقافات والعلوم بين الناس والمجتمعات (5) تنمية الوعي المجتمعي في شتى جوانب الحياة(السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. . . الخ ) (6) تعريف العامة بالمشاكل التي تتهدد مجتمعهم لدفعهم للإسهام في معالجتها (7) الإسهام في تصحيح وتعديل المسار الخاطئ لبعض رجال السلطة المستغلين لسلطانهم من خلال تعرية أخطائهم التي ترتكب بحق العامة والوطن أمام العامة لتشكل ضغط ضد تلك المخالفات و الأخطاء المرتكبة وبالتالي الدفع بمرتكبيها الذهاب نحو التصحيح إجبار (7) تسهم في بناء المجتمع في كافة شئون حياته من خلال تشخيص القضايا العامة محل الخطاء وتحليل أسبابها واقتراح معالجتها (8) تسهم في بناء ثقافة وعلم الفرد وتصحيح وجهة نظر الأفراد الخاطئة تجاه قضايا عامة ولما حوله من حراك قائم في مجتمعه سواء(السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. . . الخ). (10) الإسهام في تعزيز النهج الديمقراطي والتربية علي ديمقراطية بنائه من خلال إشراك العامة في التعرف ومناقشة قضايا عامة وشئون دولتهم (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. . . الخ). (11) تسهم في بناء ثقافة وعلم الفرد وتصحيح وجهة نظر اعتقادات الأفراد الخاطئة تجاه جوانب في شئون حياتهم الفردية أو الأسرية أو المجتمعية. . . الخ. من والفوائد التي تحققها حرية الصحافة ودورها ومؤسساتها وحرية الرأي والتعبير عنه. . . و أخيرا نخلص بالقول بان ما ذهبت إليه الحكومة من إنشاء محكمة متخصصة يكون مقرها العاصمة صنعاء للنظر في قضايا الصحافة والمطبوعات ما هو إلا تصعيد للتوجه نحو المزيد من تقليص حرية الصحافة والرأي وتحجيم أصحابها وتكييف كل نقد أو تعبير أو رأي حر ولما يمكن أن يطرحه أصحابه ويكون ليس في صالح السلطة أو أشخاصها. والتي ستكون تحت سيطرة السلطة التنفيذية وبشكل يوفر المقدرة الأكثر والسطو الواسع على إدارتها كمؤسسة قضائية واحدة لأنها ستكون فقط (منفردة) و مكونه من جهة واحدة المحكمة المتخصصة ولها عدد محدود ثلاثة أشخاص (قاضي ومعاونين) وبالتالي يسهل على أشخاص السلطة التنفيذية توجيهها وان هذا التوجيه لن يكون مفضوحا إذ سيقل انتشار تسرب فضائح التوجيه والتلقين لمصوغ الأحكام القضائية لأنه يلقن لقلة ولعدد (قاضي واحد ) ولن يكون هذا التوجيه والتلقين مكشوف لأنه سيكون (سري بين اثنين لا ثالث لهما رئيس المحكمة المتخصصة وقادة السلطة التنفيذية الآمر ) هذا ما نخشاه أن يتم في وجود محكمة قضائية واحدة متخصصة لقضايا الصحافة والنشر. . وأخيرا نقول : و إن وجدت أحيانا أخطاء من بعض ومن جيل أصبحوا في حالة من الخرف العقلي والفكري بان حملوا فكر انفصالي عفاء علية الزمن واضمحل بان طعنوا في الوحدة الوطنية والوحدة اليمنية من صحفيين. . فهل يعقل بان يتم دحض كل جميل وخير للوطن والشعب لأجل بضعت نفر أو صحيفة ما. والذهاب بالمنع لكل جميل ومفيد ولأجل منع الخطأ القليل من الغث. . <
Shukri_alzoatree@yahoo. com