عبدالكريم المدى
لا أعتقد -والمسألة هنا تاريخية وحضارية ووجودية - أن هناك شيئاً أو شعباً اسمه شعب الجنوب العربي" والذين يهتفون بهذا الشعار الغريب لا يبتعدون أبداً عن إحدى الثلاث الحالات الآتية الأولى: أنهم أصيبوا بحالة الصرع والثانية لم يقرءوا التاريخ اليمني، بمعنى مشكوك انتمائهم ومعرفتهم بهذا البلد، والثالثة ربما تعرضوا لمغريات ومؤثرات خارجية أفقدتهم الصواب والتفريق بين الحق والباطل مما جعلهم يخترعون تواريخاً لشعوب من نسج الخيال أشبه ما تكون بأفلام الكارتون للأطفال أو أفلام "هوليود" التي تقيم شعوباً وأمما وحروباً في مجموعات شمسية أخرى خارج مجموعتنا الشمسية.
هذا بالنسبة للزعامات الاسطوانية لما يعرف ب"الحراك".
أما بالنسبة لمن يقعون تحت مخدرهم الخطاباتي بالبطولي التحرري "المدلوز" وهم بالطبع قلة قليلة من إخواننا وأبنائنا في بعض مديريات محافظتي لحج والضالع فهؤلاء 90% منهم وأكثر لم يجدوا لهم عملاً وبالتالي وقعوا تحت تأثير الضائقة المالية التي لا تبقي ولا تذر وكما يقال "الجوع سافر" هذا من جانب ومن جانب آخر إن أولئك الشباب المراهقين الذين هم في الأساس من جيل الوحدة المباركة لم يذوقوا مرارة التشطير ومآسي الحكم الشمولي، سيما إذا ما كان يستند لفلسفة الدماء ونظريات مستوردة تحرم على الرجل تسيير شؤون حياته أو حتى امتلاك مسكن تزيد غرفة عن اثنتين.
نقول : ما يؤسف له حقاً إن الدولة وبمختلف المشارب الفكرية ونوعية المصالح لأمرائها لم تفقه بعد دروس "طنش تعش" ولم يستوعبوا أيضاًَ من دروس عدم الاكتراث بالأخطاء وتجاوزات بعض المسؤولين والموظفين والنافذين. الذين يحلو لهم تكريس المقولة الدارجة "كل واحد يعمل خراجه".
لا يختلف اثنان مطلقاً على أن هناك مشكلة ما في بعض المحافظات الجنوبية وربما مثلها بل وضعفها أيضاً في المحافظات الشمالية التي إلى اليوم تبدو أكثر حرصاً على العيش ولو بالحد الأدنى بدلاً من الهوان والتمزق وألسنة الدخان والتسول الرسمي والجماعي الذي ينشده أولئك الشجعان الجدد الذين يدعون أبناء الشعب اليمني إلى قتل أنفسهم وتفتيت بلدهم جهاراً نهاراً. . على أية حال مما لا شك فيه أن ما يجري في بعض المديريات في محافظتي الضالع ولحج بقدر ما فيه شطح ومبالغات وقفز على الواقع والتاريخ ومحاولة تعطيل لعقول الناس بمختلف مشاربهم الفكرية ومشاعرهم الوطنية فيه أيضاً شيء بحاجة إلى معالجة وتفحص دقيق وواعي لأصل المشكلة التي اتخذها أولئك المناضلون الجدد ذريعة للخروج عن ثوابت الوطن وتعاليم الدين الاسلامي الحنيف الذي يدعو المسلمين إلى الوحدة وجمع الكلمة حتى وإن كانوا مختلفين ثقافة ولغة وجغرافيا فما بالنا بلغة واحدة وجغرافيا واحدة وعادات واحدة ولون شعبي ومشترك تاريخي وحضاري واحد كشعبنا اليمني الذي يمتد تاريخه الواحد واسمه إلى حوالي "10" آلاف عام قبل الميلاد.
بعيداً عن التفاصيل وتأكيد المؤكد نقول الوضع في تلك المديريات بمحافظتي الضالع ولحج وبقية المحافظات أيضاً في الشمال والجنوب الذي تطور تدريجياً وخصوصاً"هذه الأخيرة" حتى وصلت إلى ما وصل إليه، وكان فيه ما فيه من تغذية خارجية وتراكمات ومظالم وأخطاء سلطة وموظفين تعاملوا مع المواطن والثروة والمشاريع والاعتمادات والضرائب بشكل غير محترم أو وطني.
هذا الوضع بحاجة عاجلة إلى معالجة بوعي وحرص ووطنية. <