عصام المطري
ترى بعض النخب الثقافية والفكرية أن حياة التبذل الثقافي ستولي حيث لا رجعة مؤكدين عزمهم على إنعاش الحياة الثقافية والفكرية التي بدأت بالذبول إذ يرى مراقبون ثقافيون وفكريون أن الأزمة الحقيقية المدوية التي تحياها الأمة الإسلامية والعربية مردها إلى ضعف الانتماء للدين الإسلامي الحنيف عقيدة وشريعة ومنهاج حياة حيث انقسمت مجاميع الأمة إلى إسلامي وإلى علماني تحت سقف واحد في زمن العولمة والفضائيات التي باتت تغزو الأوطان.
لأن الثقافة الإسلامية واحدة من دعامات ومقومات العالم الإسلامي والعربي فإن ذلك يستدعي منا بذل الغالي والنفيس من أجل تعميم هذه الثقافة في أوساط الشرائح الاجتماعية وفي تموضع النشئ والشباب على وجه الخصوص، وهذا لن يتأتي إلا بمضافرة الجهود وأن يكون هنالك قرار سياسي داعم لذلك التعميم من أجل أن تخرج من حياتها الخواء الثقافي الذي أرق عالمنا الإسلامي والعربي الكبير في هذا الزمن الصعب.
وما زال يعاني من أزمة الثقافة الإسلامية والعربية المتمثلة بالخواء الثقافي الناجم عن تقسيم الناس إلى "علماني" وإلى "الإسلامي" حيث يستعر باطن الأرض اليمنية بالصراخ الخفي الشديد بين قوى "العلمانية" وقوى الحركة الإسلامية في البلاد علماً بإن قوى العلمانية هي المسيطرة الآن.
وتأسيساً على ما سبق تجدر الإشارة إلى أن الخواء الثقافي سقم ومرض خيم على الثقافية الإسلامية والعربية في جميع الأقطار والأمصار الإسلامية والعربية حيث لم يتمكن النظام الإسلامي والعربي "الرسمي"من الفكاك من شراك هذا السقم والمرض الخبيث بفعل قصر السياسات، وتخبط المشاريع الأمر الذي فرض على جميع الأقطار والأمصار الإسلامية والعربية برامج تنموية عرجاء مشوهة.
وإذا كانت الثقافة الإسلامية والعربية تعيش حالة مخاض حقيقية لقاء تنامي الوعي الإسلامي في الأوساط الشعبية والجماهيرية فإن ذلك مدعاة إلى التفاؤل، وإلى التحرك الجاد والمضي من أجل تبويئ الثقافة الإسلامية مكانة سامية بين ثقافات العالم، ويبقى القرار السياسي الحكومي الرسمي هو سيد الموقف نحو بعث المارد العربي والاسلامي الجفول العصي على الترويض.
لقد غابت من على السطح السياسي المشاريع والبرامج والخطط التنموية الثقافية في العديد من البلدان والأمصار الإسلامية والعربية فمن يقول بوجود مشروع سياسي وثقافي لدى أي دولة عربية إسلامية يكون بالطبع كاذب ، فالبلدان والأقطار الإسلامية والعربية تحكم من خلال قانون الطوارئ وتعليق الدستور، وتجميد مختلف المشاريع الثقافية والفكرية والمتمثل بالمشروع الإسلامي نظراً للصحوة الإسلامية العارمة التي نحياها في اليمن وفي العديد من الأمصار الإسلامية والعربية، فالمشروع النهضوي التقدمي الإسلامي هو المشروع الرائد الفالح على وجه هذه البسيطة إذا ما قارناه بالمشاريع الثقافية والسياسية الأخرى.
وحري بنا ونحن نلج الألفية الثالثة أن نرفع شعار "الإسلام هو الحل" ذلك لأننا جربنا المشاريع والشعارات العلمانية ولم تزد الأمة إلا تخلفاً في العديد من مجالات الحياة العامة المتعددة والمتنوعة السياسية والثقافية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية والأمنية والعسكرية وغيرها الكثير من مجالات وميادين الحياة العامة على نحو صعب معه الانطلاق إلى عالم جديد مشفوع بالتقدم والرفاه والتطوير والازدهار.
لقد أصبنا اليوم بالخواء الثقافي جراء السياسات السطحية غير الممنهجة التي لم تنتم إلى الدين الإسلامي الحنيف، فكانت الطامة الكبرى في أن ظهرت أجيال تصل إلى ما بعد الجامعة وهي تعاني من خواء ثقافي ولا تعرف شيئاً عن الحياة الثقافية الإسلامية ولا تعقل أي جديد في سماء الإبداع وفي فضاء التألق.. أجيال لا تعرف عن ثقافتها الإسلامية شيئاً بفعل التجهيل العلماني الممنهج.
بيد أنه في الأعوام الأخيرة بدأ الشباب يجنح إلى دراسة الثقافة الإسلامية من جديد.. ثقافة القرأن الكريم والسنة النبوية المطهرة وكان له ذلك من خلال الصحوة الإسلامية المتنامية أفقياً في معظم الأقطار والأمصار الإسلامية والعربية التي تشهد نوعاً من التألق والإبداع صوب معانقة الحقيقة، والتحليق عالياً في فضاءات السعادة المجتمعية والحياة الحرة الكريمة في هذا الوطن المعطاء.